رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

حينما يود قلمى أن يكتب شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه حائرا بين أمرين شديدين، أولهما أنه فرح فخور لتكليفه بهذه المهمة الشريفة، وثانيهما أنه خائف متردد ألا يكون على قدر المسئولية، حائر متحير أينجح أم لا؟ متسائل متعجب ما الذى سأختاره لأسرده من سيرة منيرة عظيمة لأشرف مخلوق وأعظم رسول أرسل لهذه البشرية.

رسولٌ أنار بِعِظم خُلُقه ظلمات هذا الكون البائس، فجاء لنا بميثاق ومنهج ربانى عظيم نمشى على دربه لنَنَجَى ونصل لبر الأمان، رسولٌ قدَّم لنا صورة للمثل الأعلى فى كل شأن من شئون الحياة الفاضلة كى نجعل منها دستورا نتمسك به ونسير عليه، فلا ريب أن الإنسان مهما بحث عن مثل أعلى فى ناحية من نواحى الحياة فإنه واجد كل ذلك فى حياة رسول الله على أعظم ما يكون من الوضوح والكمال لذلك جعله الله قدوة للإنسانية كما قال الدكتور الفيلسوف محمد سعيد البوطى فى كتابه فقه السيرة النبوية.

ومازال قلمى حائرا فى تكليفه هذا ويقول: هل سأقدم سردا يُوفيه حقه؟ أو وصفا يُبرز عِظم منزلته؟ أو تحليلا يُبرئ ساحته من تهم مكذوبة وضيعة ألصقوها به حقدا وكرها وتعصبا وجهلا؟ هل سيُسعفنى مخزون كلماتي؟ هل سيُكفّيه وصفى المتواضع؟ هل ستكفى حروف اللغة وكلماتها فى مدح خلق واحد من مجمل أخلاقه؟ فكيف لمن مدحه رب العزة فى ملكوته أن يستطيع بشر أن يُعدد صفاته؟ ولكنه ماضٍ فى سرده عسى الله أن يغفر له زلاته وسقطاته.

وإن عددتُ صفاته وأخلاقه فمن أين أبدأ وإلى أين سأنتهي؟ أأتكلم عن صدقه وخالص أمانته والتى شهد بهما أعداءه قبل أصدقائه؟ أأتحدث عن إنصافه وعدالته أم إقدامه وشجاعته وجسارته؟ أأتحدث عن تواضعه الجم مع الجميع وهو رسول الله الخاتم؟ أم أذكر أصالته وكرمه وعطاءه وبذله وإحسانه؟ إن تكلمت عن إيثاره سأقصر فى سردى وإن عدّدتُ مواقفه العظيمة الجمة التى تُبرز إيثاره للآخرين حتى لو على حساب نفسه وحتى إن كان لا يملك إلا أقل القليل وحتى إن كان يحتاج بشدة ما يُعطيه لغيره إن طلبه، وإن تحدثت عن حيائه فكان أشد حياءً من العذراء فى خدرها، وإن ذكرت زهده فستتعجب كثيرا إن سمعت قول السيدة عائشة فيه: لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت فى يوم واحد مرتين، أما إن أوضحت درجات صبره فلن يُغنيك موقف واحد لأن حياته بتفاصيلها وفصولها ما هى إلا وصف دقيق لملحمة عظمى من الصبر والاحتساب والرضا بكل حكم ومقتضيات القضاء والقدر من أول ميلاده وحتى لحظة وفاته وانتقاله للرفيق الأعلى.

أعلم علم اليقين أن ليس فى مقدورى أن أوفى الحديثَ عن أخلاق الرسول–صلى الله عليه وسلم–حقَّه مهما اجتهدت وأصررت وبالغت؛ وإنما هدفى أن أشير لعظمته ببيانٍ مقصر عاجز، ووصف متواضع بسيط ولا أزعم أنى أستطيع الاحتواء و الإحاطة بكل تفاصيل مكارم أخلاقه؛ إلا أننى أشعر وبشدة أن العالم كله اليوم بحاجة إلى أن يبرُزَ أمامه هذا النموذجُ الفريد، والمثل الأعلى والقدوة الإنسانية المتفردة الاستثنائية الفذة على مر التاريخ.

من أجل ذلك كله لا بد لنا جميعا صغارا وكبارا التعرض باستمرار لفهم كل مواقف السيرة النبوية الشريفة والتعمق فى فهم مجرياتها وأحداثها تعمقا حقيقيا لا يقتصر فقط على مجرد القراءة والفهم بل يندرج تحت منظومة أشمل وأوسع من السلوكيات الفاضلة النابعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة.

ولأنى أؤمن بالتعلم بالتجربة إيمانا كبيرا لكونه يثبت المفاهيم بشكل أكبر فى العقول، فلم لا يتم تخصيص حصص تحمل مواقف لخُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم تمثيلها بين الأطفال بعضهم البعض كمدارس اليابان لتعليم الصغار فى المدارس أن الأخلاق–والتى حمل نبراسها وبُعث ليُتمم مكارمها رسول الله- هى منهاج الحياة ودستور الأمة والتى بدونها ستسقط الأمم وتنهار الحضارات.

[email protected]