رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

 

المؤكد أن اتفاقات السلام أو التطبيع التى يتم توقيعها بين بعض البلدان العربية وإسرائيل، سوف تؤثر فى تصوير الشخصية العربية والشخصية الإسرائيلية فى الكتابات الصحفية والأدبية لدى الطرفين، سوف يقوم الكتاب والصحفيون والإعلاميون والسياسيون بعملية تجميل، فلن يظل اليهودى الإسرائيلى هو الصهيونى المحتل القاتل الذى يغتصب ويسرق ويدبر الشر فى الخفاء، ولن يعد العربى فى الأدبيات الإسرائيلية هو الجاهل الذى يرعى الغنم أو يركب الجمل.

هذا التحول كان موضوع كتاب لأستاذنا د. محمد سعيد فرح أستاذ الاجتماع بآداب طنطا، متعه الله بموفور الصحة، فقد أصدر سنة 2011 عن دار العين للنشر بالقاهرة، كتابًا بعنوان «تغير صورة اليهود فى الأدب العربى»، وقد كنت قرأت عنه ولم أطلع عليه، اتصلت بمدير دار العين، وتفضل مشكورًا بتوفير نسخة من الكتاب، وهو يتكون من تسعة فصول، تناول فيها أستاذنا الفاضل صورة اليهودى فى الأدبيات العربية قبل وبعد الحرب، وقبل وبعد عقد اتفاقية السلام، الذى وصفه بالسلام الأعرج.

حرب 1948 كانت النقطة الفاصلة أو بداية التحول فى رسم صورة اليهودى، فقد بدأت منذ هذا التاريخ حتى حرب 1973، مرورًا بعدوان 1956 ونسكة 1967، الرؤية والكتابات تتلون بالسياسة، وكان من الصعب، حسب أستاذنا د.فرح، أن يتناول أحد الكتاب، بسبب غياب الحريات، صورة إنسانية لجاره اليهودى.

قبل حرب 48 كانت الكتابات القصصية والروائية والمسرحية والسينمائية تتناول عم شاؤول أو كوهين، وخالتى سارة فى صورته كجار له سماته وعاداته وحسناته وسيئاته، والشواهد على هذه الصورة كثيرة ومتعددة، وأوضحها د. فرح فى أعمال إبراهيم المازنى، وإحسان عبدالقدوس، وبعض أعمال نجيب محفوظ الأولى، وغيره من الكتاب العرب، صحيح كانت صورة اليهودى اقرب للنمطية، البخيل، النفعى، التاجر، الطبيب، لكنه فى النهاية كان أحد الجيران الذى نحمل له نفس التقدير والاحترام الذى نكنه لعم بطرس وغبريال وعبدالله، ومحمد، لكل منهم خصاله وحسناته وسيئاته.

بعد الحرب دب الرعب فى قلوب البعض، وتلونت العلاقات ووجهات النظر بالأراء السياسية، وكذلك ظهرت العصبية الدينية، وهاجر عم شاؤول، وهاجرت سارة، وعم شحال، تركوا منازلهم وتجارتهم ووظائفهم وغادرا بلادهم، بعضهم إلى بلد الميعاد، وبعضهم إلى أوروبا وأمريكا، وقد صورت الأعمال المسرحية والسينمائية آنذاك حالة الرعب ولملمة الأشياء والمغادرة.

حكايات الحرب والدمار وصورة اليهودى الغادر الدموى والسفاح سادت وسائل الإعلام والحكايات فى المقاهى، وتأثرت الكتابات والأعمال السينمائية، وتبدلت الصور القديمة، ودخل القاموس مفردات جديدة عنيفة ومدببة وقاتمة، استخدمت فى رسم الشخصيات الجديدة، الشىء نفسه ظهر بشكل واضح فى الأدبيات الإسرائيلية، حيث رسموا صورًا قاتمة ومشوهة للشخصية العربية.

كتاب تغيير صورة اليهود فى الأدب العربى يحتاج إلى طبعة جديدة، وقراءة متأنية، خاصة وأن أستاذنا د. سعيد فرح بذل جهدًا شاقًا فى جمع المادة وتوضيح تباين الصورة فى المسرح، والقصة، والرواية، والأمثال الشعبية، والأدب الشعبى، ليس فى مصر فقط بل فى معظم البلدان العربية.

[email protected]