إن الأصول التاريخية للعولمة هى موضوع المناقشة الجارية. وبالرغم من أن أصول العولمة قد تم وضعها فى العصر الحديث، إلا أنها تعتبر ظاهرة ذات تاريخ طويل. فالعولمة قديمة قدم البشرية ذاتها ومنذ بداية الوقت المسجل. في المقال الثالث نتحدث عن كيف انتقل حكام مصر وقاموا بحملاتهم خارجها لكى يستقر حكمهم، تشير تداعيات السياسة الخارجية إلى أن حكام الأسرة الثالثة قاموا بشن حملات تأديبية على بدو سيناء، وهناك آثار للملوك سانخت ونسترت وسخمخت فى شبه جزيرة سيناء، تدلل على أنهم هم من قاموا بها لتأمين مناجم النحاس والأحجار شبه الكريمة (الفيروز) وطرق القوافل المؤدية إلى بلاد الشام، كما تسجّل آثار سنفيرو أيضًا متمردين مناهضين للنوبيين والليبيين.
- كما تشير إلى وجود علاقات تجارية وثيقة مع الساحل الفينيقى. يقول البعض إن سنفيرو أرسل أسطولًا تجاريًا يتكون من 40 سفينة لجلب خشب الأرز من هناك. وفى عهد خوفو (الذى بنى الهرم الأكبر)، كانت هناك دلائل على ازدهار التجارة بين مصر والبندقية، كما كان الحال فى أيام سنفيرو. وفى عهد الأسرة الخامسة (2510-2460 قبل الميلاد)، حكم أوسركاف حوالى سبع سنوات.
وفى عصره بدأت العلاقات التجارية مع اليونان، حيث تم العثور على المعبد الجنائزى مع السفن القادمة من جزيرة يونانية. على الرغم من أن العلاقات مع اليونان تعود إلى عهد الملك مينا، فقد كانت أول علامة على أن هذه العلاقات تطورت إلى علاقات تجارية. تبع الملك أسركاف الملك ساحور، أيضا والذى شن حملات ضد القبائل الليبية والبدو الآسيويين على حد سواء، وواصل العلاقات التجارية مع سوريا وأرسل رحلة إلى بلاد بونت.
وفى عهد الملك أمنحتب الأول الذى استمر واحدًا وخمسين عامًا، عمل على استعادة نفوذ مصر فى الصحراء الشرقية، وأرسل حملة على وادى الحمامات، قضت على منابع الشغب فى هذه المنطقة، وطاردها. كما أرسل الآسيويون إلى حدود نهر الليطانى، حملة ضد قبائل طحنون الليبية (مثل طحنون الفيوم وواحات ووادى النطرون وبرقة). كما أرسل أكثر من حملة لتأمين الحدود الجنوبية. وفى عصر الدولة الحديثة والمتساوية مع العصر البرونزى المتأخر (1580-1078 قبل الميلاد)، خلف أمنحتب الثانى والده تحتمس الثالث، وعمل فور توليه العرش لوضع حد للثورات التى حدثت ضد النفوذ المصرى فى غرب آسيا ووضع نظام آمن هناك. ثم اندفع إلى سوريا وأخضع من لم يبايعه، وفى الجنوب امتد نفوذ مصر فى عهده إلى حدود منطقة سندس شمال مدينة الخرطوم الحديثة.
وفى السنة الرابعة من حكمه، شن رمسيس الثانى حملة ضد سوريا. فى عامه الخامس اشتبك فيها مع الحيثيين فى موقع قادش الشهير.
وفى السنة الثالثة من حكمه، شن مرنبتاح حملة ضد آسيا. وفى العام الخامس، صد هجومًا كبيرًا شنته بعض القبائل الليبية (قبائل مشوش الليبية، وهي قبائل يعتقد الباحثون أنها سكنت المناطق الشمالية من الصحراء الليبية)، وتمكن من التحالف مع خمس قبائل من شعوب البحر. (شعوب البحر، والتى تتكون من خمسة أركان: عقواشة، تورشا، الشردان، لوقا، وشكلش). وأخيرًا وفى عهد رمسيس الثالث ضمن سياساته فى الشرق، أطلق حملة آسيوية بسبب الاضطرابات التى سببتها الهجرة الجماعية الهندوسية الأوروبية وتمكن من إعادة الأمن لممتلكاته الآسيوية. وفى الجنوب، سقطت النوبة تمامًا فى هذه الفترة من الأسرة العشرين، ولم تعد مصدر قلق لفرعون مصر!
أستاذ بعلوم القاهرة