عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنت قد بدأت مذ فترة غير بعيدة فى الكتابة عن قضية أراها هامة وضرورية وهى المغالطات والأخطاء الفادحة الواردة فى الأعمال الدرامية والسينمائية على مدار أزمنة وفترات مختلفة. نعم بالتأكيد لا نستطيع أن نقلل من دور الدراما والسينما وتأثيرها على الناس خاصة البسطاء منهم، فهى تغزو العقول وتأسر القلوب وتُأصِّل وتعمم لأفكار وآراء شتَّى وتبثها فى عقول المشاهدين فى زمن قياسي، فتأثيرها سحرى على الجمهور خاصة غير المتعلمين منهم.

وحقيقة لا أفهم لم لا يقوم صناع العمل الدرامى أو السينمائى بالتأكد من صحة ما يبثونه؟ لم لا يستشيرون خبراء متخصصين فيما يقدمونه؟ خاصة أن الانتهاء من صناعة فيلم أو عمل درامى قد يستغرق وقتًا طويلًا قبل بثه وعرضه على الجمهور.

وإن استمر الأمر كذلك سينحرف دور السينما والدراما فى المجتمع من الدور التثقيفى والتنويرى إلى دور سلبى بغيض ينشر الجهل بين عامة الناس ويُأصل لأفكار وسلوكيات خاطئة مما يخلق عقلا جمعيا مُشوها ومُزيَّفا ومُهلهلا يُشوه الحقيقة ويُردد الأكاذيب.

والأمثلة كثيرة، ذكرت بعضًا منها فى مقالات سابقة، ولكن أذكر لكم مثالا هنا، وهو أمر استفزنى بشدة، فيلم سينمائى حاز أعلى المشاهدات وأرباحه فاقت كل التوقعات لمؤلف شهير ذاع صيته مؤخرًا ( فى العشر سنوات الأخيرة).

تقوم أحداث الفيلم باختصار على خطط جهنمية شيطانية قام بها البطل لقتل جميع أقربائه لكى يرثهم ويتحصل على جميع أموالهم المُقدرة بالملايين، وبالفعل نجحت خططه وقتلهم جميعًا وحصد أموالهم وانتزعها منهم نزعاً، لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، فانكشفت فجأة ألاعيبه الشريرة، وظهر على غير المتوقع شهودٌ أثبتوا فعلته النكراء فأكدوا كونه القاتل لجميع أقاربه، واطمأنت المحكمة لصدق الشهود ووجاهة الأدلة المقدمة، وأخيراً حكمت المحكمة بالإعدام على القاتل، ثم تأتى المفاجأة غير المتوقعة (بالنسبة لي)، والتى يحملها لنا المؤلف وهى أن القاتل المحكوم عليه بالإعدام شنقًا قد وَرِثَ بالفعل جميع من قتلهم من أقاربه - ( ورثهم مع أنه قاتلهم بحكم المحكمة)-  وأنه بعد إعدامه انتقلت الأموال بالتبعية إلى زوجته كإرثٍ لها منه.

والخطأ الفادح هنا والذى ساقه المؤلف لنا بلا أدنى مسئولية، أن كيف وَرَّث القاتل فى الفيلم؟ فالبطل قاتلٌ لجميع أقاربه ومحكومٌ عليه بالإعدام وفقًا لسياق الأحداث بالفيلم، ولا أفهم كيف تجرأ المؤلف هنا على عرض تصور مثل هذا؟ ألم يقرأ عن أحكام وموانع الإرث فى الشريعة الإسلامية أو حتى فى القانون المصرى وهما متشابهان والتى من بينها القتل وخاصة القتل العمد والعدوان كما فى حالة القاتل هنا، وحتى وإن لم يقرأ، فلِمَ لم يسأل متخصصا؟ كيف يردد هكذا أكاذيب بكل سذاجة واستخفاف بعقول من يشاهدونه؟             

  فيقول المتخصصون والقانونيون إنه إذا قَتَل الوارث مُورثه، مُنع من ميراثه وهذا باتفاق جميع الفقهاء والدليل على منع القاتل من الميراث عدة مبررات أولها، قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يرث القاتل شيئاً)، وثانيها، أن القتل جناية يستحق فاعلها أن يُعاقب عليها بالحرمان من إرث المقتول، لأنه استعجل شيئاً قبل أوانه فيُعاقب بحرمانه.

ومن أجل ذلك كله، ودرءًا لأى تشويه فى الحقائق المثبتة والمعلومة بالضرورة أطالب بتأسيس جهة متخصصة تُشرف عليها الرقابة على المُصنفات تقوم بمراجعة المعلومات المتخصصة والتأكد من صحتها أو تطالب صناع العمل الدرامى والسينمائى قبل الترخيص لهم أن يُقدموا ما يُثبت صحة ما يبثونه فى أعمالهم من معلومات من خبراء متخصصين خاصة إن كانت هذه المعلومات لا تحتمل اختلافاً فى التأويلات والتفسيرات سواء كانت هذه الموضوعات قانونية أو علمية أو طبية أو دينية مُجمعاً على صحتها ومتفقاً عليها.

[email protected]