عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

فى مقالى السابق (مما يلفت انتباهى) ذكرت أننى لست مع الفكرة السائدة عن أن جميع البشر أو غالبيتهم فاسدون، فدوماً كان لدىّ الأمل فى إيجاد تلك النماذج المضيئة وما بها من صفات حميدة، فمهما ساد الشر وكشر عن أنيابه، فما زال هناك بصيص من النور سيأتى حتماً لينير المشهد المظلم حالك السواد.

وقد شرعت فى عرض بعض هذه النماذج المضيئة التى تلفت انتباهى، بل أفتش عنها فى دربى قصداً، وأفرح حينما أجدها، بل أقصد أن أتحدث للجميع عنها، وبخاصة عن عظم قيمها ونبل مقاصدها وحسن نواياها وسلامة قلوبها، نعم أتحدث للجميع عن هؤلاء الأنقياء لكى أزيل فكرة تعميم فساد البشر، فهم ليسوا فقط خير النعم وكبرى المكافآت فى حياة كل منا، بل هم أمل البشرية فى صلاحها ونفى تهم الشر وفساد الذمم واعتلال الضمير عن كل البشرية.

حتى إن كانوا قلة فلا يهم، فكما قلت سابقاً كل واحد منهم يعدل أمة من الأشرار السفهاء، فكل واحد منهم يستطيع بقوة يقينه وبصدق كلمته وبسلامة ضميره وبعظيم قيمه أن يدمر حصون الشر، وأن يعلى من شأن القيم وأن يثبّت جذورها فى مجتمع ضج من الشر والفساد.

ومن بعض النماذج التى تلفت انتباهى أيضاً، من يسعون جاهدين لتأصيل القيم فى كل ما يقدمونه أو يقومون به سواء المدرس الذى يخلص فى عمله ويسعى جاهداً إلى أن يخرج لنا أجيالاً واعية مثقفة مجتهدة تنفع مجتمعها وتنقله إلى مستوى حضارى متقدم، وكالممثل الذى يعرض عملاً فنياً مبدعاً لا يخلو من قيمة إيجابية يود أن يرسخها فى عقول المشاهدين ويسعى لنشرها، أو ينفر من صفة سلبية يود أن يبشّعها أو يقبّحها فى نفوس وعقول مشاهديه، وكالموظف النزيه الذى يرفض رشوة، وكالقاضى العادل الذى يحكم بالحق ولا يخشى فى الحق لومة لائم، وكالطبيب الأمين المخلص الذى يراعى قسمه فيمن أؤتمن عليهم ويبذل أقصى ما فى وسعه من أجل رعايتهم، وكالصحفى المهنى الشريف الذى يراعى قيم الموضوعية وأمانة الكلمة فيما ينشر، والتاجر الأمين الذى لا يحتكر سلعة أو يبالغ فى سعر أخرى فلا يأكل مالاً حراماً، وغيرهم الكثير والكثير.

كما يلفت انتباهى أيضاً وأراقب فعله جيداً من يصمد حينما يتعرض لمشكلة أو أزمة أو ظلم، سواء ظلم مادى أو معنوى، وأتعجب كثيراً من هؤلاء، فأرى صمودهم بعين الإعجاب والتقدير، خاصة من يتعرضون لنوبات متتالية وعنيفة من موجات ظلم قاسية قادرة على أن تهدهم هداً، ولكن تجدهم ثابتين مثل الجبال الراسيات الراسخات، لا يهتزون ولا يتزحزحون، لا ينصدمون ولا يتأففون أو يندبون حظهم، فلن تجد غير الصبر والرضا واليقين.

فالصبر والرضا لإيمانهم بأن ذلك قضاء الله النافذ الذى لا مفر منه، فلا يملكون فى مقابلته غير الصبر والرضا، ويقين وتأكيد بأن النصر قادم بإذن الله.

ولقد رأيت أمثلة من هذا النوع بأم عينى، وتعجبت من هدوء أعصابهم وسكون ملامحهم ونضجهم الانفعالى المتزن خاصة وهم فى خضم الأزمة، أو وهم يذوقون وبال الظلم ويتجرعون مرارته.

وتلك الفئة يقول فيها علماء النفس إن وصيد إحباطهم مرتفع، ويطلق مصطلح وصيد الإحباط- كما يقول علماء النفس- على قدرة الفرد على احتمال الإحباط واستعادة التوازن النفسى بسرعة دون اللجوء إلى أساليب ملتوية غير ملائمة لحل مشكلته، فمن كان وصيد إحباطه مرتفعاً استطاع تحمل الإحباط والحرمان، واستطاع الصمود أكثر من غيره، وكان نضجه الانفعالى أكبر من غيره، فإدراكهم للموقف أهم لديهم من الموقف ذاته وعلى أساسه يحددون ردود أفعالهم.

«وللحديث بقية»

[email protected]