رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

لم اكن أتوقع كل هذا الكم من الجرحى والقتلى والمصابين ، لم أكن اتخيل مرارة الفراق والتعذيب والتشريد، لم أقدر في مخيلتي كل هذا الضياع الذي تعرضت له الشقيقة الحبيبة سوريا إلا بعد أنا قرات باستفاضة أحدث إصدارات مؤسسة أخبار اليوم تحت عنوان "النكبة السورية" والتي استطاع مؤلف الرواية بكل حرفية واقتدار نقل القارئ لمكان الأحداث باستخدام ألفاظ معبرة، وبعمق فكري يجعل من الورق المقروء مادة سينمائية شيقة كما لو أننا نرى عمل فنى مرئي بكل حرفية وامتياز.

استطاع المؤلف من خلال زيارته الميدانية لمنطقة المفرق على الحدود السورية الأردنية أن ينقل نبض اللاجئين وهم يصرخون من ويلات الحرب ويتعذبون من سوء المأوى وبئس المصير، ونجح أن ينقل قصص مأسوية من الواقع للأسر المشردة لتكون صيحة تحذير وعبرة لكل من يقرأ ويتابع الأحداث المؤسفة المجردة من الإنسانية التي مر ومازال يمر بها حتى الآن الشعب السوري الشقيق.

 تألمت كثيراً وهو يروى قصة "أبو عبيدة" الرجل السوري وهو يصف حكاية هروبه مع أسرته من الجحيم الدائر في سوريا للأردن بأعجوبة؛ حيث أُجبر على تهريب أسرته المكونة من 10 أفراد أغلبهم من الأطفال على أربع مراحل خوفًا من البطش والقتل والتنكيل الذى كان يمارسه الجيش السوري النظامي تجاه السوريين العزل عقب اندلاع الثورة السورية في مارس 2011.

كما انتبتني حالة من الدهشة والذهول وأنا اقرأ قصة السورية "سارة" فهي لا تتجاوز من عمرها الثمانية عشر عامًا وقدر لها أن تتزوج من رجل على مشارف الستين عامًا لتقديم المأوى والمساعدات المالية الشهرية لها ولأسرتها المشردة، كما كان من المقرر أن يقوم باستئجار بيت جديد لها ولأسرتها بدلاً من الخيم المترامية في الصحراء والتي غلب عليها الرداءة وعدم توفير العيش الكريم والمحترم والتي كانت محاطة بالعقارب والثعابين والأفاعي في اطراف الصحراء الشاسعة. لفت نظري من خلال طرح الكاتب للبائسة سارة قبح وبشاعة الموقف، فكيف لفتاة في ربيع العمر ستقضى صفقة زواج غير متكافئ وغير إنساني قضى على احلامها وبراءتها بلا رجعة، وتألمت أكثر عندما تصورت أن الصفقة ستتم وأن البائع سيقبض الثمن البخس لبضاعته التي لم تدرك مصيرها إلا عندما تتذوق وتعانى من الالام الذبح والانتهاك في أبشع صورة.

وقرأت أيضًا مأساة الطفلة فاطمة التي أصبحت تقوم بدور العائل لأسرتها بدلاً من أمها وأبيها الذين فقدوا جراء الحرب وباتت تربى وتعلم أخواتها الصغار، كما قرأت مأساة محمد السائق السوري الذي اعتاد نقل الركاب بصورة يومية إلى المدارس والمتنزهات والحدائق؛ تحولت حياته لنقل الموتى والجرحى والمصابين وأصبحت الناقلة تفوح برائحة الدم والذكريات المؤلمة. وغيرها من القصص والحكايات المجردة من الإنسانية والتي لا تعكس إلا التوحش والتنكيل بأبرياء عزل ليس لهم من الحياة أمل سوى العيش البسيط .

كما تعرضت الرواية للدور الحقير الذى لعبته جماعات التطرف والإرهاب الظلامية لتدمير بشر بصور مدروسة ومنظمة لجعل الأوطان مجرد خرابة وتسليمها لكل معتدٍ وظالم بصورة بشعة تقشعر لها الابدان وتتشت منها الاذهان والعقول.

إن كتاب النكبة السورية ليس رواية فقط لسرد مأساة الشعب السوري الأبي وما تعرض لها من انتهاكات وويلات للحرب فحسب؛ بل هو رسالة لتقديس معنى الوطن الذى هو ملاذ لكل انسان يعي ويدرك ان بدونه لا توجد حياة واضعا في الاعتبار ان من حق الجميع ان يكون لهم مطالب يسعون لتحقيقها ولكن بالأساليب والطرق المجردة من الاجرام والتعذيب والتنكيل.

رواية النكبة السورية للكاتب الصحفي علاء البدرى رواية تستحق الدراسة والتمعن والتحليل لما تحتويه من معانى قيمة ورسائل ليست بالهينة، ادعو كل من شاءت له الظروف واتيحت له الفرص الاطلاع على هذا العمل المتميز الذى غير بداخلي الكثير في النظر للأمور ؛ املا ان يعم الخير والسلام والاستقرار على مصر وسوريا وليبيا واليمن والعراق وجميع الدول على بقاع الارض.