قبل أن أبدا كلامي عن ذكرى ثورة 25 يناير، لا بد أن استفتح مقالي بتقديم التحية الواجبة المستحقة لرجال الشرطة العِظام من يحملون أرواحهم على كفوفهم في سبيل حفظ أمان هذا البلد، ومنع حدوث الفوضى على أراضيه. تحية عطرة لكم ولأرواح شهدائكم الأبرار في ذكرى عيد الشرطة الـ66.
أما بعد.. رداً على منكري ثورة 25 يناير، ورداً على كل من يريد محو آثارها ونسف ذكراها من تاريخ مصر الحديث، ورداً على كل من يُلحق بها اللعنات والسباب، أو يُلصق بها أبشع الاتهامات بأنها سبب كل بلاء أحلّ بوطني الغالي بمصر، أكتُبُ مقالي هذا!
ثورة 25 يناير هي ثورة العزة والكرامة، من أكبر الثورات الشعبية في تاريخ الإنسانية، ومن أقوى الثورات التي ظهرت فيها الإرادة الشعبية الحرة للمصريين وبمساندة الجيش المصري العظيم. فثار المصريون بعد صبر طويل، وتحمل كبير وتغافل عظيم للكثير من التحديات والمشكلات الجسام وتردى الأوضاع، والتي التصقت التصاق شديد بالنظام آنذاك.
بالتأكيد لا أعترف ولا أثق في حركات مثل 6 إبريل أو كفاية والتي دعت للتظاهر في البداية، ولا أثق بالمرة بطبيعة الحال في التنظيم الدولي للإخوان والذين اعتلوا المشهد وقتها وادّعوا قيادتهم للثورة كذباً.
ولكن أنسيتُم نزول الشعب عن بكرة أبيه في الميدان؟ أنسيتُم اصطفاف الجماهير الغفيرة ضد ترهل النظام وتوغل الفساد في كل مؤسسات الدولة؟ أنا لم أنسى؟ أنا بقلبي وعقلي مع تلك الجماهير السلمية، والتي تجرأت وتشجعت وهتفت لتقول لهذا النظام، ارحل، نعم جماهير سلمية، قبل أن يندسّ بينهم الممولون والعملاء وأصحاب المصالح والمطامع في السلطة والمناصب.
ولكل منكري ثورة 25 يناير، أطرح هذه التساؤلات!!
هل تُقارن حجم إنجازات الدولة المصرية في عهد مبارك بعدد السنوات الـ 30 التي مكثها في سُدنة الحكم؟ إذا ما تمت مقارنتها بإنجازات السيسي مثلاً في 4 سنوات فقط ؟
هل برأيكم استفاد مبارك من الفترة الذهبية من تاريخ مصر، في تطوير الدولة المصرية كما يليق بها؟ فقد كانت مصر في عهده لا تعانى من خوض حروب ضروس ضد الإرهاب الأسود الدامي كما يحدث الآن، وما يترتب على ذلك من تخصيص ميزانيات ضخمة لمجابهة الإرهاب واستشهاد رجال من خيرة ما أنجبت مصر، ولا كانت هناك تدخلات ومؤامرات خارجية تُحاك باستمرار ضد الدولة المصرية، غير العملاء والتمويل وتهريب الأسلحة والذخائر والمتفجرات عبر الحدود بصورة تكاد تكون دورية، بالإضافة إلى انهيار أنظمة دول كثيرة من حولنا، هل تعتقدوا أن مبارك استغل هذه الفترة الذهبية الاستغلال الأمثل؟ أنا أرى أنه لم يستفد منها على الوجه الأكمل.
فأرى من وجهة نظري أن من بين أكبر العيوب التي لحقت بنظام مبارك آنذاك، هي تعزيز سياسة التجاهل وإخفاء الحقائق عن الشعب، كأن الشعوب ليس من حقها أن تعلم حقيقة الأوضاع وطبيعة الواقع والقدرات التي يمتلكها النظام، وأيضاً البطء الشديد للغاية في تنفيذ المشروعات.
في النهاية أعلنها مدوية، ثورة 25 يناير، ثورة كانت ضرورية لإنهاء فكرة مكوث رئيس الدولة على كرسي الحكم لفترات طويلة جداً بلا حدود أو قيود. ذكرى 25 يناير هي عيد الشرطة و ثورة 25 يناير.