رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكايات حزينة مع «المرض اللعين»

طفلة في مستشفي
طفلة في مستشفي

«قاتل الله السرطان.. المرض ده لعنة.. مكدبش اللى سماه خبيث.. نفسى اختفى قبل ما أخد الجرعة».. بهذه الكلمات وصف مرضى السرطان معاناتهم مع هذا المرض اللعين، وحكوا قصص الوجع والألم معه.

 

هذا المرض خبيث غير متوقع يأتى فجأة ودون سابق إنذار، يكتشفه المرضى فى أحيان كثيرة عن طريق الصدفة، ويعانون منه أشد المعاناة بقية حياتهم، التى تنقلب رأسًا على عقب بعد إصابتهم به، وليس المريض فقط من تتغير حياته بل الأسرة كلها تعانى من تداعياته.

 

انتقلت «الوفد» إلى معهد الأورام بالقاهرة، لمعرفة حكايات الوجع والألم التى يعيشها مرضى السرطان وأهلهم، حيث قال العديد من الأشخاص إنهم مرافقون لأفراد أسرهم سواء أبناء أو أزواج أو أمهات وآباء.

 

خلال حديثهم يتبين أن نسبة ليست بالقليلة من المترددين على المعهد من أهل الريف والصعيد، فمنهم من جاء من الفيوم والشرقية والمنيا وغيرها، معبرين عن صعوبة ما يعانونه أثناء فترة وجود أقاربهم داخل المعهد، سواء السفر أو المبيت عند الأقارب فى القاهرة، أو صعوبة زيارة المرضى إلا فى أوقات محددة، فضلا عن معاناة المريض نفسه مع المرض، ورفض الكثير منهم اتخاذ قرار إجراء عمليات استئصال الأورام إلا بعد الكثير من المناقشات معهم.

 

أماكن الانتظار خارج المعهد لا تخلو من مشاهد البكاء على الأهل والأحبة، الذين يستعدون لدخول غرف العمليات أو الذين أجروا الجراحة بالفعل ولكن حالتهم صعبة، فضلا عن حالة الترقب والخوف الظاهرة فى عيون الجميع، انتظارا لخروج المريض، مع بحث البعض عن متبرعين بالدم لذويهم.

 

من جهته، قالت ابنة إحدى المصابات بالمرض اللعين فى المعهد، وتنتظر دخولها العمليات لإجراء جراحة عاجلة، إنها من محافظة الشرقية، وجاءت لترافق والدتها أثناء رحلة العلاج.

 

وأضافت: أن والدتها سوف تجرى جراحة خطيرة فى المعدة، ولم تكن موافقة على المجئ إلى المعهد، ولكن تم إقناعها بصعوبة بعد مناقشات عديدة حول أهمية إجراء الجراحة للشفاء من المرض الخبيث.

 

وأوضحت أنها لا تستطيع رؤية والدتها إلا فى أوقات محددة، بناء على تعليمات الأطباء، معبرة عن الخوف الذى كان يتملك والدتها قبل إجراء الجراحة، قائلة: «أمى مكنتش عاوزة تعمل العملية لأنها خايفة جدا من اللى بتشوفه مع الحالات التانية، لكن أقنعناها فى النهاية».

 

وقال أحد المرافقين لمريض آخر، إنه جاء إلى القاهرة من محافظة الفيوم، ليرافق والده أثناء رحلة العلاج الصعبة، مشيرا إلى أن والده كبير فى السن واكتشفوا مرضه متأخرا.

وأضاف أن أهل وأقارب المريض وخاصة القادمين من محافظات أخرى، يعانون بسبب مشقة السفر واللجوء إلى المبيت لدى الأقارب أو الحجز فى الفنادق الرخيصة، حتى يستطيعوا أن يكون قريبين من المعهد.

 

بينما قالت أم لطفلة صغيرة، إن ابنتها تعانى من التهاب شديد فى المعدة، وتم حجزها فى المعهد وممنوع عنها الزيارة أو دخول طعام من الخارج.

 

وأضافت أنها ترافق ابنتها منذ بداية رحلة العلاج قبل 4 أسابيع، مؤكدة أنها تشهد مزيدًا من التحسن يوما بعد يوم، ومن المقرر خروجها من المعهد قريبا.

 

وبالإضافة إلى معهد الأورام، أنشأ البعض صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، للحديث عن تجاربهم مع السرطان، حيث قالت إحدى الفتيات، إن عائلتها اكتشفت مرض عمها بسرطان المعدة بالصدفة، عندما كان ذاهبا ذات مرة لأحد الأطباء بعد معرفته بإصابته بفيروس الكبد الوبائى سى. 

 

وأضافت أن هذا الأمر كان أكبر صدمة تعرضت لها الأسرة، لأن هذه أول مرة يصاب فيها شخص بهذا المرض اللعين، مشيرة إلى أن الأطباء أكدوا على أن المرض أصابه منذ ٥ سنوات ولم يكن يعلم، لأن الأعراض التى ظهرت عليه لم تنبه أحدًا إلى ذلك مثل سقوط الأسنان فجأة، وعدم الأكل لفترات طويلة، ما أدى إلى صغر حجم جسمه بشدة. 

 

وأشارت إلى أن عمها كان رافضا الذهاب للأطباء دائما، لكنه وافق فى النهاية وبدأ يحصل على العلاج الكيماوى، ثم بدأ الأطباء يتشككون فى وجود ورم فى مكان آخر بالجسم، وهنا كانت الصدمة الأكبر، لأنه كان فى الرئة، وبعدها حصل على جرعات كيماوى أكبر.

 

وقالت: «بدأ ياخد كيماوى أشد من الأول بس مكنش بيتعبه بالعكس دا كان بعد الجلسة ينزل يروح شغله.. الدكاترة كانوا مستغربين ودايما يقولوا الجرعات اللى بياخدها تهد جبل بس هو مكنش مستسلم أبدا وكان عنده إرادة غير طبيعية». 

 

وأوضحت أنه استمر على هذه الحال لمدة شهر، حتى اكتشف الطبيب وصول المرض إلى المخ، وأجمعوا على أن الكيماوى لن يصلح لعلاجه، لافتة إلى أنه كان يعيش دون أكل ويحصل على كيسين دم يوميا، ورغم ذلك كان لديه أمل كبير فى ربنا. 

 

وأشارت إلى أنه استمر هكذا حتى شعر فى أحد الأيام بتعب شديد أثناء العمل، وتم نقله إلى المستشفى ثم توفى بعدها، مطالبة الجميع بالذهاب فورا إلى الأطباء بمجرد الشعور بأى أعراض مختلفة عن المعتادة، وعدم الاستهانة بها، لأنها قد تكون بداية للمرض اللعين، الذى قد يتم الشفاء منه مبكرا.

 

وقال مريض آخر، إن علاج السرطان أصعب من المرض نفسه، لأنه مهما تحدثنا عن الألم والوجع الخاص بالعلاج لن نستطيع التعبير عما يحدث. 

 

وأضاف أنه فى بعض الأحيان كان يتمنى الموت بدلا من تحمل آلام وأوجاع العلاج الكيماوى، قائلا، «أما بعرف إن حد ربنا رحمه وكان عنده سرطان، فعلا بفرح له وبقول يا بخته اترحم من وجع الإيد والرجل والأعصاب ومية النار اللى ماشيه فى العروق».

 

وأضاف: «السرطان مكدبش اللى سماه خبيث، مرض غير متوقع بالمرة، حاجة جواك مفيش حد بيتحكم فيها غير اللى خلقنا..حتى الدكاترة نفسهم بيجربوا

فيك كذا نوع علاج بيشوفوا إيه اللى ممكن ينفع معاك».

 

وقالت سيدة تعانى من المرض اللعين، إن السرطان علاجه الوحيد الدعاء وليس أى شىء آخر.

 

وأضافت: «الكل عاجز، الأسئلة بداخلى كثيرة وليس لها إجابات تطمئن، قبل كل جرعة كنت أطلب من الأطباء عدم الحصول عليها بشئ من الدعابة، لكن بداخلى لم أكن أريد فعلا الحصول على الجرعة.. ببقى نفسى أختفى بجد».

 

وحكى شاب آخر عمره 26 سنة قصته مع السرطان والعلاج الكيماوى، اكتشف إصابته بالمرض عن طريق الصدفة.

 

وأوضح أنه كان عند طبيب جلدية للكشف عن شيء ظاهر فى جسده اعتقد أنه كيس دهنى، لكن الطبيب اكتشف بعدها أنه سرطان الجلد، مؤكدا أن حياته توقفت بعد هذه اللحظة.

 

وأضاف: «لم نكن نعلم هل هو سرطان جلد فقط أم هناك أمور أخرى، وأجريت فحوصات وتحاليل وأشعة على كل جزء فى جسمى.. تحليل دم، نخاع، أشعات بالصبغة، وبعدها الحمد الله اتأكدنا إنه فى الجلد فقط».

 

ويستكمل قائلا: «دخلنا على مرحلة تانية، العلاج وخوفى من الكيماوى الذى يصفه الجميع باللعنة.. خفت من سقوط شعرى، وأن أكون مريضا باستمرار لأن السرطان بالنسبة لى شيء مجهول. لكن علمت أن الكيماوى أنواع وبعضها آثاره الجانبية سهلة نوعا ما».

 

وأوضح أنه بدأ العلاج منذ 6 أشهر ومستمر عليه ولم يسقط شعره حتى الآن، مشيرا إلى أنه بعد جلسة الكيماوى يشعر بالتعب لعدة أيام، لكن بعدها يعود إلى طبيعته مرة أخرى، مختتما قصته بقوله: «الكيماوى مش لعنة.. الكيماوى صعب وتقيل».

 

وكشف بعض المرضى عن أعراض أول جلسة للكيماوى، مشيرين إلى أنها صعبة جدا وتتسبب فى إحداث وجع شديد فى البطن مع قئ وألم فى الجسم.

 

وقالت سيدة من المنيا تعمل معلمة هى وزوجها، إن زوجها أصيب بورم على المرارة والكبد، وعانت معه فى المستشفيات بسبب الروتين وطول الانتظار.

 

واشتكت من التكاليف الباهظة للعلاج، مشيرة إلى أن عملية استئصال الورم من جسم زوجها بلغت تكلفتها 100 ألف جنيه، ولا تمتلك هذا المبلغ الكبير.

 

وقال آخر إن مريض السرطان فى مصر يصارع المرض من ناحية، والروتين الحكومى من ناحية أخرى، مع قلة الأماكن المتاحة فى المحافظات وطول الانتظار حتى يستفحل المرض من الإنسان.

 

من جانبه، قال الدكتور مدحت خفاجى، أستاذ الجراحة بمعهد الأورام بجامعة القاهرة، إن علاج «دوستارليماب» الذى تم الإعلان عن نجاح تجربته بنسبة 100% تصل تكلفته إلى 12 ألف دولار كل 3 أسابيع لمدة 6 أشهر، أى أكثر من 200 ألف جنيه.

 

وأضاف «خفاجى»، أن هذ النوع من الأدوية إذا انخفض سعره ينخفض بنسبة 10 إلى 20% على أقصى تقدير، لأنها تصنع يدويا وليس آليا، ولذلك فإن تكلفته عالية جدا.

 

وأوضح أستاذ الجراحة فى معهد الأورام، أن هذا العلاج يصلح لـ10% فقط من حالات سرطان الشرج والقولون والخاصة بإخفاق إصلاح الحمض النووى، مشيرا إلى أنه لا يجب استخدام هذا الدواء الجديد إلا بعد سنة من تجربته، لمعرفة مدى إمكانية عودة الأورام مرة أخرى أم لا، لأن احتمالية عودة الورم موجودة، وفى حالة عدم رجوع الورم نستطيع استخدام الدواء ولذلك لا نستطيع الحكم على هذا الدواء الآن.

 

 

وأضاف: «نحن فى مصر سنستفيد من هذا الدواء مثلما استفدنا من الأدوية السابقة، وخاصة إذا قررت الحكومة إدخاله ضمن مشروع التأمين الصحى وتتحمل جزءًا كبيرًا من تكلفته»، مؤكدا على أننا لن نستطيع استخدامه قبل عام من الآن.

 

وأوضح أن عدد مرضى السرطان فى مصر سنويا يصل إلى 130 ألف حالة، منهم 13 ألفًا قولون وشرج، أى أن 10% من إجمالى هذه الحالات وهو 1300 حالة فقط، يمكنها الاستفادة من هذا الدواء فى مصر.