رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

هوس الكهانة الدينية

 د. مجدى إبراهيم
د. مجدى إبراهيم

هوس التدين المفتعل الكاذب متصل بنسب قريب بالكهانة الدينية.. هناك أناس لديهم شعور خفى، وأحياناً يكون مُعلناً، بالوصاية على الدين لدرجة الجنون، كما لو كانوا هم وحدهم المتدينين، والمسؤولين عن مساق الخلق إلى حظيرة الرب، وأن الدين خرج من عباءتهم، ولا يحق لغيرهم الحديث فيه أو عنه، وأن حضورهم الطاغى أمام أنفسهم يصوّر لهم أنهم بلغوا ذروة الكمال فى مراتب الإحسان، وبالتالى لا يجوز لأحد أن يأخذ تعاليم السماء من سواهم.

وإذا نحن فرضنا أننا تجاوزناهم، فقد تجاوزنا بالتالى الكتاب والسّنة، لأنهم يعتقدون أنهم ممثلو الكتاب والسّنة، وأن الشريعة برمتها تجسّدت فيهم، وأن الفساد كل الفساد فى الخروج عن كهنوت أشخاصهم وأسمائهم ورياستهم إلى حيث التحرّر من سطوتهم ووصايتهم وسلطتهم..

هذه الكهانة توجد فى كل دين، ولا يخلو منها دين مهما كان، وهى سبب فساد الجزء الأكبر من الأديان، بمقدار ما هى سببٌ مباشر للحروب الدينية البلهاء فى كل زمن وبين كل قبيل.

أمثال هؤلاء الناس يستحقون العقاب الإلهى بجدارة؛ لأنهم يتاجرون بالدين ويستغلون عاطفة التدين أسوأ استغلال، ويصدرون الأوامر الإلهية من أشخاصهم وكأنها صادرة عن الله، مع أن الأمر الإلهى التكليفى لو تلبس بالشخصى المحدود لم يعد إلهياً، وكذلك النهى الإلهى، فلا يمكن أن تصدر الأوامر الإلهية ولا تطاع..

أمّا تحويل الأمر من صيغته الإلهية إلى صيغة المخلوقية فهو

فضلاً عن انتحال صفة الإلهية (صفات الله المطلقة) يعدُّ إجراماً مباشراً فى حقها بالدعوى الكهنوتية العريضة وتشويه القيم الدينية تشويهاً يبلغ درجة الإجرام ويزيد.

لم يقرّبوا خلق الله من رحمة الله، ولم يدركوا أن المعاصى تحدث فى القلوب ظلمة ليس أكثر، لكنها لا تقدح فى اختصاص المعرفة الإلهيّة، لأن اختصاص المعرفة الإلهية تجلو ظلمة القلب بالتذكرة: (إذا مسّهم طائفُ من الشيطان تذكروا، فإذا هم مُبصرون)، وتلك هى عبقرية الوعى الدينى الإيمانى الرشيد.

عندى أن هؤلاء يستحقون الرجم أحياءً؛ لأنهم لوثوا عواطف الرحمة الإنسانية فضلاً عن احتكار النعمة الإلهية؛ إذ جعلوا الدين تجارة وسبوبة ارتزاق وأوْقفوا فهمه على أشخاصهم الملوثة بالفكرة الأرضية، فحلت الكهانة محل الطلاقة الروحيّة والعقليّة، فصار الإنسان بعدها مُسخة فى تقويض دعائم العقيدة ومسخ الشعور الدينى، وصار عاراً يخلف بعده العار والشنار على الإنسانية قبل انتسابه للدين الذى يدين له بالولاء.