رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

لواء أركان حرب حسام سويلم يكتب: أصول الأخلاق والتربية الوطنية.. مادة أساسية فى المناهج

طلبة
طلبة

تعميق مفهوم الانتماء للوطن.. ضرورة فى معركة التوعية

يجب تنفيذ منظومة دفاعية للوعى فى المجتمع المصرى

الفكر والثقافة.. خط دفاع فى مواجهة جماعات الإرهاب

لابد من تعزيز دور مؤسسات الدولة التربوية والإعلامية والثقافية

 

تعليم أصول الأخلاق والتربية الوطنية ينبغى أن يكون مادة أساسية فى المناهج الدراسية، منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة وليس ما نطالب به بدعة ولكنه نظام معمول به فى كثير من الدول المتقدمة، ومن ثم ينبغى الاستفادة من تجاربها فى هذا الصدد «محتوى وتدريساً وأنشطة وتقويماً».. ففى اليابان تطبق مادة «الطريق إلى الأخلاق» من خلال حصة واحدة أسبوعياً، ولا يوجد لها كتاب مدرسى، وفى أبوظبى يدرس الطلبة مادة «القيم والأخلاق» من الصف الأول الابتدائى حتى الصف التاسع، ويطبق فى صورة أنشطة فى الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، وفى فرنسا تدرس «التربية الأخلاقية» كمادة رسمية وأساسية لمدة نصف ساعة أسبوعياً وترصد لها درجات وامتحانات، خاصة بعد الهجمات الإرهابية التى شهدتها باريس عام 2015، وفى استراليا تدمج بين ثنايا منهج التاريخ بطريقة متدرجة عبر جميع المراحل الدراسية، وفى سنغافورة أدمجت مع التربية الدينية فى مادة واحدة تسمى «الطريق إلى الأخلاق»، وفى أمريكا برامج توعوية تشارك فيها وزارات التعليم والثقافة والإعلام، وفى روسيا يدرس للطلبة الروس والأجانب على السواء تاريخ الحرب العالمية الثانية باعتبارها الحرب الوطنية الكبرى بهدف تعميق أواصر الولاء والانتماء الوطنى للروس.

ويتم تطبيق هذه المادة «مركزياً» ولا تترك للمديريات أو الإدارات التعليمية لاختيار ما تشاء من موضوعات، بل يجب أن يتحدد مكوناتها وساعات تدريسها بدقة، وتكون مادة نجاح ورسوب وتضاف للمجموع بواقع حصتين أسبوعياً على جميع الطلاب فى مراحل التعليم قبل الجامعى «وليس الصف الثالث الابتدائى فقط كما صرحت الوزارة» ذلك لأننا بحاجة إلى منهج العمل المتوازى وليس المتتالى، بمعنى أن تطبق على جميع المراحل، مع التركيز على قضايا جوهرية فى هذه المادة، تربطها بالقيم الدينية المتعارف عليها ولا خلاف عليها أبرزها التأكيد على علة خلق الإنسان فى الوجود، وهى عبادة المولى عز وجل وحده لا شريك له، بمعنى طاعته فى كل ما أمر به فى القرآن والأحاديث الشريفة المتفقة مع القرآن، وأن فى هذا نجاة الإنسان فى الدنيا والآخرة، هذا مع التركيز على قضايا جوهرية فى مادة الأخلاق.. أهمها الاحترام، والصدق، والأمانة، والتسامح، ورعاية الغير، وثقافة الاختلاف، الولاء والانتماء، النزاهة، والإخلاص، واحترام عقائد الآخرين، والعمل الجاد، والحفاظ على ممتلكات الغير، والمسئولية الاجتماعية، ويمكن الاستعانة ببعض أساتذة التربية وعلم الاجتماع وعلم النفس فى مضامين الموضوعات شريطة التدريس تدريجياً وحسب المرحلة العمرية.

وفى هذا الصدد سنكون بحاجة إلى منصة إلكترونية اجتماعية بجانب الحصة المدرسية لتكون أداة تواصل بين الطلاب والمعلمين، على أن يتم اختيار من يدرسون هذه المادة من خريجى كليات التربية وعلم النفس والاجتماع، وبما يؤمن حاجتنا إلى تحصين طلاب التعليم قبل الجامعى قبل أن ينتقلوا إلى الجامعات، وقبل أن يتم استقطاب ضعيفى المناعة الفكرية من قبل الموالين للإخوان ممن يقدمون لهم خدمات تعليمية باسم الدين، وهو ما يفرض على وزارة التعليم الإعداد والتخطيط المقرر لـ«بناء الإنسان» الذى سيطبق على طلاب المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى مادة الأخلاق واحترام الآخر، التى تمثل علامة فى السجل المشرف للدولة المصرية.

 

تصميم منظومة دفاعية للوعى بمجتمعاتنا:

إن أشد ما نحتاج إليه هو الإسراع فى تصميم منظومة دفاعية للوعى بمجتمعاتنا، وهذا أمر يجب أن يتم على مراحل، والمرحلة الأولى هى حملات توعية سريعة ومباشرة بمخاطر التضليل على وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة مثل «فيس بوك» و«واتساب».

والمرحلة الأخرى، الأساس، ضرورة إعداد منهج تعليمى ومنذ المراحل الدراسية الأولى لتوعية النشء بمخاطر التضليل على وسائل التواصل، وغيرها ويكون منهجاً قابلاً للتطوير ليجارى تطور وسائل التواصل.

يجب أن نعلم أطفالنا الفرق بين وسائل الإعلام، الإعلام الرصين، والصحافة الصفراء، وما هى مصادر المعلومات ومن أين تستقى، والفارق بين «.com و.edu و.net و.org» وأن «واتساب» ليس مصدر أخبار، وضرورة معرفة أسس البحث المبدئية لمعرفة مصدر الخبر.

يجب أن نشرح للنشء أنه لا يمكن الاعتماد على معرف فى «تويتر» مثلاً، دون معرفة من هو كاتب المعلومة، سياسى، أو صحفى؟.. وهل يعمل فى مؤسسة ذات مصداقية أم لا؟

والمرحلة الثالثة هى ضرورة التقيد بقواعد العمل الإعلامى، والتصريح لوسائل الإعلام، ووسائل التواصل إحدى أدوات الترويج لا صنع الأخبار، وضرورة تقديم الإيجاز الصحفى، خاصاً وعاماً، وتسريب المعلومات فى الوقت وللوسيلة المناسبة، وتفعيل دور المتحدثين الرسميين للقطاعات المهمة سياسيًا.

ما يجب أن نعيه أن التضليل الإعلامى الإلكترونى وغيره، خطر على الأمن القومى، كونه يهدد الملحمة الوطنية ويبث الإحباط، وروح الفرقة، والعنصرية، وأكثر.. والتضليل من أدوات الترويج والتأجيج، والاستقطاب فى التطرف وخطر على الاقتصاد.. وقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن التضليل أخطر من الصواريخ.

أهمية الجانب الفكرى والثقافى فى مواجهة الإخوان:

إن نقطة الضعف الرئيسية فى خطط مواجهة الإخوان والجماعات الإرهابية الأخرى، هى إهمال الجانب الرئيسى فى المعركة المصيرية ضدهم، بإغفال الجانب الفكرى والثقافى، أى المتعلق بالوعى والإدراك والمعرفى، وهو الجانب الذى ركزت عليه الجماعة طوال تاريخها الذى يقترب من التسعين عاماً، باختراق كل مستويات العملية التعليمية، واستهداف الأطفال الصغار منذ دخولهم «الكتاتيب» فى القرى، والتدرج معهم فى التنشئة على مبادئ الإخوان سنة بسنة، حتى يشبوا على الطوق، ويصبحوا إخواناً موتورين، كارهين لأرضهم، وحاملين لأفكارهم المتغطرسة والمتعالية على الوطن وترابه. ومن العبث أن تظل هذه الثغرة مفتوحة، بعد تجربة بلادنا مع الإخوان وتوابعها، لكى ينفذ منهم السم التكفيرى والإرهابى لعقول أطفالنا وشبابنا ونحن عنه غافلون، فكما يقول المثل الشائع «التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر»، ومغزى هذا المثل أن أغلب هؤلاء الأطفال قد نقشت على خلفية عقولهم شعارات الإخوان وأفكارهم، حتى تلك التى كانوا يرددونها دون وعى أو إدراك حين قبض عليهم، لذلك فإن من أوجب الواجبات أن ننتبه لهذا الوضع الصعب ونحسن قراءة خطورة ودلالات هذا الحدث الجلل، حتى لا نجبر على أن ندفع ثمناً باهظاً لقاء غفلتنا فى الغد المنظور.

 

حرية الاختيار

من المبادئ التى على أساسها تتحدد الغايات والأهداف القومية، تحقيق الرضا بين عامة الشعب، وذلك من خلال تمكين الأفراد من اختيار نمط العيش الذى يلائمهم، وهو ما يعنى بالضرورة توفير خيارات معيشية متعددة، والضمان القانونى لحرية الفرد فى اختيار ما يراه طريقًا لتحقيق سعادته، وهو أمر أثار جدلًا قديمًا جدًا لأنه يتناول فهم السعادة والرضاء، عبر عنه الإمام الشافعى بقوله: «رضا الناس غاية لا تدرك»، وقد أدى الاختلاف حول مفهوم الرضاء بين رأى يتحدث عنرضاء الجمهور على الحاكم أو عن شخص بعينه، ورأى آخر يعتبره مطلب معيارى يتمثل فى رضاء الناس عن حياتهم، وبسبب هذا الالتباس وبالنظر لرسوخ تلك المقولة، فقد تحولت إلى مبرر عند أهل الحكم فى كثير من البلدان لعدم الاكتراث برأى الناس بزعم أن رضاءهم مستحيل.. لكن فى الحقيقة فإن الرضاء المقصود فى برنامج «جودة الحياة» الذى تتبناه بعد الدول الواعية - مصل السعودية ومصر والإمارات- هو رضاء الناس عن حياتهم وهو أمر ناتج من الشعور بالأمان المادى بمفهوم للمستقبل، وهنا ينبغى أن يضاف عنصر «الأمان النفسى»، وهو ضرورى لربط الأمان المادى بمفهوم السعادة كهدف أسمى لكل نظام اجتماعى، ويتولد هذا الأمان النفسى- ومن ثم الشعور بالسعادة- كنتيجة لقناعة الفرد بتوفير إمكانية فعلية لتحقيق ذاته، وأن البيئة الاجتماعية والنظام القانونى فى الدولة يساعدانه ويسمحان له بالسعى إلى نموذج السعادة الذى يلائمه أو نموذج العيش الذى يعتبره قرينًا للسعادة، وهو ما نسميه «حرية الاختيار».

والناس فى عموميتهم يريدون الحرية لأنها تمنحهم الأمان، والحرية ببساطة تعنى أن يكون القانون فى صفك حين يتدخل الناس فى حياتك، أو يستخدمون قوتهم المالية أو نفوذهم أو مناصبهم فى منعك من العيش حسب اختيارك، أنت إذن آمن من مزاحمة الآخرين لأن القانون يحمى حريتك فى الاختيار، وإذا كان المجتمع العربى ككل مطالب بترسيخ قيمة الحرية فى هذا المعنى على وجه الخصوص، أعنى حرية كل فرد فى اختيار هدف حياته ونمط العيش الذى يحقق سعادته، ويعتبر أن هذا حق للفرد يحميه القانون، ومن ثمّ لا يتوجب على الحكومة أن تضمن السعادة للناس، لكن يجب عليها توفير الظرف القانونى والمؤسسى الذى يسمح للناس بالسعى نحو سعادتهم الخاصة، التى ينبغى أن تتعارض مع مصالح الدولة وتحقيق غاياتهم وأهدافها القومية العليا، ولكن قد تكون مختلفة عن تلك التى يسعى لها الشيخ أو القاضى أو الوزير.

 

معركة الوعى القومى

ومن هنا فإن معركة الوعى التى نخوضها حاليًا يجب أن تمتد إلى كل ربوع البلاد وعلى الأصعدة والمستويات، من المدارس إلى الجامعات، ومن المساجد إلى الكنائس، ومن الوزارات إلى الهيئات، وأن تكون هناك استراتيجية واضحة لخوض تلك المعركة، يشارك فيها المتخصصون فى مختلف المجالات العلمية والعملية، لوضع أسس وثوابت العمل المشترك الذى يؤدى إلى مواجهة تتوازن إن لم تتفق وتتغلب على تلك المقدرات والإمكانيات، وعلى معاول الهدم والتدمير التى تستخدمها جماعة الإخوان الإرهابية ضد البلاد والعباد.

لقد أكد الشعب المصرى فى أكثر من موقف وجود وعى وطنى قوى فى مواجهة وسائل الإعلام المعادية فى الخارج والداخل لإثارة الفتنة والاضطرابات فى ربوع مصر، ورفضه للاستجابة للدعوات التخريبية للخروج فى مظاهرات تخدم أهداف ومخططات أجهزة المخابرات الأجنبية وقيادات جماعة الإخوان الإرهابية فى الخارج والداخل لتخريب البلد، وتكرار أحداث 30 يونيو 2013، التى أطاحت بنظام حكم هذه الجماعة الإرهابية، بعد أن أثبتت عمليًا خيانتها خلال عام واحد من حكمها، وكان موقف الشعب المصرى دليلًا واضحًا على ارتفاع روح الولاء والانتماء الوطنى لدى المصريين، والتفافهم بقوة حول قيادتهم السياسية وجيشهم، وأفشل بالتالى كل محاولات الوقيعة بين الشعب وقياداته، كما أفشل كل المخططات المعادية لتحويل مصر إلى ساحة صراعات داخلية على النحو الذى نراه فى دول عربية أخرى، وفى هذا الصدد يجب التنويه بدرس مهم لأنه يهم كل فرد فى مصر، ونعنى به سلوك الرئيس السيسى فى مواجهة البذاءات التى نطقت بها ألسنة أعداء مصر ضده، فقد كان ولا يزال عف اللسان لم تصدر منه أى كلمة عيب واحدة ضد هؤلاء الموتورين والحاقدين، بل عاملهم بالأخلاق الإسلامية الصحيحة، التى تربى ونشأ بها، وهو ما يذكرنا بقول الإمام الشافعى فى مثل هذه المواقف: «يخاطبنى السفيه بكل قبح فأكره

أن أكون له مجيبًا.. يزداد سفاهة وأزداد حلمًا كعود زاده الإحراق طيبًا».

والدرس المفيد من هذه الأحداث أن هذا الوعى والإدراك الوطنى، والروح الوطنية العالية التى أظهرها الشعب ينبغى الاهتمام بها أولًا باستمرارها، وثانيًا بتغذيتها ورفع مستواها إلى أقصى حد لنواجه التحديات السياسية والاقتصادية والمعنوية المعادية التى سيزداد سعارها وكراهيتها لمصر، ولنتجاوب مع جهود الدولة وقياداتها فى إنجاز أهدافها ومهامها القومية فى البناء والتعمير والحفاظ على متطلبات الأمن القومى المصرى الذى يواجه تهديدات من اتجاهاته الاستراتيجية الأربعة.. من الغرب فى ليبيا، حيث محاولات نظام الإخوان المدعوم من تركيا بواسطة المرتزقة، ومن الشرق بواسطة حماس فى غزة، ومن الجنوب حيث إثيوبيا التى تحاول العبث بمياه النيل ومحاولات فلول الإخوان فى السودان لاستعادة السيطرة عليه، ومن الشمال أيضاً، حيث محاولات تركيا التحكم فى مصادر الطاقة وطرق نقلها فى شرق المتوسط، هذا فضلًا عن اتجاه استراتيجى خامس أخطر من كل هؤلاء ويتمثل فى المحاولات المعادية للضرب فى «اللحم الحى» داخل العمق المصرى فى 27 محافظة.

كل هذه التحديات والمهام القومية تتطلب وجود شعب على مستوى عال من الوعى والإدراك الوطنى، وهى المهمة الأساسية وذات الأسبقية الأولى التى يجب أن توضع فى جداول العمل لكافة الأجهزة والمؤسسات السياسية فى الدولة والبرلمانية والأمنية، خاصة الإعلامية بقسميها العام والخاص، ويتطلب بالتالى وجود استراتيجية إعلامية ذات هدف استراتيجى محدد يخدم الهدف القومى للدولة، ويحدد مهام واضحة أمام أجهزة ووسائل الإعلام العام والخاص ذات استمرارية وتواصلية تتم متابعتها باستمرار وتصحيح مسارها حتى تحقق أهدافها. أما أسلوب تنقية المهام الإعلامية فينبغى أن يقوم على ركيزتين: الأولى: الكشف المستمر لأهداف العدائيات بعد التعريف بهم وخططهم وأساليبهم ومن هم وراءهم، وبما يحصلون عليه من أموال حرام، ويتطلب بالتالى كشف سواءات هذه العدائيات وما أكثرها، حتى يتم تحطيمها فى نظر الشعب المصرى، ولا ينخدع فى محاولات لتضليل وخداع الناس عن حقيقتها وهويتها الإرهابية التخريبية، خاصة متاجرتها بالدين وشعاراته البراقة.

وهنا يجب أن نتأسى بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وهو ما أمرنا الله به قوله تعالى: لقد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه، وكان جوهر دعوة حضرته تحطيم الأصنام البشرية التى يعبدها وطيعها الناس من دون المولى عز وجل، وذلك فى قوله تعالى: «لأكيدن أصنامكم»، ولا يعقل أن حضرته كان يكبد تماثيل من الحجر لأن الحجر لا يضل أحدًا ولو عكف عليه 100 سنة، بل الذى يضل الناس هم أناس من البشر يفسدون عقول وقلوب غيرهم من الناس بمفاهيم باطلة لا أساس ولا صحة لها من الدين فى شىء (كما فعل ويفعل حسن البنا وأمثاله سيد قطب و«بن لادن» و«الظواهرى» و«القرضاوى» ومدعى السلفية.. وغيرهم فى الساحة) نسمع ونرى مظاهر إفسادهم فى عقول وقلوب الناس على أوسع نطاق فى الساحات الإعلامية المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى، فلابد من إسقاط هذه الأصنام البشرية وتحطيمها فى أعين الناس حتى لا يستجيبوا لدعواتهم الباطلة فى إثارة الفتن والخراب والدمار فى ربوع البلاد.. وهذا الأمر يتطلب توافر رجال على مستوى عال من فهم صحيح الدين كما جاء فى كتاب الله وسنة رسوله الكريم، قادرون على تطهير كتب التراث من كل ما علق بها من إسرائيليات وخزعبلات باطلة تستند إليها دعاوى الفكر المتطرف، وهذا ما يصده الرئيس السيسى من تجديد الخطاب الدينى، والمعنى الصحيح تجديد الفكر الدينى، لأن الخطاب آلية فقط مثل الإذاعة والتليفزيون والكتاب، ولكن الفكر الدينى هو المطلوب تجديده وتطهيره من كل ما علق به من شوائب، وحاشا لله أن يترك أمر دينه نهبًا لأدعياء الباطل، بل حدد بوضوح تام، وكذلك أحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجود المجددين القادرين على تجديد الفكر الدينى فى كل حين طبقًا لمتطلبات كل عصر، فكما أنه لا يمكن أن تكون هناك هداية دون هادٍ، فإنه لا يمكن أن يكون هناك تجديد دون مجدد، وهو ما يخبرنا به ويؤكده حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يبعث الله على رأس كل مائة سنة رجلًا من أمتى يجدد لها أمر دينها»، والحديث الآخر «الخير فى وفى أمتى إلى يوم القيامة». ويحدثنا التاريخ عن هؤلاء.. منهم سادتنا الشيخ أبوالحسن الشاذلى، والشيخ المرسى أبوالعباس، والشيخ أحمد البدوى، والشيخ إبراهيم الدسوقى، والشيخ محيى الدين ابن العربى وغيرهم.

أما الركيزة الثانية: فهى من أجل تعميق جذور الولاء والانتماء الوطنى على أساس الدين الذى يتاجرون بشعاراته، وتوعية المصريين بخصوصية مصر فى الإسلام، وأنها ليست كأى بلد مسلم، بل لمصر خصوصية خاصة فى الإسلام، تفرض على المسلمين فى العالم كله وليس فى مصر فقط، إعطاء اهتمام واحترام وتوفير خاص لهذا البلد «مصر» التى نسبها المولى عز وجل لحضرة ذاته الإلهية، فإنها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنانة الله فى أرضه»، فهى بهذه النسبة للذات الإلهية بلد مقدس ينبغى توقيرها واحترامها والعمل على حمايتها والدفاع عنها والود عن مقدراتها وحياضها وأهلها لكونها المكلفة من لمولى عز وجل بالدفاع عن الإسلام، وأهله، ومقدساته على الدوام والاستمرار، وهو ما أثبتته أحداث التاريخ قديمًا وحديثًا فى التصدى للصليبيين والتتار فى القرنين الـ12 والـ13، ومنذ عام 1948 حتى اليوم ضد الإسرائيليين وهزيمتهم ولا يزال هذا التكليف الإلهى لمصر وجنودها الذين وصفهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم «خير أجناد الأرض وفى رباط إلى يوم القيامة»، وقد انعكست خصوصية مصر فى الإسلام فى كثير من الحقائق المعروفة التى يجب استمرار تذكير المصريين بها، وورد ذكرها فى آيات القرآن الكريم وأحاديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون غيرها من بلدان الأرض، وربما أبرزها أن أرض مصر شرُفت بقدوم معظم رسل الله تعالى إليها، كذلك صحابة رسول الله وأهل بيته، كما تشرفت أرضها أيضاً بزنها كانت مثوى لهم، كذلك تتمثل خصوصية مصر فى الإسلام فيها خصها المولى عز وجل بخيرات ونعم كثيرة فاضت عن أهل مصر لتعم البلدان الأخرى، وأبرز مثال على ذلك قوله تعالى على لسان إخوة سيدنا يوسف عندما جاءوا إلى مصر طالبين العون والمدد فى قوله تعالى: «أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوفى لنا الكيل وتصدق علينا»، فقد كانت مصر منذ القدم تتصدق بخيراتها على كل من يحتاجها من البلدان التى حولنا وحتى اليوم، وهو ما يتمثل اليوم فى طائرات الإغاثة التى تنطلق من أن لآخر إلى البلدان التى حولنا فى السودان ولبنان وسائر بلدان أفريقيا، ورغم الظروف الصعبة التى تمر بها مصر.

هذا وغيره من عوامل تعزيز قيم الولاء والانتماء الوطنى، ما يجب أن تركز عليه مؤسسات الدولة خاصة التروية والتعليمية والإعلامية والثقافية، وبأسلوب وطريقة ممنهجة ومستمرة إذا أردنا فعلًا الاستثمار فى البشر بجانب الاستثمار فى الموارد المائية.