رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تركها زوجها وابنها بسبب مرضها.. حكاية أم يوسف بائعة الخضار وحرمان ابنتها من التعليم

أم يوسف بائعة خضار
أم يوسف بائعة خضار بسوق الطالبية

رحلة كفاح ومعاناة بدأت قبل واحد وثلاثين عامًا من الآن، سيدة في مطلع العقد الخامس من عمرها خطط الزمن على وجهها آثار الشقاء والمآسي ومتاعب الحياة، كل تجعيدة لها حكاية مؤلمة تدمي لها القلوب وتبكي لها الأعين.

 

(اقرأ أيضًا) رحلة كفاح .. يعمل في جمع القمامة للالتحاق بكلية أحلامه

 

في إحدى أسواق منطقة الطالبية بمحافظة الجيزة، تأتي "أم يوسف" بائعة الخضار يوميًا منذ أكثر من خمسة عشر عامًا لكسب قوت يومها، تجلس في أحد أركان السوق وأمامها القليل من الخضراوات (بقدونس، ولفت، وجرجير، وفجل)، التي لم تتربح منها سوى القليل من الجنيهات.

 

تركها زوجها وإبنها بسبب مرضها.. حكاية أم يوسف بائعة الخضار وحرمان ابنتها من التعليم

 

سيدة يغلب على وجهها مشاق الحياة، عيناها تمتلئان بالكثير من الحزن ومُر الأيام، تلقط أنفاسها الضعيفة بصعوبة وتخطو خطواتها القليلة ببطء وثقل شديد، يغلب عليها المرض وكأنها في التسعينيات من عمرها.

 

"أم يوسف" صاحبة الواحد وخمسين عامًا، أم لولد وابنتين، تزوجت وهي في الخامسة عشر من عمرها لرجل يكبُرها بعشرين سنة ليس له مهنة ثابتة ويُدمن المخدرات، عاشت معه أكثر من ثلاثين عامًا في ظلم وقهر، فلم يمر يومًا إلا وتعرض لها بالضرب والسب.

وعلى الرغم من قسوة الحياة ومُر الأيام إلا أنها فضلت العمل ببيع الخضراوات حتى تنفق على أبنائها فلذة كبدها وتحميهم من الجوع والعوز، وبالفعل تمكنت من زواج ابنتها الكبرى، لتلتفت للابنة الصغرى حتى تجمع لها جهاز عُرسها كشقيقتها.

 

مرت الأيام وأم يوسف لا تكل من العمل والشقاء والخروج يوميًا في برد الشتاء وحرارة الصيف للبيع حتى تستر أبناءها، وعند العودة لمنزلها البسيط كل يوم تجد زوجها العاطل عن العمل والمتواكل عليها ينتظرها بالسُباب والشتائم التي تشيب لها الرأس حتى يسلُبها أموالها القليلة التي ذاقت العلقم لتربحها.

 

وذاك يوم قبل عشرة أعوام، عادت "أم يوسف" من سوق الخضار بالطالبية إلى منزلها في منطقة كرداسة، لتجد زوجها في انتظارها كعادته، وبدأ النزاع بينهما حتى اعتدى عليها بالضرب المبرح مما أفقدها وعيها، ومن هنا بدأت رحلة السيدة المغلوبة على أمرها مع المرض.

 

عند التوجه لأحد الأطباء للاطمئنان على صحتها، اكتشفت "أم يوسف" أنها مريضة قلب وعند زيارتها لمعهد القلب وإجراء قسطرة لها، أخبرها الأطباء أنها في حاجة لعملية قلب مفتوح بسبب تلف شرايين القلب كافة، ولم يكن ذلك وليد اليوم بل أكدوا لها أن لديها عيب خلقي منذ طفولتها، وفي حالة تأخر إجراء العملية لها فهي مُعرضة لتوقف قلبها ووفاتها على الفور.

 

ولم تتوقف الحياة عن عذاب أم يوسف عند هذا الحد، بل تدهورت حالتها الصحية مع مرور الأيام أكثر فأكثر، حتى أصيبت بمرض الكبد، وأصبحت السيدة الخمسينية غير قادرة على العمل والإنفاق على المنزل.

 

وهنا قرر زوجها ترك المنزل والتخلي عن أبنائه وشريكة حياته، ولم يختلف الابن الأكبر كثيرًا عن والده فمن شابه أباه فما ظلم، حيث قرر هو الآخر اللحاق به وترك والدته المريضة طريحة الفراش عاجزة عن العمل.

 

تركها زوجها وإبنها بسبب مرضها.. حكاية أم يوسف بائعة الخضار وحرمان ابنتها من التعليم

 

وكانت هذه بداية رحلة شقاء جديدة، للابنة الصغيرة صاحبة السابعة عشر عامًا للتكفل بأمها ومساعدتها في مرضها، انتقلت "أم يوسف" وصغيرتها "منى عبدالقادر" من كرداسة للسكن بالقرب من سوق الطالبية لسهولة التنقل يوميًا من محل سكنهم لمكان عملهم في بيع الخضراوات التي يربحون منها جنيهات قليلة لا تكفي علاج الأم ولا إيجار الشقة ولا حتى قوت يومهم.

 

حقنة للكبد ثمنها 400 جنيه يجب أن تحصل عليها "أم يوسف" أسبوعيًا فضلًا عن أدوية القلب التي لا تُغني عن إجراء العملية، وإيجار السكن الذي يبلغ 850 جنيهًا شهريًا، هل لبيع القليل من الخضراوات زهيدة الثمن القدرة على سداد كل هذه المتطلبات؟ بالتأكيد لا.

 

لا تطمح "أم يوسف" سوى في سكن بسيط يحميها وابنتها من التشرد بالشوارع، وتوفير الرعاية الصحية لحالتها المتدهورة وتخفيف عذاب الألم البدني الذي تعيشه في كل يوم، ولا تتمنى الفتاة الصغيرة إلا شفاء والدتها التي أصبحت هي وحدها عزوتها بالحياة، وأيضًا أن تعود للمدرسة التي أُجبرت على تركها بعد حصولها على الابتدائية لتكمل تعليمها وتحصل على شهادة تحميها من مرارة الجهل وقسوته.

 

طالع المزيد من الأخبار عبر موقع alwafd.news