عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"زفتى".. قصة كفاح أشعلت ثورة 1919

جانب من التظاهرات
جانب من التظاهرات بزفتي 1919

أشعل قرار اعتقال الزعيم الراحل سعد زغلول وزملائه ونفيهم إلى جزيرة "مالطة" فتيل الثورة فى نفوس المصريين، ودبت بداخلهم روح المقاومة ضد الاحتلال البريطانى خلال ثورة 1919.

 وجاء رد الفعل قاسيًا من قبل المصريين تجاه القرار، بدءًا من مدينة زفتى بمحافظة الغربية، التي هي مسقط رأس زوجته، لتمتد بعد ذلك إلى جميع ربوع مصر، للضغط على السلطات واجبارهم على الإفراج عن زعيم الأمة، لم ينصت الاحتلال آنذاك لمطالب التظاهرات ما اضطر أهالي المدينة لقطع خطوط السكك الحديدية واستبدال وسائل النقل بالمراكب عن طريق النيل.

يوسف الجندى، هو بطل الراوية آنذاك، فالمحامي الذي كان يقطن فيلاته بجوار محطة قطار زفتي التي شهدت أحداث دامية بين قوات الاحتلال والجماهير، لم يهدأ تواصل مع مجموعة من الشباب الثوريين للتخطيط لإعلان انفصال  المدينة عن المملكة المصرية واستقلالها وإنشاء "جمهورية زفتى" وذلك فى يوم 18 مارس عام 1919، للفت أنظار العالم إلى مدى التأييد الشعبى للزعيم سعد زغلول وزملائه.

حصلت الفكرة على تأييد جميع أهالى البلده وتوحدت الجهود من أجل محاربة الاحتلال البريطانى، وما آثار الدهشه توسل "سبع الليل" ـ أحد أكبر قطاع الطرق واللصوص بالمدينة ـ  للانضمام إلى الثوريين، معلنًا عن رغبته فى استباحة دم رجال الإنجليز والتوقف عن سرقة أبناء وطنه.

وشكل الشباب الثوريين لجنة سميت بـ"لجنة الثوره" برئاسة "يوسف الجندى" ممثلة من بعض الأعيان والمتعلمين والأفندية، واتخذت اللجنة مقرًا لها قاعة واسعة من الدور الثانى لمقهى يمتكله رجل عجوز اسمه "مستو كلى".

ومن هنا بدأت "جمهورية زفتى" فى رسم طريق الثورة، فأتفق قادة  "لجنة الثورة" على وضع يدهم على السلطة الفعلية "للجمهوريه" عن طريق الاستيلاء على مركز البوليس الكائن بها، وانطلقوا فى مظاهره كبيره واستعدوا بكل أسلحتهم البدائية لمواجهة الضباط والجنود.

واحتشد الآلاف من الجماهير أمام قسم الشرطة استعدادًا لاقتحامه، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان حيث لعبت الروح الوطنيه دورًا هامًا ودفعت كلًا من "اسماعيل حمد" مأمور القسم و"أحمد جمعة" معاون البوليس إلى الإنضمام للمظاهره دون حدوث اشتباك بين الطرفين وقاموا بتسليمهم مخزن السلاح وقيادة الجنود، ثم عرض الثانى خدماته عليهم كمستشار للدولة الحديثة.

 وتوجهت المظاهرات إلى مكتب التلغراف ومحطة السكك الحديد وفرضت سيطرتها عليهم.

وقام أعيان "جمهورية زفتى" بجمع تبرعات لإنشاء ميزانية خاصة بها، واستغلوا هذه الأموال لقيام بالأعمال المفيدة مثل هدم البرك والمستنقعات وغيرها، وشكلوا فرق مكونة من شباب "الجمهورية" لحراسة كافة مداخلها وتأمينها من بطش أعدائها ونجحوا فى إنشاء إمبراطورية خاصة بهم.

وسرعان ما انتقلت أخبار المدينة الثائره إلى القاهرة ومنها إلى لندن وتناقلاتها وسائل

الإعلام ونشرت جريدة"التايمز" فى عنوانها آنذاك " زفتى أعلنت استقلالها ورفعت على مبنى المركز علمًا جديدًا".

الآمر الذى آثار الرعب فى قلوب جنود الاحتلال ودفعهم إلى إيفاد فرقه من الجنود الأستراليين - تابعه للإنجليز- للاستيلاء على مدينة زفتى عن طريق ميت غمر لذلك قام الأهالى بحفر خنادق حول دولتهم واستخدام الأسلحة العتيقة للتصدى لهم وبالفعل منعوهم من الدخول.

وفى فجر يوم جديد فوجئ أهالى "جمهورية زفتى" بوجود عشرات من مراكب الجنود القادمة عن طريق البحر، مسلحين بالمدافع وقاموا بإطلاق النار على كل من يعترض طريقهم واحتلوا بعض المناطق الواقعة على أطراف القرية.

وقامت قوات الاحتلال البريطانى بالإفراج عن الزعيم سعد زغلول ورفاقه فى محاولة منهم لتهدئة لهيب الثورة بعد فقدانها السيطرة عليها.

وكانت "لجنة الثورة" قد علمت بقدوم الجنود الأستراليين فأعدت منشورًا بالإنجليزية ينص على "أنكم مثلنا ونحن نثور على الإنجليز لا عليكم والإنجليز الذين يستخدمونكم فى استعبادنا يجب أن يكونوا خصومكم أيضًا"، لذلك قرر الجنود البقاء على حدود القرية وعدم دخولها.

 وبعد إسقاط "جمهورية زفتى" وإخضاعها لسيطرة الإنجليز استيقظ الخونه والجواسيس من سباتهم العميق وقاموا بإرسال خطابات إلى السلطات فى القاهرة تحتوى على أسماء الزعماء، وسرعان ما انكشف أمرهم ولكن بعد فوات الآوان، فقد قامت قوات الإحتلال البريطانى بفرض شروط لتسوية الأمور وهى تسليم 20 رجلًا وجلدهم عقابًا على عصيانهم.

ووضع "قادة الدولة" فى مأزق صعب إما التضحيه بأبناء القرية أو مواجهة غضب الإحتلال، وبعد نقاش طويل قرر زعماء "لجنة الثوره" تسليم الخونة وعملاء الإنجليز لمعاقبتهم على ما اقترفوا من أخطاء وجلد الإنجليز عملائهم.

وسعت قوات الإحتلال البريطانى للقبض على يوسف الجندى وزعماء "جمهورية زفتى" مقابل مكافئة مالية كبيرة لكنهم استطاعوا الهرب.