رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

البابا شنودة صانع الأمل من رحم المعاناة.. قصة نجاح 40 سنة

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

 

مرت على الكنيسة المصرية أعوام كثيرة شهدت فيها مراحل ومنعطفات خلقت من بين أضلعها رجالًا لا يمحو أسماءهم الرحيل، بل يمجد أعمالهم كل عام فى ذكراهم ويوفى الأقباط حق الجميل لكل من منحهم علمًا وخدمةً ورعاية، ومن بين هؤلاء يتربع اسم مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث، بطريرك الكرازة المرقسية الـ117.

وعلى مدار 40 عامًا قاد الكنيسة المصرية فى أدق مراحلها حمل اللواء من بعد مثلث الرحمات البابا كيرلس الذى أعاد إليها الحياة وأقام بين جدارها الصلوات بانتظام، وأصبح على كتف البابا شنودة حِمل أن يسير بها إلى بر الأمان فى فترة مظلمة عنوانها الحروب والصعوبات لا يُنيرها سوى الأمل.

يُعد البابا شنودة من أشهر الوجوه المسيحية فى مصر والعالم أجمع ومن يتطلع فى أوراق التاريخ يجد أنه منذ طفولته تظهر معالم تشير إلى كيف سيكون هذا الطفل المعروف بين أقرانه باسم «نظير جيد» الذى ولد 3 أغسطس 1923 فى قرية سلام بمحافظة أسيوط، نشأ فى طفوله قاسية وعاش يتيمًا وفقد أمه التى رحلت متأثرة بحمى النفاس، فاضت الكثيرات من سيدات قريته بمحتهن لهذا الطفل وحرصن على التناوب فى رعايته بل ظل يقُص هذا الطفل الذى صار البابا شنودة هذه الفترة حتى رحيله وظل يردد أنه مديون لكل هؤلاء الأمهات وأنه ابنهن جميعًا.

ظل بطريرك الأقباط الراحل يروى عن حياته الكثير وذكر عن مرحلة الابتدائية من حياته أنه لم يكن أحد يهتم لأمره إلى أن أخذه أخاه الأكبر الذى كان يعمل موظفًا فى دمنهور وحينئذ بدأت دراسته ثم انتقل فيما بعد إلى الإسكندرية تلقى تعليمة داخل مدارس أهلية لأنه لم يملك شهادة ميلاد تؤهله أن يلحق بمدرسة أميرية ولجأ إلى القضاء حتى يتمكن من استخراج وثيقة ميلاد، فاستخرجت الشهادة ووصلته وهو فى السنة الثانية من مرحلة الثانوية بعدما ضاعت سنتان أخريان من عمره، ولم يتوقف عن السير فى درب العلم بل استكمل طريقة وصار من أشهر العلماء بل هو مُعلم الأجيال.

لم يكن البابا شنودة رجل دين أو قائد للأقباط فحسب بل كان شاعرًا فريدًا يميزه رقة كلماته ودقة وصفه للأشياء وعلى الرغم من قلة قدرته فى اللغة العربية وهو صغير إلا أن موهبته كانت أقوى من الظروف وساعدة رغبته فى التعلم قدرته بدأ كتابة الشعر فى عمر الـ15، وظل يعرف ما يكتبه على أنه منتثور وليس شعرًا يطلق على ما يكتبه شعرًا حتى قرأ فى قواعد الشعر وبحور الشعر وأوزانه وتفاعيله من خلال كتاب «أهدى سبيل إلى علمى الخليل..العروض والقافية».

يؤول الفضل فى تعلم البابا شنودة اللغة العربية إلى أستاذه محمود محمد سعد، حسب ما ذكره معلم الأجيال فى حديثة وكان هذا الأستاذ هو رئيس نقابات العمال وهو من طلب منه أن يضع نشيدًا للعمال عام 1940.

كانت كلمات البابا شنودة تسير تواعية لمشاعره وسخر المفردات معانيها من أجل وصول فكرته فمن بين مئات الكتب التى صدرت مجمع أشعاره خرجت قصائد تلامس الوجدان استطاع وينساب فى قلوب الناس هذه المشاعر ومنها ما كُتب فى حب المسيح والوطن والتعبير عن الغربة والوحدة وغيرها، وكانت من شدة تأثرة بفترة طفولته ما ظهر فى كلمات قصيدته «أحقًا كان لى أم فماتت، أم أنى قد خلقت بغير أم».

كان رجلًا مميزًا هكذا وصفه كل من جمعتهم الفرص لقاء البابا شنودة الذى تولى خدمة الكرازة المرقسية عام 1971 ولعب دورًا كبيرًا فى مختلف الأصعدة وأسهم البابا شنودة فى توحيد الرأى داخل المجمع المقدس ووضع أول لائحة للمجمع، كما أدخل قداسة البابا مبدأ حق الأقباط أن يختاروا راعية، ووضع العضوية داخل الكنيسة لمعرفة من هم الآباء الذين ينتمون إليها، واتسعت الكنيسة المصرية فى بلاد الغرب ثم أفريقيا والشرق العربى، والتقى البابا شنودة بجميع رؤساء الدول والكنائس وكان رجل دولة ودين وعلم وفن بدرجة إنسان لا يمر مثيلة كثيرًا لذا يصبح سيرته إلهام وتذكاره واجب.

كان من المتوقع أن يستهل قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، عظته الروحية ببعض الكلمات التى تُعيد إلى الأذهان فضل وعلم البابا شنودة «مُعلم الأجيال»، وقال: نتذكر مثلث الرحمات المتنيح البابا شنودة الثالث فى ذكرى رحيله الـ11، هذا العملاق الذى قاد الكنيسة عبر 40 سنة كبطريرك، فى مصر والعالم، وبالطبع تتلمذت على يديه أجيال وأجيال، ومعظمنا نحن الحاضرين فى هذا الزمان سواء من الآباء المطارنة أو الأساقفة أو الكهنة أو الشمامسة أو الخدام أو الشعب فالجميع تتلمذ على عظاته ومقالاته وكتاباته وكتبه، وأيضاً مقابلاته، وعلى كل الحياة التى خدم بها الكنيسة بأمانة عبر السنين الطويلة، كما نتذكر رحيله».

 

 

مناسبات الأقباط فى الفترة المقبلة

وروى البابا تواضروس بعض المناسبات التى تشهدها الكنيسة الكنيسة فى النصف الثانى من الشهر الجارى، حيث تعيد ذكرى رحيل البابا شنودة وأيضاً تحتفل بعيد الصليب المجيد، وتُحيى ذكرى القمص بيشوى كامل بعد الاعتراف الرسمى بقداسته، إلى جانب أعياد الأسرة والأم والربيع.

 

احتفالات عيد الصليب المجيد فى الكنيسة المصرية

وتحتفل الكنيسة المصرية اليوم الأحد ١٠ برمهات الموافق 19 مارس بعيد الصليب وهو موعد ثابت ويتم الاحتفال به مرتين خلال العام ويكون فى شهر سبتمبر يوم ١٧ توت حسب التقويم القبطى، وتحتفل فى هذيْن الموعديْن أى كل ستة شهور، وتُقام فيما بينهما تحديدًا يوم الجمعة الكبيرة (جمعة الصلبوت) ويُعد العيد

 

 

السنوى للصليب.

يشهد الأقباط فى ذات اليوم تذكار نياحة القديس بيشوى كامل فى الإسكندرية، وكان هذا الأب الراحل كثير الحديث والتناول عن الصليب، حسب ما ذكرة البابا تواضروس الذى استشهد بأقواله الشهيرة، وكان يعلمها فى اجتماعات الشباب الجامعى، زذكر قداسته أيضاً مناسبة الاحتفال الأول لنياحة الأب بيشوى بعد اعتراف المجمع بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى يونيه الماضى بقداسة هذا الكاهن فى الإسكندرية، وكذلك بقداسة أبونا يسطس الأنطونى وهو أحد آباء دير الأنبا أنطونيوس فى البرية الشرقية.

تُصادف هذه الاحتفالات بعض المناسبات والتذكارات التى تأتى مع أعياد الأسرة وبداية فصل الربيع، وعيد الأم، ويقول البابا أن هذه الأعياد الاجتماعية مرتبطة بالطبيعة حتى أنهم يُسمون عيد الربيع بـ«عيد خلقة العالم»، وكأن العالم خُلق فى هذا اليوم خاصة، وهو تاريخ معروف فى العالم كله».

 

البابا تواضروس يتناول علاقة أحد السامرية بـ«معالجة الأخطاء داخل الأسرة»

وتعتبر الأسرة التى أقيم لها العالم عيدًا من أبرز وأهم الأشياء فى الحياة باعتبارها هى المصدر والمؤسس الأول للإنسان، وكان البابا تواضروس قد ربط تعاليم آحاد الصوم الكبير بمفاهيم تُعيد إلى الأسرة المسيحية بعض المبادئ الصحيحة التى اوصى عليها الكتاب المقدس، وعرفت بـسلسلة «محطات رحلة الصوم الكبير وربطها بحياة الأسرة»، واستكمل البابا عظته بجزء من الأصحاح الرابع فى إنجيل معلمنا يوحنا (الأعداد من ٧ إلى ١٨)، وأشار إلى موضوع اليوم الأحد والمعروف كنسيًا بـ«أحد السامرية» أو (أحد النُص)، ويتناول كيفية التعامل مع الخاطئ بصورة إيجابية، كما تعامل السيد المسيح مع المرأة السامرية المنعزلة والمنبوذة من المجتمع، واتّخذ قصة السامرية كنموذج فى معناه الأسرى والاجتماعى.

وبدأ قداسة البابا بتعريف الخطأ أو الانحراف واعتبره ككسر للمعايير المجتمعية، وأشكاله المختلفة، واختص عن القيمة بالنسبة لصورة الأب أو الأم داخل الأسرة، واستعرض الأسباب التى قد تؤدى إلى انحراف أى شخص فى المجتمع: ومنها أن ينشأ فى أسرة غير مترابطة، أو ينشأ فى مؤسسة تعليمية ضعيفة، أو ينشأ منذ صغره فى فراغ وبدون هواية، أيضاً الفقر الشديد أو الغنى الشديد، والاستخدام السيئ لشبكة الانترنت و«الميديا» بشكل عام، ورفقاء السوء، وأيضاً التحرش والتنمر المنتشر فى المجتمع الآن، والحروب والأزمات فى الدول.

وأكّد قداسته على أن السبب الأساسى والدافع الأول فى انحراف الزوج أو الزوجة هو «الإهمال»، وأن السبب فى انحراف أحد الطرفين هو إهمال الآخر له، ومن خلال قصة السامرية أوضح كيف يُنظر للإنسان المنحرف، وهى نظرة المجتمع أنه إنسان غير مقبول، كما فعلت السامرية عندما ذهبت لتستقى فى الظهيرة، ونظرة الأسرة (عدم حكمة) عندما يكتشف أحد الزوجين انحراف الطرف الآخر يفقد السيطرة على نفسه، ولا يتعامل مع الأمر بحكمة، بل يقع فى خطايا متعددة، مثل الغضب والإدانة والعنف اللفظى، ونظرة الله (تراؤف واحتضان) وتكون باستمرار عودة الإنسان الخاطئ، بل يُرتب بعض الأمور ليسمع الخاطئ جرس إنذار، مثال أن يُعطى هدوءًا للطرف الآخر فى استقبال الخطأ بروية وتعقل.

 

البابا تواضروس يضع وسائل لعلاج الأخطاء والانحرافات داخل الأسرة

وضع قداسة البابا بعض السبل التى تعيد للأسرة ثباتها من الانحرافات واستهلها بـالاتجاه إلى الله بالصلاة، وثانيها هى الصبر والهدوء وصناعة الحوار المُحب، التذكير بالإيجابيات فى شخصية المنحرف لتدفعه إلى التوبة، ثم ذكر أهمية استغلال أوقات الفراغ سواء بمجالات روحية أو اجتماعيًه، وأوصى الأهل بتجنب التوبيخ وضرورة اِمسك عفة لسانك، وأيضاً تجنب القسوة فى التعامل مع الطرف الآخر، وأهمية اللجوء إلى المختصين فى المشورة الأسرية أو النفسية أن تطلب الأمر ذلك، واختتم كلمته مؤكدًا الحكمة فى معالجة الانحراف بين الكبار والتعامل مع الخطأ برحمة.