رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإمام أحمد بن حنبل

بوابة الوفد الإلكترونية

أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى الذهلى، فقيه ومحدِّث مسلم، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلى فى الفقه الإسلامى. اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوى، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعى بقوله: «خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل»، ويُعدُّ كتابه «المسند» من أشهر كتب الحديث وأوسعها.

وُلد أحمد بن حنبل سنة 164هـ فى بغداد ونشأ فيها يتيماً، وقد كانت بغداد فى ذلك العصر حاضرة العالم الإسلامى، تزخر بأنواع المعارف والفنون المختلفة، وكانت أسرة أحمد بن حنبل توجهه إلى طلب العلم، وفى سنة 179هـ بدأ ابن حنبل يتَّجه إلى الحديث النبوى، فبدأ يطلبه فى بغداد عند شيخه هُشَيم بن بشير الواسطى حتى توفى سنة 183هـ، فظل فى بغداد يطلب الحديث حتى سنة 186هـ، ثم بدأ برحلاته فى طلب الحديث، فرحل إلى العراق والحجاز وتهامة واليمن، وأخذ عن كثير من العلماء والمحدثين، وعندما بلغ أربعين عاماً فى سنة 204هـ جلس للتحديث والإفتاء فى بغداد، وكان الناس يجتمعون على درسه حتى يبلغ عددهم قرابة خمسة آلاف.

اشتُهر ابن حنبل بصبره على المحنة التى وقعت به والتى عُرفت باسم «فتنة خلق القرآن»، وهى فتنة وقعت فى العصر العباسى فى عهد الخليفة المأمون، ثم المعتصم والواثق من بعده، إذ اعتقد هؤلاء الخلفاء أن القرآن مخلوق محدَث، وهو رأى المعتزلة، ولكن ابن حنبل وغيره من العلماء خالفوا ذلك، فحُبس ابن حنبل وعُذب، ثم أُخرج من السجن وعاد إلى التحديث والتدريس، وفى عهد الواثق مُنع من الاجتماع بالناس، فلما تولى المتوكل الحكمَ أنهى تلك الفتنة إنهاءً كاملاً. وفى شهر ربيع الأول سنة 241هـ، مرض أحمد بن حنبل ثم مات، وكان عمره سبعاً وسبعين سنة.

فقد ابن حنبل أباه وهو طفل صغير، فقد قال: «لم أرَ جدى ولا أبي»، والمعروف أن أباه مات بعد ولادته، ولا بد أن ذلك كان وهو صغير لا يعى ولا يدرك شيئاً، بدليل أنه نفى رؤيته لأبيه وجده، وقد ذُكر أن أباه مات شاباً فى الثلاثين من عمره، ولقد قامت أمه بتربيته فى ظل مَن بقى من أسرة أبيه، وكان أبوه قد ترك له ببغداد عقاراً يسكنه، وآخر يغل له غلة قليلة تعطيه الكفاف من العيش، فاجتمع له بتلك الغلة الضئيلة أسباب الاستغناء عما فى أيدى الناس.

نشأ ابن حنبل فى بغداد وتربى بها تربيته الأولى، وقد كانت بغداد تموج بالناس الذين اختلفت مشاربهم، وتخالفت مآربهم، وزخرت بأنواع المعارف والفنون، فيها القراء والمحدثون والمتصوفة وعلماء اللغة والفلاسفة والحكماء، فقد كانت حاضرة العالم الإسلامى، وقد توافر فيها ما توافر فى حواضر العالم من تنوع

المسالك وتعدد السبل وتنازع المشارب ومختلف العلوم، وقد اختارت أسرة ابن حنبل له منذ صباه أن يكون عالماً بكل العلوم الممهدة له، من علم بالقرآن والحديث واللغة ومآثر الصحابة والتابعين وأحوال النبى محمد وسيرته وسيرة أوليائه الأقربين.

لم يتزوج أحمد بن حنبل إلا بعد أن بلغ الأربعين، وقيل إن ذلك كان بسبب اشتغاله بالعلم، أو لأن أمه كانت موجودة بجواره ترعى شئونه، أو لأنه كان يكثر من الرحلات وتطول غيبته عن بلده، فلما أن بلغ الأربعين وأصبح أقرب إلى الاستقرار من ذى قبل فكر فى الزواج، وقد قال ابن الجوزى فى ذلك: «كان رضى الله عنه شديد الإقبال على العلم، سافر فى طلبه السفر البعيد، ووفر على تحصيله الزمان الطويل، ولم يتشاغل بكسب ولا نكاح حتى بلغ منه ما أراد».

بدأ أحمد بن حنبل رحلاته سنة 186هـ ليتلقى الحديث عن الرجال، فرحل إلى العراق وإلى الحجاز وإلى تهامة وإلى اليمن، وكان يود أن يرحل إلى الرى ليستمع إلى جرير بن عبدالحميد، ولم يكن قد رآه قبل فى بغداد، ولكن أقعده عن الرحلة إليه عظيمُ النفقة عليه فى هذا السبيل. وتوالت رحلاته ليتلقى عن رجال الحديث شفاهاً، ويكتب عن أفواههم ما يقولون، فرحل إلى البصرة خمس مرات، كان يقيم فيها أحياناً ستة أشهر يتلقى عن بعض الشيوخ، وأحياناً دون ذلك وأحياناً أكثر، على حسب مقدار تلقيه من الشيخ الذى رحل إليه.

بعد أن طلب أحمد بن حنبل الحديث من رجاله واستمع إليهم وكتب عنهم ما استمع، وطوَّف فى الأقاليم الإسلامية يطلب الحديث، جلس للتحديث والفتيا، ويُروى أنه لم ينصب نفسه للتحديث والفتوى إلا بعد أن بلغ الأربعين، فقد قال ابن الجوزي: «إلا أن الإمام أحمد رضى الله عنه لم يتصدر للحديث والفتوى، ولم يُنصب نفسه لهما حتى تم له أربعون سنة».