رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

علي شعراوي.. "ثالث ثلاثة" الصعيدي الثري الذي رافق سعد زغلول وانحاز للشعب

كان زعيم الأمة سعد زغلول يدرك أن الثورة أتية لا ريب فيها، وكان يعد لتلك الثورة حصانين يرى أنه لا بديل لأحدهم عن الأخر.

أما حصانه الأول الذي راهن عليه فكان مجموعة الشباب المتحمس، أحمد ماهر ومحمود فهمي النقراشي وحسن كامل الشيشيني، وغيرهم الذين سبق واختارهم للسفر في بعثات لأوروبا حينما كان وزيرا للمعارف.

ورهانه الثاني كان على الكبراء والأعيان وأعضاء الجمعية التشريعية.

رجال حول الزعيم (2-3)
فخري عبد النور قاموس الوفد.. عاصر ثورة 19 ومات في البرلمان

 

وكان علي باشا شعراوي أحد الرهانين وكان زعيم الأمة يعول عليه وقتها كثيرا.

هو لم يكن رهان فقط في مساندة الوفد أو الاخلاص لسعد باشا ولكن كان المكسب الأكبر من الرهان هو أن علي شعراوي كان ثالث ثلاثة ذهبوا في أول مقابلة للمندوب البريطاني وتحدثوا عن قضية الاستقلال.

 

 

                                                                                       بهذه الكلمات وصفه الفاضي عبدالعزيز فهمى

 

كان من أعيان الصعيد ومن أثرياء محافظة المنيا، في السبعين من عمره وقورا يطلق لحيته، محافظ متمسك بالتقاليد، زوجته هدى هانم شعراوي والتي كانت تصغر زوجها بأربعون عام.

 

علي شعراوي وأم المصريين

 

كانت المواجهة الأولى بينه وبين أم المصريين صفية زغلول، حينما علمت بأن أعضاء الوفد قرروا الاجتماع في منزل علي شعراوي والقريب من دار سعد زغلول، فغضبت وقتها وقالت: أن سعد لم يمت، وبيت سعد سيبقى مفتوح ليكون مركز قيادة الثورة، طلبت منه في التليفون أن يعود بأعضاء الوفد الى الاجتماع في بيت الأمة.

 

كلف من صفية هانم زغلول عند إلقاء القبض على سعد زغلول بأن يخطر أعضاء الوفد  المصري برغبتهن في الخروج في مظاهرة وكان رافض للفكرة تماما لنشأته الصعيدية المحافظة.

 

وقال لها: ان سياسة الوفد هي المقاومة بالطرق المشروعة، فقالت له: وهل القبض على سعد ورفاقه تم بالطرق المشروعة؟ أن التلغرافات لا تحطم قضبان السجون.

ولكنه لم يملك أمام إصرار صفية هانم سوى الإذعان لرغبتها، وأبلغ أعضاء الوفد المجتمعون، وكان سبب في خروج أول مظاهرة نسائية تقدمتها صفية زغلول وزوجته هدى شعراوي.

 

والده حسن أغا شعراوى، عمدة المطاهرة بمحافظة المنيا، وخاله محمد سلطان باشا، تزوج فى فترة باكرة وأنجب ولده الأكبر حسن باشا شعراوى فيما بعد.

 

 

انخرط على شعراوى فى العمل السياسى فى سن مبكرة، سار جنبا الى جنب مع خاله محمد سلطان باشا، عضو المجلس النيابي الأول فى عهد الخديو توفيق، وكان هو القائم مقام الخديو فى صعيد مصر بأكمله، وتقدم على بك شعراوى، ليتزوج الفتاة المثقفة نزيلة القاهرة، والتى أصبحت فيما بعد الزعيمة النسائية المعروفة هدى شعراوى.

أسس مع أحمد لطفى السيد، فى 9 مارس 1907، صحيفة "الجريدة"، ومعهم شقيق زوجته وابن خاله عمر سلطان، وإلى جانب زميله عبدالعزيز فهمى.

وكذلك كان من مؤسسي حزب الأمة الذى شكلته فى 21 سبتمبر 1907 مجموعة الجريدة أيضا.

 

 

3 رجال ومندوب.. بداية ثورة شعب

منذ 100 عام في فى 13 نوفمبر 1918توجه ثلاثة رجال بصفتهم أعضاء في الجمعية التشريعية المصرية، هم سعد زغلول، وعلى شعراوى، وعبدالعزير فهمى، إلى دار المندوبية البريطانية في قصر الدوبارة، بالقرب من دار سعد زغلول "بيت الأمة" لمقابلة السير ريجالند وينجت، مطالبين السفر لمؤتمر الصلح بباريس، لعرض القضية المصرية.

رجال حول الزعيم (1-3)
مكرم عبيد.. المجاهد الكبير رفيق سعد زغلول في المنفى

 

تحدث الثلاثة رجال عن استقلال مصر، وحق المصريين في البحث عن مصيرهم ولا سيما وان الحرب العالمية قد انتهت، وكان رئيس الوزراء وقتها حسين رشدى ولع دور حلقة الوصل بين بين الثلاثة رجال والسير وينجت.

بيد أن السير وينجت اعتبرهم غير ذوات صفة للحديث عن الشعب المصري، ومن تولدت فكرة "الوفد المصري".

بعد ساعة واحدة من انتهاء اللقاء، وضع مؤسسو الوفد المصرى، قانون تأسيس هذه الهيئة الشعبية، وأجمعوا على اختيار سعد زغلول.. واتبعوا القانون بصيغة التوكيل الأول له.

 

بعد تحرير محضر المقابلة مع سير وينجت، بحضور أعضاء الوفد المقترح، فى 13 نوفمبر 1918، أجمع الجميع على رئاسة سعد زغلول للوفد، وتم الاتفاق على تكوين وفد المفاوضات، وتم وضع قانون للسير عليه.

 

التوكيلات

وقتها خاطب المعتمد البريطانى رئيس الوزراء، رشدى باشا: كيف سمح سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى لأنفسهم أن يتحدثوا باسم الشعب المصرى؟.

هنا ظهرت فكرة التوكيلات من الشعب المصري لسعد زغلول ورفاقه، للسفر إلى باريس لعرض قضية استقلال مصر وأن يسعوا فى سبيل ذلك بكافة الطرق.

وأقبل الشعب بمختلف طوائفه على توقيعها، وكانت المقابلة بين المصريين الثلاثة والمعتمد البريطانى تم تحريرها فى محضر رسمى يعتبر أول وثيقة من وثائق ثورة ١٩١٩.

 

تفاصيل اللقاء.. دبوماسي و3 ثوار

 

وفى لقاء تاريخى التقى الوطنيون الثلاثة سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى - السير البريطانى الذى بادرهم بالقول: إن الصلح اقترب موعده وإن العالم يفيق بعد غمرات الحرب التى شغلته زمناً طويلاً وإن مصر سينالها خير كثير وإن الله مع الصابرين، والمصريون هم أقل الأمم تألما من أضرار الحرب وإنهم مع ذلك استفادوا منها بأموال طائلة وإن عليهم أن يشكروا دولة بريطانيا العظمى التى كانت سببا فى قلة ضررهم وكثرة فائدتهم.

ورد سعد باشا: ما فعلته انجلترا خيرا لمصر وإن المصريين بالبداهة يذكرونه لها مع الشكر، وأضاف: إن الحرب كانت كحريق انطفأ ولم يبق، إلا تنظيف آثاره وإنه يظن أنه لا محل لدوام الأحكام العرفية ولا لمراقبة الجرائد والمطبوعات وأن الناس ينتظرون بفروغ صبر زوال هذه المراقبة كى ينفسوا عن أنفسهم ويخفوا عن صدورهم الضيق الذى تولاهم أكثر من ٤ سنوات.

 فقال السير ونجت إنه ميال لإزالة المراقبة المذكورة وإنه تخابر فعلا مع القائد العام

للجيوش البريطانية فى هذا الصدد ولما كانت هذه المسألة عسكرية فإنه بعد تمام المخابرة والاتفاق مع القائد سيكتب للحكومة البريطانية ويأمل الوصول إلى ما يرضى، ثم استمر قائلا: يجب على المصريين أن يطمئنوا ويصبروا ويعلموا أنه متى فرغت إنجلترا من مؤتمر الصلح فإنها تلتفت لمصر وما يلزمها.

وعلق سعد باشا: إن الهدنة عقدت والمصريون لهم الحق أن يكونوا قلقين على مستقبلهم ولا مانع يمنع الآن من أن يعرفوا ما هو الخير الذى تريده إنجلترا لهم.

 فقال السير: يجب ألا تتعجلوا وأن تكونوا متبصرين فى سلوككم فإن المصريين فى الحقيقة لا ينظرون للعواقب البعيدة.

 فقال سعد باشا: إن هذه العبارة مبهمة المعنى ولا أفهم المراد منها، فأوضح السير: أريد أن أقول إن المصريين ليس لهم رأى عام بعيد النظر، فرد سعد باشا: لا أستطيع الموافقة على ذلك فإنى إن وافقتك أنكرت صفتى فإنى منتخب فى الجمعية التشريعية عن قسمين من أقسام القاهرة، وكان انتخابى بمحض إرادة الرأى العام مع معارضة الحكومة واللورد كتشنر فى انتخابى، وكذلك كان الأمر مع زميلىّ على شعراوى باشا وعبدالعزيز بك فهمى.

ورد السير ونجت: إنه قبل الحرب كثيرا ما حدثت حركات وكتابات من محمد فريد وأمثاله من الحزب الوطنى وكان ذلك بلا تعقل ولا رؤية فأضرت مصر ولم تنفعها فما هى أغراض المصريين؟.

 

 فقال على شعراوى باشا: إننا نريد أن نكون أصدقاء للإنجليز صداقة الحر للحر لا العبد للحر، فقال السير ونجت: إذا أنتم تطلبون الاستقلال؟! فقال سعد باشا: ونحن له أهل وماذا ينقصنا ليكون لنا الاستقلال كباقى الأمم المستقلة.

وأضاف السير ونجت: لكن الطفل إذا أعطى من الغذاء أزيد مما يلزم أتخم، فقال عبدالعزيز بك فهمى: نحن نطلب الاستقلال التام وقد ذكرتم جنابكم أن الحزب الوطنى أتى من الحركات والكتابات بما أضر ولم يفد، فأقول لجنابكم إن الحزب الوطنى كان يطلب الاستقلال وغاية الأمر أن طريقة الطلب التى سار عليها الحزب ربما كان منها ما يؤخذ علينا وذلك راجع إلى طبيعة الشبان فى كل جهة.

فقال السير ونجت: كانت مصر عبدا لتركيا أفتكون أحط منها لو كانت عبداً لانجلترا؟ فقال شعراوى باشا: قد أكون عبدا لرجل من الجعليين وقد أكون عبداً للسير ونجت الذى لا مناسبة بينه وبين الرجل الجعلى ومع ذلك لا تسرنى كلتا الحالتين لأن العبودية لا نرضاها فقال السير ونجت: لكن مركز مصر حربيا وجغرافيا يجعلها عرضة لاستيلاء كل دولة قوية عليها قد تكون غير إنجلترا.

فقال سعد باشا: متى ساعدتنا إنجلترا على استقلالنا التام فإننا نعطيها ضمانة معقولة على عدم تمكين أى دولة من استقلالنا والمساس بمصلحتها فنعطيها ضمانة فى طريقها للهند وهى قناة السويس بأن نجعل لها دون غيرها حق احتلالها عند الاقتضاء.

قال السير ونجت: قد سمعت أقوالكم وانى أعتبر محادثتنا غير رسمية بل بصفة حبية فإنى لا أعرف شيئا عن أفكار الحكومة البريطانية فى هذا الصدد وعلى كل فإنى شاكر زيارتكم وأحب لكم الخير، فشكره الثلاثة على حسن مقابلته وانصرفوا الساعة الثانية عشرة.

 

سجل سعد زغلول وعلى شعراوى وعبدالعزيز فهمى محضرا رسميا بما جرى، وكان فهمى هو الذى حرر هذا المحضر وبالطبع راجع كل واحد من الثلاثة بدقة ما نسب إليه قبل أن يعتمدوا الوثيقة ويعتبروها الأساس الذى قام عليه الوفد.

 

صيغة التوكيل الأولى

هذا نصها: 

 

لكن السلطة الإنجليزية تصدت للتوكيلات فى ٢٣ نوفمبر فلم تكد صيغة التوكيل توضع حتى أقبلت طوائف فى حماس منقطع النظير على توقيعها فكان أن أصدر مستشار وزارة الداخلية الإنجليزى أمره للمديرين بحظر تداول هذه التوكيلات والتوقيع عليها فشرع الناس يتداولونها ويوقعون عليها سرا.

فأصدر المستشار أمره بمصادرة ما تم التوقيع عليه فعلا فاقتحم البوليس بعض الدور والمكاتب للاستيلاء عليها.

 

                المراجع

كتاب ثورة 1919 – القوي الاجتماعية ودورها رفعت السعيد

كتاب من واحد لعشرة – مصطفى أمين