رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إعجاز الكلمة القرآنية

أ. د.محمد محمد داود
أ. د.محمد محمد داود

تتآلَف الأصوات وتتناغم على مستوى الكلمة القرآنيَّة تآلُفًا تفرَّدتْ به، وفى هذا السياق المعجز اختفتْ ـ بطبيعة الحال ـ ما تعانى منه الكلمة خارج القرآن الكريم من تنافُر أصواتها أحيانًا، لقد نَحَّى القرآن الكريم عن العربية التقعُّر فى الكلام والألفاظ الحوشيَّة الثقيلة على السمع، على نحو ما نرى فى كلمات: «جحيش»، و«مستشزرات»، و«جحلنجح»، و«البخصات»... إلخ.

وإليك مثالًا مما أورده صاحب «نظام الغريب فى اللغة» لكلمة معروفة للعرب قاطبة هى «اللبن»، ومن مرادفاتها ما يفوق الأربعين:

(لبن أُمْهُجانٌ، وأُمْهَج بالفتح وأُمْهُوج أيضًا: اللبن الخالص. والماضر: اللبن الحامض ومنه سُمِّيَت المضيرة، ومثله الخاثر. والضَّيَاح: اللبن الممزوج بالماء. والرِّسْل: اللبن الحليب نفسه. والمذيق: اللبن الممزوج بالماء، والصريح الخالص منه. والعُجَالِط والعُجَلِط: الرائب الغليظ. والرُّوبة بغير همز: اللبن الحامض الذى قد رُوِّبَ به الحليب. والعَكِىُّ بتشديد الياء: اللبن الحامض. والهُجْمة والهَجِيمة: اللبن قبل أن يحمض. والحاذر: اللبن الحامض، فإذا تقطَّعَ وصار اللبن ناحية والماء ناحية فهو مُمْذَقِرٌ، فإن تكبَّدَ بعضه على بعض وحمض فلم يتقطع فهو إذْك. والعُثَلِط والهُدَبِد: ما خَثَر منه وتلبَّد. والصَّقْر: أحمض ما يكون من اللبن، فإذا صُبَّ عليه حليب فهو الرَّائثة والمُرِضَّة. والعكيس: اللبن الحليب يُصَبُّ على مَرَق. والنَّخِيسة: لبن الضأن يُصَبُّ على

لبن المعز. والصَّحيرة: الحليب المسخن حتى يحترق. والسَّمْهَج والسَّمْلَج: اللبن إذا كان حلوًا دسمًا. والمِلْعاز والمِلْهاز: اللبن يختلط بعضه ببعض عند المخضِّ. والصَّرْب والصَّرَب: أحمض ما يكون من اللبن. والسَجَاج: أرَقُّ ما يكون من اللبن، والْمـَهْو والمسْجُور مثله. والنَّسْء: الحليب إذا مزج بالماء، والنَّسِى مثله.

بينما اكتفى القرآن بكلمة واحدة هى (اللبن)، ولا عجب أن غابت كل تلك الكلمات الغريبة عن واقع الاستعمال اللغوى، وبقيت الكلمة القرآنية؛ لقد كان القرآن بمثابة غربال لأصوات العربية، ومصفاةً لها أخرجت منها ما ينبو عنه السمع وما يثقل على اللسان، والناظر فى هذا الكتاب الكريم يجد بين دفتيه أمثلة ناصعة للنقاء الصوتى والسلاسة وتجسيد المعنى عن طريق الصوت بصورة متميزة، بل ومتفردة لا نجد لها مثيلًا فى أرقى مستويات الفصاحة اللغوية لهذه اللغة.

وسبحان من هذا كلامه.