رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أخلاق المسلم وأثرها فى المجتمع

تنهض الأمم وترتقي برقيّ أخلاق أبنائها، فالحضارات مهما بلغت وتطوّرَت لا يعلو شأنها ولا يَستقيم حالها دون أن تربط مَسيرتها بالمَبادئ والمُثُل والقيم، وإنّ أفول شمس كثيرٍ من الحَضارات السّابقة كان بسبب انفِكاكها عن قِيَمها وأخلاقها.

 

جاء الإسلام بشريعةٍ خالدةٍ لم تترك شيئاً من أمور الدّنيا والآخرة إلاّ وضعت له المَنهج والطّريق؛ فالمُسلم يَعبدُ الله سُبحانَه وتعالى على بصيرةٍ ونورٍ، ولا يَنحرف عن منهاجِ ربّه وهدي نبيّه، وقد احتلّت الأخلاق جانباً رئيسيّاً في ديننا وهدي نبيّنا الذي جاء ليُتمّم مكارم الأخلاق ويَربطها بشريعة الله التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا تتنازعها الأهواء؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ).

 

فكلّ خُلُقٍ بلا دين أو عقيدة إنما هو هواء لا خير فيه. حثّ نبّينا عليه الصّلاة والسّلام على التحلّي بالخلق الحسن، والصّفات الحميدة، وقد أقرّ الإسلام لمّا جاء ما كانَ من الأخلاق والقِيم والعادات الحسنة التي اعتاد أهل الجاهليّة على فعلها؛ كالكرم، والجود، وإعانة المحتاج وعابر السبيل، وإكرام الضيف، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة.

 

وأما أثر الأخلاق الحسنة في حياة المسلم: فإن فوائدها كثيرة، ومنافعها عظيمة، في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا: فإذا ما اتصف المسلم بحسن الخلق، فإن الناس ستحبه وتألفه، فيكثر أصدقاءه ويقلُّ أعداءه، ويتودد الناس إليه، ويطلبون قربه، كما قال الشاعر:


أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبـــد الإنسانَ إحسانُ (قصيدة عنوان الحكم: صـ٣٦)

وحسن الخلق يقلل المشاكل والخلافات مع الناس ويساهم في إصلاح ذات البين، بل إنه يحول العدو إلى صديق، قال تعالى:


(وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ). [فصلت: ٣٤]

 

وحُسنُ الخلق يجعل الألفة والمودة بين أفراد الأسرة الواحدة، ويبعد عنهم الجدل والمراء وسوء الأخلاق، فتكون حياتهم هادئة مطمئنة، مفعمة بالمحبة والرحمة..

فتكون لبنة متينة في بناء المجتمع الإسلامي، ووردة عطرة فواحة في بستان الأمة الإسلامية.

 

ومن آثار الأخلاق الحسنة في الآخرة: قوله صلى الله عليه وآله وسلم:


«إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» (سنن أبي داود: ٤٧٩٨)،

 

بمجرد أن يكون لك سلوكٌ حسن وكلامٌ طيب مع من حولك من الناس، فلك أجر

عظيم، يبلغ أجر عمل الصائم القائم، وحتى أن الخلق الحسن يفوق غيره من الأعمال في الأجر والثواب، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:


«ما مِن شَيء يُوضَعُ فِي الميزان أثقلُ مِن حُسْنِ الخُلُقِ...». (سنن الترمذي: ٢٠٠٣)

 

فهو أثقل ما يوضع لك في الميزان، ولهذا عليك أن تحرص على أفعالك فتزينها بمحاسن الأخلاق، وأقوالك بطيب الكلمات، لتكون من أهل الجنان..


بل إن حسن الخلق يبلغ بك غاية الغايات وأعلى الدرجات وأرفع المقامات، فإن الإسلام عندما اعتبر (حسن الخلق) أهم الأهداف التي يسعى لها المسلم، جعل أجره أفضل الأجر، وأفضل الأجر ليس الجنة وحسب، وإنما أفضل الأجر هو مرافقة أفضل الخلق صلى الله عليه وآله وسلم في أفضل منزلة في الجنة، ولهذا تجد من أهمية الأخلاق وفضلها على حياة المسلم أن جعل أحسن الناس أخلاقاً أقربهم إلى أفضل الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، قال عليه الصلاة والسلام:

 

«إِنَّ مِن أحَبِّكم إلي وَأقْرَبِكم مني مجلسًا يومَ القيامةِ أَحاسِنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغَضَكم إلي وأَبعَدَكم منِي مجلِسًا يومَ القيامةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتشَدِّقُونَ وَالْمُتفَيْهِقُونَ». (سنن الترمذي: ٢٠١٨)

 

فهل هناك أعظم وأفضل؟! فاحرص يا مسلم على تهذيب نفسك وتزكيتها وتحسين أخلاقك، فهو والله أفضل ما يسعى إليه، ويكون هذا بمرافقة الشيخ المربي للنفوس، الكامل ديناً وخُلقاً، فيرتقي بك درجةً درجة في معارج الكمال الإيماني والأخلاقي، فإن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قال:

 

«أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا...». (سنن الترمذي: ١١٦٢)