عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرسان الشرق للتراث تبحث في سيكولوجية «ريا وسكينة»

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد نجاحه الجماهيرى بالقاهرة على مسرح الجمهورية، تعيد فرقة فرسان الشرق للتراث تحت إشراف مديرها الفنى الدكتور عصام عزت تقديم، عرض «ريا وسكينة» تصميم وإخراج كريمة بدير، وذلك على مدار يومين متتاليين اليوم وغدًا على مسرح سيد درويش « أوبرا الإسكندرية».

عندما تفقد الروح موازينها، تبدأ تبحث عن ذاتها بين خبايا الجسد، وعندئذِ تجد نفسها تغوص بين نغمات الموسيقى، فيبدأ الجسد يعبر عما يخالج الروح وما يراودها من أحاسيس ومشاعر فى صورة حركات تعبيرية راقصة. من هذا الوتر سطرت فرقة «فرسان الشرق للتراث» سطرا جديدا فى حياة أشهر اثنين «ريا وسكينة» هاتين المرأتين اللتين اغتابتا وهما صائمتان، كانتا ضحايا للقدر، ومجتمع لا يرحم.

قدمت «فرقة فرسان الشرق للتراث» أحدث عروضها المسرحية «ريا وسكينة 1921»، برؤى جديدة ومختلفة عن الشكل التى تطرقت له الأفلام والمسلسلات، التى أظهرت بشاعتهن دون لمس السبب الجوهرى الذى ساقهن لذلك، على مسرح الجمهورية بالقاهرة، والذى حقق ردود أفعال إيجابية من جانب الجمهور والنقاد الذين اشادوا بالعرض، نظرا لجرأته التى اتسم بها فى تناول قصة تم تقديمها أكثر من مرة فى السينما والتلفزيون والمسرح، وقدمها عمالقة الفن المصرى وترسخت فى أذهان المشاهدين تارة بصورة كوميدية وأخرى تراجيدية، لكن العرض تناول هذه المرة الجانب الإنسانى وراء قصة أشهر سفاحتين أثارتا الرعب فى قلوب أهالى الإسكندرية بدايات القرن العشرين.

فى هذا السياق قال السيناريست المسرحى محمد فؤاد، إنه كان أمام تحدٍ صعب، فى كتابة عمل مسرحى استعراضى يعتمد على الرقص أكثر من الكلمة، يتناول قصة تم تداولها كثيرا فى السينما والتلفزيون والمسرح، لهذا قرر أن يسلط الضوء على الظروف الاجتماعية والسياسية والنفسية التى أودت بريا وسكينة إلى «حبل المشنقة»، عبر تجسيد أبطال العرض لحالات شعورية ما بين الحزن والشر والانكسار والتمرد بشكل استعراضى وبتوظيف الرقص كعنصر أساسى فى الحبكة المسرحية.

وأضاف : تم الاستعانة بالمخزون الفلكلورى، من ملابس وأقوال مأثورة وبعض الأدوات المتمثلة فى «المشنة» وغيرها من الأدوات لتتماشى مع طبيعة الفرقة لأنها تراثية تتناول أعمال التراث.

وأشار إلى أنه لعب على التحليل النفسى عند شخصية «ريا» و«سكينة»، بالإضافة لشخصية بديعة وهى الطفلة البسيطة التى عاشت حياة القهر جميعها، وعانت من التعنت من جانب المجتمع بسبب جرائم والدتها وخالتها. موضحا أن العرض يسلط الضوء على شخصية «بديعة» وهو الشخصية التى أهملتها الدراما والسينما والمسرح.

واستطرد: «كانت «بديعة» ابنة «ريا» هى كلمة السر التى حلت لغز اختفاء و مقتل سبع عشرة امرأة، فهى من قام بالاعتراف والادلاء عنهم، و«بديعة» هى ابنة ريا التى أحبت أمها حبًا جما، بالرغم من تصرفات الأم البشعة معها، وهى طفلة عانت الظلم والفقر والجفاف العاطفى من قبل أسرتها ومن الذنب الكبير الذى تحملته بداخلها بسبب ما فعلته بعائلتها ورأته عيناها و ادلائها باعتراف و شهادة أدت بأسرتها إلى حبل المشنقة، فبعد أن تم تنفيذ الإعدام فى ذويها وأضحت يتيمة بلا أهل، وقد قام البوليس بإيداعها فى الإصلاحية، التى لقيت مصرعها فيها بعد حرقها، جاءنى هاجس أن بديعة من الممكن أن تكون هى التى قامت بحرق الملجأ لأنها نتاج تربية قاسية، من هنا جاءت الحبكة الأساسية التى يدور حولها العرض.

وأكد أنه حرص فى العرض ألا يظهر «ريا» و«سكينة» مذنبتين ولا بريئتين، لافتا إلى أنه ترك الحكم للجمهور.

وعن أكبر التحديات التى واجهته فى كتابة العرض قال: من التحديات التى واجهتنى أن العصر الذى أعدمت فيه «ريا» و«سكينة» عام 1921، وهذا يعتبر تنفيذ أول حكم إعدام على امراتين، ذاعت جرائمهما عام 1916، إذِ كان هناك حينها حالة سياسية واقتصادية فيها حراك، أنا استخدمت هذه الحكاية أن الحراك السياسى الذى ظهر يخلفه فقر وجهل وحالة اقتصادية متردية تسببت فى هذا

الحراك، طول الوقت كنت بلعب على نقطة أن ريا وسكينة نتاج الفقر والجهل والمرض؛ فضلا عن تصميم أزياء يوحى بتلك الحقبة.

وأوضح أنه من التحديات الكبيرة التى واجهته أيضا، كتابة سيناريو قصية يضم كلمات بسيطة ومعبرة تختزل الزمن التاريخي، وتقديمه فى زمن مغاير، وجعل القصة تحاكى بواقعية الظروف الاجتماعية والعنف السائد فى المجتمعات وانعكاساته على الأجيال القادمة.

ولكن قصة «ريا» و«سكينة» ليست من الحكايات التراثية المعروفة بخلاف «بهية»، و«ناعسة»، و«السيرة الهلالية».. كيف استطعت كمؤلف المزج بين التراث وقصة مستحدثة؟ قال : استعنت ببعض العبارات الفلكورية التى تعبر عن الحدث وتلخص القصة فى جمل بسيطة، خاصة أن العرض قائم على الرقص الاستعراضى أكثر من الكلمة، مثل عبارة «الدنيا بتلف بيا زى الحاوى فرشتى كلها مسامير وريقى ببلعه نار»، كما ظهرت بديعة وهى تؤدى لعبة «الحجلة» وهى من الألعاب الشعبية فى مصر، لكى ننسج عملًا تراثيًا مناسبًا لمنهجية الفرقة.

ومن جانبها أبدت مخرجة العرض كريمة بدير، سعادتها بردود الأفعال الإيجابية التى حققها العرض قائلة : العرض بدأ من نهاية الحكاية عن طريق «الفلاش باك»، من عالم الأموات وضحايا ريا وسكينة، وبسرد فلسفى حول الحياة والموت ممزوج باستعراض جريء تقدمه الضحايا اللواتى فقدن زهرة شبابهن، يوحى بقهر المجتمع الذكورى للنساء.

وعن التحديات التى واجهتها قالت: كان عليّ إظهار حالة شعورية تتأرجح بين القهر والانكسار والحزن وقليل من الابتسامة الزائفة، إذ تعتمد منهجية العرض على جسد الممثلين فى المجالين التعبيرى والتخييلى وحركات راقصة تمزج الرقص المعاصر مع الرقص الشرقي.

وأضافت: يعالج العرض سيكولوجية الشر من خلال طرح التحليل النفسى لشخصيات ريا وسكينة وبديعة، مع استعراضات راقصة تعبر عن روح كل منهما وما يراودها من أفكار وخواطر، فقدمت سكينة استعراضا أكثر أنثوية ومعتمدًا على الفلكلور المصرى والرقص الشرقي، بينما ريا قدمت رقصة معاصرة أظهرت تحجر قلبها وتسلطها.

واشارت إلى أنه تم توظيف استعراضات تراثية سكندرية تستحضر تراث أهل بحرى وجمع الصيادين وحياتهم التى تموج بالحيوية فى حين تقبع الطفلة بديعة، لاتساق قصة ريا وسكينة مع منهجية الفرقة التى تناقش الأعمال التراثية البحتة.

الجدير بالذكر ان فرقة فرسان الشرق أسستها وزارة الثقافة عام 2009 بهدف استلهام التراث المصرى والعربى وإعادة صياغته فنيا من خلال تصميمات وتابلوهات حركية مبتكرة تحمل صبغة درامية شعبية وتاريخية ثم انضمت إلى منظومة فرق دار الأوبرا المصرية وظهرت أول أعمالها عام 2010 باسم الشارع الأعظم بعدها توالت عروضها التى لاقت استحسان وإعجاب الجمهور وحققت نجاحًا كبيرًا.