رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أبناؤنا فى قبضة «السوشيال ميديا»

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - إسلام أبوخطوة/إشراف: نادية صبحي

كعادته يجلس سيف الدين، لساعات طويلة يلهو فى هاتفه، حتى أدمن لعبة «بوبجى» الإلكترونية، فقرر تطبيقها على أرض الواقع.

ذهب الطالب إلى مقر شقة معلمته حاملًا سلاحا أبيض «سكين»، وفور دخوله شقتها طلب منها إحضار كوب ماء، وغافلها وسدد إليها طعنات نافذة فى جسدها، وهرع إلى الشارع تاركاً دليل إدانته: السكين والحقيبة والحذاء.           

وقال الطالب المتهم فى تحقيقات النيابة، إنه شاهد مقطع فيديو أثناء ممارسة لعبة، فقرر تطبيقه على أرض الواقع.

لعبة «بوبجى» لم تكن الأولى من نوعها التى تسببت فى حادث القتل السابق، بل هناك العديد من الألعاب القاتلة على شبكة الإنترنت وكان من قبلها «الحوت الأزرق»، ففى هذه اللعبة الجديدة يصل عدد اللاعبين فى كل مرحلة إلى 100 لاعب، تم بيع أكثر من 15 مليون نسخة من اللعبة حتى الآن، وحول عدد المشتركين فى اللعبة بلغ 2 مليون لاعب، وتم تحميل اللعبة على متجر أندرويد أكثر من 32.34 مليون مرة، حتى أصبحت فى مقدمة التطبيقات التى يجرى تحميلها فى أكثر من 100 دولة حول العالم!

ضحايا الألعاب القاتلة ليس فى مصر فقط، بل على مستوى العالم، ففى العام الماضى رصدت السلطات الروسية، أكثر من 130 حالة انتحار، بسبب لعبة الحوت الأزرق، وقفز أكثر من مراهق من مبنى مكون من 14 طابقاً، وتكررت هذه الحوادث فى اليونان، حيث قام مراهق عمره حوالى 14 عاماً، بالتواصل مع شخص يدعى الحوت الأزرق عبر الفيس بوك، وطلب منه أن يجرح نفسه، ثم طلب منه أن ينفذ أمر الانتحار وينهى حياته.

الأمر الذى يثير العديد من التساؤلات: أين الأسرة من إدمان أطفالها لهذه الألعاب القاتلة؟

المسئول الوحيد الذى أجاب عن هذا السؤال بشكل صادم كان الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، الذى قال إن الأمهات، مشغولات عن أبنائهن بالفيس بوك 24 ساعة، وهو ما أثار غضب كل أمهات مصر، ولكن يبدو أن ما قاله وزير التعليم حمل جانباً من الحقيقة ولو كرهت الأمهات!

واعترف عدد من أولياء الأمور لـ«الوفد» بأن تصريح وزير التربية والتعليم حول انشغال أولياء الأمور بـ«الفيس بوك» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى، صحيح ولكن ليس كل الأمهات على هذا الحال.. وأكد عدد من السيدات، أن كلام الوزير صحيح تماماً فى طبقات الأغنياء، حيث تنشغل الأمهات بتفاصيل غير ضرورية فى حياتهن ويتجاهلن مراقبة أبنائهن، ومستواهم التعليمى وتفاصيل حياتهم الخاصة وخلافه.

سناء مصطفى، موظفة، قالت: «الطفل اللى بيلعب الألعاب القاتلة دى بيقعد بالساعات على التليفون أو الجهاز وعلى مدار أيام طويلة.. إزاى الأسرة مخدتش بالها من ده كله؟ السبب طبعاً هو أن فيه ستات فعلاً شغلها الشاغل هو الفيس بوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعى».

وقالت فاطمة حمدى، موظفة، إن الألعاب عادة ما تستهدف الأطفال أو الشباب فى سن المراهقة، وهذه الفئة العمرية تحتاج كثيرًا إلى الملاحظة من الآباء والأمهات والتقرب منهم كثيرًا لنعرف تفاصيل حياتهم وأصدقائهم ومشاكلهم النفسية والعاطفية وغيرها.

وتابعت: بالتأكيد هناك أولياء أمور يعزفون عن التقرب لأبنائهم وينشغلون عنهم بحياتهم الخاصة، فالأم فى الفيس وإنستجرام وغيرهما والأب فى عمله المتواصل خارج المنزل، ومن هنا يصبح الابن فريسة للسموم التى تبث على الإنترنت.

وقال سامى طاهر، صاحب محل بقالة، إن أولياء الأمور عليهم مسئولية كبيرة فى مراقبة الأبناء خاصة حينما يبلغون سن المراهقة، أو يقبلون على استخدام الموبايل، فحينما يتم ملاحظة استخدامهم للهاتف على مدار ساعات طويلة لا بد أن يلاحظ الأب سلوكيات ابنه أو ابنته، ويتقرب منهم ليعلم ماذا يفعلون على صفحات التواصل الاجتماعى، وما الألعاب التى يستخدمونها، خاصة بعدما سمعنا عن ألعاب الموت التى انتشرت فى الشهور الأخيرة.

كما أشار «طاهر» إلى أن وزير التربية والتعليم حينما قال إن الأمهات يقضين 24 ساعة على «فيس بوك» فلا بد أن يخصص ولا يعمم والحوادث التى سببتها ألعاب الإنترنت لا تقع إلا فى الوجه البحرى، ففى الصعيد نادر جدًا ما تقع تلك الجرائم بسبب رعاية أولياء الأمور لأبنائهم، فلا يشغلهم صفحات التواصل إلا بعض الوقت من يومهم، وليس يومهم كله.

 

أستاذ علام:

التعامل مع التكنولوجيا له ضوابط

قال الدكتور مرزوق العادلى، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة سوهاج، إن المسئولية الأولى فى حوادث الأطفال مع

الألعاب الإلكترونية القاتلة، تقع على عاتق الأسرة، التى تغفل رعاية الأبناء وملاحظتهم.

وأشار «العادلى» إلى أن شاشة التلفاز تعرض العديد من المواد الإعلامية ما بين النافع والضار، ولهذا لا بد على عائل الأسرة من حذف جميع القنوات التى قد تضر بسلوكيات الأطفال وترك فقط البرامج التى تهدف لتوعية الأطفال، وغيرها من العروض الكرتونية المفيدة.

وتابع: تربية الأبناء على التكنولوجيا تنمى قدراتهم الفكرية ولكن لا بد من ضوابط حتى لا يتعرض الطفل للسموم التى تعرضها بالشبكة العنكبوتية، وعلى أولياء الأمور متابعة أبنائهم جيدًا وغرس فكرة «المصارحة» لما يواجهونه على الإنترنت.

وتابع: «محدش يقدر يراقب ابنه 24 ساعة، ولو الابن مكنش من نفسه سلوكه قويم، يمكنه مشاهدة ما يريده خارج المنزل فى سايبرات النت، ولهذا لا بد من الاعتماد على زراعة الأخلاق الحميدة فى نفوس الأطفال منذ نعومة أظافرهم.

وأكد الدكتور مرزوق العادلى: فى الفترة الأخيرة أصيبت العديد من النساء بهوس التكنولوجيا خاصة من أصحاب الطبقات المرفهة، فيقضين ساعات طويلة على صفحات التواصل الاجتماعى، غير عابئين بمخاطر الإنترنت على أبنائهم الذين يقضون أيضًا ساعات طويلة يتسامرون ويستطلعون ما لا يعلمون من ألعاب قتالية، وغيرها من الصفحات التى تخل بآدابهم وتعلمهم سلوكيات غير أخلاقية.

 

باحثة نفسية:

الأطفال مادة خام سهلة التشكيل

قالت عزة هاشم، باحثة نفسية، إن الأطفال وعقولهم ووعيهم مادة خام سهلة التشكيل، وتأثير ألعاب الإنترنت عليهم ناتج عن عدم اكتمال الحد الفاصل بين منطقة الوعى واللاوعى لدى الطفل، فكل ما يراه على الشاشة هو بالنسبة له حقيقى وواقعى، والكل يذكر أنه مع رواج نموذج سوبر مان حدثت وقائع إصابة أطفال حاولوا تقليده بالقفز من أعلى.

وأشارت الباحثة الاجتماعية إلى أن دور الأسرة هنا المتابعة والتوعية وليس الرقابة، يجب أن يعى الطفل أن هناك فارقاً بين الواقع والخيال، وأن ليس كل ما نراه خلف الشاشات واقعياً وقابلاً للتحقق.

وتابعت: هناك أطفال يصلون إلى درجة مرضية من التوحد مع الأبطال والمواقف غير الواقعية، وهم أطفال فى الحقيقة لديهم ميول إبداعية يتم توجيهها سلبًا أو إيجابا.

وحول ارتباط الحوادث التى تنجم عن الألعاب الإلكترونية، بنوع الطبقة الاجتماعية، ردت الخبيرة النفسية قائلة: لا توجد علاقة بين مستويات الرفاهية أو المستوى الاقتصادى والاجتماعى واتجاه الطفل للتأثر السلبى أو الإيجابى بهذه الألعاب أو هذا المحتوى، الموضوع نفسى بحت فالتكنولوجيا لم تعد تقتصر على الأسر المرفهة وإنما أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الجميع حتى فى القرى والمناطق النائية.

وتابعت: تربية الأطفال وتنشئتهم على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لا تتم بالاعتماد على ألعاب العنف، وإنما هناك الكثير من البدائل وألعاب البرمجيات التى تتحدى عقل الطفل وتعمل على تنمية وعيه وذكائه، مشيرة إلى أن التكنولوجيا مثلها مثل أى شىء فى الحياة مجدية إذا أحسن استغلالها ومضرة فى حالة الاستخدام غير المحسوب لها.