رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدولار يغتال أحلام الغلابة فى العلاج

بوابة الوفد الإلكترونية

50% ارتفاعًا فى أسعار المستلزمات الطبية.. ولا عزاء للمرضى

 

نقص المستلزمات الطبية كارثة تهدد حياة آلاف المرضى، فكل يوم يفقد عشرات المواطنين حيواتهم داخل المستشفيات الحكومية والخاصة بسبب هذا النقص الشديد.

 

و»الشماعة» التى يعلق الجميع عليها هذا النقص هى «ارتفاع سعر الصرف – انخفاض حجم الاستيراد – جشع التجار واحتكار الشركات» ورغم أن هذه الأسباب أصبحت معروفة وواضحة للجميع إلا أن أحدا لم يحرك ساكنا لتغييرها، بينما بات المرضى يدفعون الثمن من أرواحهم فالعلاج أصبح قاصرا على من يملك الأموال، ولا عزاء للفقراء.

تعانى المستشفيات العامة والجامعية وكذلك الخاصة والعيادات أيضا من نقص حاد فى المستلزمات الطبية، وهو ما أصاب المترددين عليها بحالة من القهر والحسرة، وبعد أن كانت المشكلة قاصرة على المستشفيات العامة  امتدت إلى المستشفيات والعيادات الخاصة، وطال هذا النقص بنج الأسنان وخيوط العمليات الجراحية والشرائح والمسامير التى تستخدم فى عمليات العظام.

 

مستشفى عين شمس التخصصى تغلق وحدة القلب لمدة 5 أيام بسبب الأزمة.. وقوائم الانتظار تتزايد

الدولار يغتال أحلام الغلابة فى العلاج

هذا النقص كان فى سبب تأخر حالة الطفلة روان صابر 4 سنوات والتى كانت بين الحياة والموت فى مستشفى المطرية، مما دفع أحد أفراد أسرتها ويدعى  محمود صلاح الصعيدى إلى التوجه باستغاثة لوزير الصحة بسبب ما تعانيه داخل المستشفى، قائلاَ:» بأن اهمال المستشفيات ما زال عرضا مستمرا، كما أننا نعامل وكأننا عبيد رغم أن العلاج حق للمواطن على الدوله، موضحا أن الطفلة أصبحت بين الحياة والموت بسبب نقص المستلزمات الطبية، ورغم قيامنا بشراء كافة المتطلبات من الخارج، إلا ان عدم دراية بعض الأطباء أدى إلى تأخر حالتها، فضلا عن المعاملة السيئة بداية من أفراد الأمن حتى الطبيب المعالج»

 

ويعد مستشفى أبو الريش واحدا من أهم الصروح الطبية لعلاج الأطفال فى مصر، ومع ذلك يعانى روادها من نقص حاد فى المستلزمات الطبية حتى أن أسر الأطفال يقومون بشراء معظم الأدوية وألبان الأطفال الرضع والسرنجات من الخارج، كما أنها تعانى من نقص شديد فى عدد الأسرة.

 

بعد مستشفيات الحكومة.. الخاصة تدخل على الخط.. والمرضى يدفعون الثمن

 

والحال ليس أفضل فى مستشفيات التأمين الصحى حيث قالت السيدة فاطمة أكرم إنها تعانى من عدة أمراض مزمنة، وتتلقى علاجها من مستشفى 6 أكتوبر للتأمين الصحى، ولكنها تتردد على المستشفى منذ أكثر من أسبوع ولا تجد العلاج.

محمد سعيد

وأكد محمد سعيد أن نفس هذه المشكلة تواجه فى مستشفى صيدناوى للتأمين الصحى، حيث تعانى المستشفى من نقص فى كل شيء بما فى ذلك الأطباء أما منى عادل من أهالى البدرشين فقد تعرضت لكارثة حينما عقرها كلب وتوجهت إلى مستشفى البدرشين العام للحصول على المصل، إلا أن المستشفى قال بأنه غير متوفر، ووجهوها إلى مستشفى الحوامدية، لتفاجأ هناك بإعادتها مرة أخرى إلى مستشفى البدرشين، ولكنها فوجئت برفض التمريض منحها المصل بحجة أنه غير موجود، فتوجهت لمكتب المدير للشكوى فقام بتوبيخ التمريض وأمرهم بمنحها المصل، وبالفعل حصلت على أول حقنة، وفى موعد الحقنة الثانية توجهت إلى المستشفى لتفاجأ بأن المصل غير متوفر وعليها إعادة الكرة من جديد.

الدكتور أحمد الشيال

ويروى لنا الدكتور أحمد الشيال إستشارى جراحة على المعاش واقعة تعرض لها قائلا:» هناك نقص شديد فى المستلزمات الطبية، وأنا شخصيًا أجريت لى عملية استئصال بروستات فى شهر يوليو الماضى، وقمت بشراء معظم المستلزمات من خارج المستشفى وعلى حسابى الخاص، والسبب فى هذا النقص يقع على عاتق المستشفيات وعلى مديرية الشئون الصحية بالمحافظات أو إدارة الجامعة بالنسبة للمستشفيات الجامعية أو أمانة المراكز الطبية المتخصصة التابع لها مستشفيات الأمانة.

 

شهر فبراير يشهد ذروة الأزمة.. وعودة نظام مستندات التحصيل هو الحل

 

وتابع»الشيال»، السبب فى وصولنا لهذا الأمر هو الضعف الإدارى بالمستشفيات والهيئات التابعة لها، ويمكن تفادى هذه المشكلة، بتوفير المستلزمات بصورة دورية تكفى على الأقل لستة أشهر، ولكن للأسف فالأمر عبارة عن « كلام على الورق»، مؤكدًا أن المرضى يقومون بشراء حتى أبسط المستلزمات كالقطن والشاش والجونتيات والقساطر والجبس الخاص بعمليات العظام، لذا يجب توفير حاجة المرضى فهذا حقهم على الدولة. 

 

وإذا كان هذا الأمر مألوفا فى المستشفيات العامة منذ فترة طويلة إلا أن المستشفيات  والعيادات الخاصة أصبحت تعانى منه الآن بسبب ارتفاع أسعار الدولار وهو ما أكده أحمد حجازى بائع مستلزمات طبية بشارع القصر العينى، موضحا أن ارتفاع اسعار الدولار أدى إلى رفع سعر المستلزمات الطبية لأكثر من 50%، حيث إن معظم تلك المواد تستورد من الخارج، ولذلك أصبحت كل الجهات تشترى كميات أقل من المستلزمات الطبية نظرا لارتفاع أسعارها.

الدكتور محمد الفقى

وأضاف الدكتور محمد الفقى صيدلى أن هناك سببا آخر للمشكلة وهو الازمة الاقتصادية العالمية، التى أثرت بالسلب على العديد من الدول، والتى ظهرت بعد موجة كورونا، لافتًا إلى أن الإنتاج  انخفض بشكل عام وبالتالى انخفض التصدير، ولذلك ارتفعت الأسعار.

 

وأكد «الفقي» أن جشع التجار أدى إلى تفاقم الأزمة، فبعض كبار المستوردين يقومون برفع سعر المنتج للضعف، مطالبا بضرورة الرأفة بآلام المواطنين، مضيفا أنه يتوقع انتهاء الأزمة خلال عامين، حيث ستصبح مصر دولة منتجة ومصدرة للمواد الطبية، وهذا من شأنه خفض الأسعار بنسبة كبيرة وتوفير احتياجات المرضى.

والتقطت أطراف الحديث الدكتورة هبة الضاهرانى أستاذ الطب والجراحة، قائلة: هناك نقص فى الأدوية والأجهزة الطبية بسبب تدهور الحالة الاقتصادية، مما أدى إلى عدم قدرة الدولة على تحمل ما كانت تتحمله سابقًا خاصة بعد ارتفاع أسعار الدولار

وأضافت «الضاهراني»، أنه يجب على الدولة زيادة الاهتمام بالقطاع الصحى الحكومى، وتوجيه معظم نفقاتها تجاه هذا القطاع المهم، بالإضافة إلى دعوة المجتمع المدنى لتقديم تبرعات للمستشفيات الحكومية، فضلًا عن فرض الرقابة على جشع بعض الشركات، لافتة إلى أن هناك من يقومون باستغلال الازمة الحالية من خلال الاحتكار او إخفاء السلع وأدوية والأجهزة وعرضها بعد ذلك بأسعار عالية، لتحقيق مكاسب مادية على حساب أجساد المرضى.

حوار وطنى

واتفق معها فى الرأى، الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب، قائلًا:»إن ارتفاع سعر الصرف أثر بالسلب على البنية التحتية للمستشفيات، خاصة الأجهزة الطبية والأدوات التعويضية، ومستلزمات الجراحات كالدعامات القلبية والصمامات وأجهزة المفاصل والشرائح وغيرها، مضيفًا: «كل المستلزمات الطبية المستوردة ارتفعت أسعارها وهو أخطر ما يواجه القطاع الصحى فى مصر الآن إضافة إلى ارتفاع أسعار الدواء».

ويضيف«سمير»، أنه مع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار دخلت شرائح كبيرة من المجتمع فى نطاق غير القادرين، والمفترض بحسب القانون أن تدفع لهم وزارة المالية اشتراكات التأمين الصحى، وهو ما لن يحدث للأسف، والحل هنا هو إقامة الحوار الوطنى لعرض قضايا وهموم الوطن ومناقشتها وبحث سبل العلاج الأفضل حتى يتسنى

للدولة تحقيق حياة كريمة لكل مواطنيها، مطالبا بضرورة منح الأولوية للمستلزمات الطبية والأدوية للإفراج عنها أولا، مع ضرورة  وجود احتياطى استراتيجى يكفى ثلاثة أشهر على الأقل فى كل أصناف الأدوية والمستلزمات الطبية.

المشكلة لم تبدأ بعد

أما أسباب هذه الأزمة فيوضحها لنا الدكتور محمود فؤاد مدير مركز الحق فى الدواء، قائلًا:» نستورد 95% من الأدوية من الخارج، كما أن المستلزمات الطبية الأخرى مثل الأسرة والأدوات التى تستخدم فى الرعاية فهى أيضا مستوردة ولكن بنسبة أقل، وبالتالى فعندما تتغير أسعار الدولار تقوم الشركات بتقليص عملية الشراء، بالإضافة إلى أن المستلزمات الطبية ليست مسعرة كالأدوية، وبالتالى فكل تاجر وشركة تحدد السعر حسب هواها.

وتابع«فؤاد»: أنه نظرا لعدم توافر الدولار فإن الشركات تنتظر للإفراج عن بضائعها، وهو ما ينعكس بالسلب على المرضى، ففى المستشفيات العامة ستطلب إداراتها من أسر المرضى شراء المستلزمات الطبية من السوق، أو تأجيل العمليات لحين توافرها، ووضع المرضى على قوائم الانتظار، ضاربا مثال على ذلك بما حدث فى مستشفى عين شمس التخصصى، حينما تم إغلاق القسم الخاص بالقلب لمدة خمسة أيام لحين توافر المستلزمات الطبية كالقسطرة القلبية، كما قامت بعض المستشفيات الخيرية بوضع المرضى على قوائم الانتظار لفترة كبيرة.

وأشار فؤاد إلى أن الأمر وصل إلى حد الاتجار بالمرضى وظهور سوق سوداء فى هذا المجال، ومع الأسف تشارك فيه بعض المستشفيات الكبيرة، التى تشترى تلك الأدوات وتبيعها للمرضى مقابل مئات الآلاف من الجنيهات.

وأوضح مدير مركز الحق فى الدواء أن  مرضى الحوادث والطوارئ هم أكثر من يعانون من هذا الأمر، مشيرا إلى أنه رغم كل ما تعانيه المستشفيات منذ عدة أشهر، إلا أن المشكلة الحقيقية لم تظهر بعد، بل ستزداد المعاناة فى شهر فبراير القادم، حيث سيزداد النقص فى المستلزمات الطبية بشكل كبير، وذلك لأن الدولة لم تستورد أى أدوات أومستلزمات طبية منذ شهرين، بالإضافة إلى وجود سفن بها مواد خام لم تدخل الميناء حتى الان لعدم توافر العملة الصعبة، وعند دخولها سننتظر لأكثر من ثلاث أشهر للتصنيع، لذلك فمن المتوقع أن تزداد المشكلة.

شركة تفضح استغلال التجار

نشرت الشركة المصرية للمستلزمات الطبية بالقصر العينى، إحدى الشركات المسؤولة عن بيع المستلزمات الطبية، شكوى فى غاية الأهمية، قدمتها إلى جهاز حماية المستهلك، قالت فيها: نظرا لما تمر به البلاد من حالة تذبذب اسعار، نظير ارتفاع سعر الدولار، نؤكد على وجود بعض الشركات ومنها شركة (جرانزيا مصر) التى قامت باستغلال هذه الظروف، استغلالا سيئا للتأثير على تجارة المستلزمات الطبية، وذلك بزيادة الأسعار مما يؤثر بالسلب على صحة وأمان المواطن المصرى، وتشمل أجهزة التنفس وحساسية الصدر، وأجهزة قياس الضغط وقياس السكر وقياس الاكسجين فى الدم ومولدات الاكسجين.

الحل

وكشف الخبير المالى الدكتور ياسر حسين سالم أن هذه الأزمة بدأت فى شهر يونيو  2022، وللتخفيف من حدتها  قام المسئولون بالإفراج عن 55 شحنة من بين 153 شحنة من الأدوية والمستلزمات الطبية المكدسة فى الجمارك، كما تم الإفراج عن جزء آخر فى شهرى ديسمبر ويناير والجزء المتبقى الأخير ستنتهى اشكاليته تماما فى شهر فبراير الجارى.

وأكد «سالم»أن هذا الأمر سينعكس ايجابيًا، حيث سيؤدى الى كبح جماح التضخم، وفرملة قفزات الأسعار فى المستلزمات الطبية، كما أن دخول المستلزمات الطبية المتبقية فى الموانئ سيؤدى الى زيادة المعروض من المنتجات ودوران عجلة الانتاج مما ينعكس على استقرار الأسعار ثم هبوطها تدريجيا، لأن مصانع المستلزمات الطبية فى مصر تعتمد على 60% أو 70% من لوازم تشغيلها من الاستيراد من الخارج.

وأكد سالم على ضرورة  العودة إلى العمل بنظام مستندات التحصيل، والغاء نظام الاعتمادات المستندية لعدم تكرار هذه الأزمة، موضحا أن نظام مستندات التحصيل يضمن حل مشكلة دخول البضائع المكدسة فى الموانئ، سواء كانت أدوية او مستلزمات طبية او مواد خام ومستلزمات تشغيل او قطع غيار او الات ومعدات وهى سلع السوق المصرى فى اشد الاحتياج لها لدوران عجلة الإنتاج والصناعه، وتلبية حاجة السوق المحلى، فضلًا عن السماح لشعبة المستلزمات الطبية، بتدبير الدولارات اللازمة للاستيراد بنفسها لاستيراد المستلزمات الطبية لضمان عدم تكرار الأزمة.

وطالب الخبير المالى بضرورة التوسع فى إنشاء مصانع المستلزمات الطبية والأدوية لتغطية احتياجات السوق المحلى والتصدير للخارج، وتوجيه الجزء الأكبر من مبادرة حياة كريمة نحو توسيع قاعدة المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والاستثمار فى إنتاج المستلزمات الطبية.