رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عودة الروح إلى "الذهب الأبيض"

بوابة الوفد الإلكترونية

«نورت يا قطن النيل.. يا حلاوة عليك يا جميل.. اجمعوا يا بنات النيل يلا.. ده ملوش مثيل قطن ما شا الله».. بهذه الكلمات ظل الفلاحون يتغنون بالقطن المصرى طوال عقود من الزمن، تعبيرا عن الفرحة والسعادة بجنى هذا المحصول الذى يعود عليهم بالخير والبركة.

وقد ظل المصريون يزرعون القطن فى مساحات شاسعة وصلت إلى 2 مليون فدان حتى ثمانينيات القرن الماضى، اعتمادا عليه فى كسب المال نهاية كل موسم بسبب جودته العالية وأسعاره المرتفعة، حيث كان ينتظر كل فلاح موسم القطن لتزويج أبنائه وادخار مبلغ يكفيه شر السؤال باقى العام، إلا أنه فى التسعينيات وبداية القرن الحالى بدأت يد الإهمال تطال زراعة القطن وأخذت مساحته فى التناقص تدريجيا حتى وصلت فى عام 2016 إلى 130 ألف فدان فقط نتيجة عوامل مختلفة.

ومع هذا الإهمال الكبير بدأت الحكومة التفكير فى الوصول إلى حلول لهذه المشكلة وإعادة القطن المصرى إلى عرشه السابق، وهو ما انعكس على ارتفاع المساحة المزروعة به والتى وصلت حاليا إلى 240 ألف فدان، نتيجة تطبيق منظومة تداول القطن الجديدة التى حققت للفلاح الكثير من مطالبه، وحلت المشكلة الأبرز وهى أزمة التسويق وانخفاض الأسعار.

ونجحت المنظومة الجديدة فى رفع سعر قنطار القطن إلى 5 آلاف جنيه لأول مرة فى تاريخ مصر، ومن المتوقع أن تسهم فى زيادة مساحة القطن العام المقبل من 350 إلى 500 ألف فدان، وبالتالى زيادة الإنتاجية والتصدير والتصنيع المحلى.

فى هذا الملف ترصد «الوفد» مراحل تطبيق منظومة تداول القطن الجديدة ومستقبل زراعة القطن فى ظل استمرار المنظومة والعوائد الإيجابية للفلاحين، فضلاً عن تخوفات البعض من احتكار عدد من الشركات للمحصول مستقبلا.

 

نظام التسويق الجديد.. مفتاح نجاح موسم القطن

تعد منظومة تداول القطن الجديدة العامل الأهم والرئيسى فى نجاح موسم القطن الحالى، لما تتميز به من إيجابيات متعددة لعناصر المنظومة المختلفة سواء الفلاحين أو التجار أو الحكومة، وخاصة للفلاحين الذين كانوا دائمًا ما يشتكون من مشكلات تسويق المحصول كل عام، وانخفاض الأسعار وضعف الأرباح، ما أدى فى النهاية إلى العزوف عن زراعة القطن.

بدأ تطبيق النظام الجديد لتداول الأقطان تجريبيا فى سبتمبر 2019 بمحافظتى الفيوم وبنى سويف، وتم تفعيل المنظومة فى أربع محافظات (الفيوم، بنى سويف، البحيرة، الشرقية) خلال الموسم الماضى، ثم تعميم النظام الجديد بكافة محافظات الجمهورية خلال الموسم الحالى.

وبلغ عدد مراكز تجميع الأقطان بمحافظات الوجه القبلى 21 مركز موزعة على خمس محافظات وفقا للمساحات المزروعة بالقطن: الفيوم (10 مراكز)، وبنى سويف (7 مراكز)، والمنيا (مركز واحد) وأسيوط (مركزين)، وسوهاج (مركز واحد)، ويجرى العمل بها طوال أيام الأسبوع عدا الجمعة من الساعة الثامنة صباحا حتى الثالثة عصرا، وفقا لوزارة قطاع الأعمال العام.

هذه المنظومة الجديدة تعتمد على توفير أكياس من الجوت ودوبارة قطنية بسعر التكلفة للمزارعين من خلال مراكز التجميع طبقا للحيازة الزراعية الواردة من مديريات الزراعية، ويتم استلام الأقطان من المزارعين مباشرة دون وسطاء بتقديم الحيازة الخاصة به والبطاقة الشخصية.

تأتى بعد ذلك خطوة وزن الأقطان الواردة بكل مركز تجميع واستخراج «علم وزن» ويسلم صورة منه لكل مزارع بالكمية وعدد الأكياس الواردة منه، وتبدأ بعدها عملية فرز الأقطان وتحديد الرتب، وإجراء مزادات دورية بين شركات التجارة على كميات الأقطان الواردة بما يحقق أعلى عائد للمزارعين.

ويحصل المزارع على 70% مستحقاته المالية من الشركة الراسى عليها المزاد فى اليوم التالى لإجراء المزاد، والـ30% المتبقية خلال أسبوع من إجراء المزاد بعد الفرز وتحديد معدل التصافى والرتب، ثم يتم التحصيل من خلال أحد البنوك التى تتعاون فى تفعيل هذه المنظومة.

وتستهدف المنظومة الجديدة الحفاظ على نظافة القطن وتحسين جودته، بما ينعكس إيجابا على أسعاره وصادراته واستعادة مكانته عالميا، مع تحقيق صالح المزارعين من خلال بيع الأقطان بأعلى سعر فى مزادات علنية.

وتتولى الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، إحدى شركات وزارة قطاع الأعمال العام، تنفيذ المنظومة الجديدة للتداول بمتابعة دورية من قبل اللجنة التنفيذية برئاسة هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام.

تضم اللجنة فى عضويتها ممثلين عن وزارتى التجارة والصناعة، والزراعة واستصلاح الأراضى، وهيئة التحكيم واختبارات القطن، والبنك الزراعى المصرى، وممثل عن شركات تجارة الأقطان من القطاع الخاص.

وتقوم الشركة القابضة للغزل والنسيج بتقديم عرض فتح المزاد يوميا بسعر الأقطان يمثل متوسط السعر الجارى للقطن البيما الأمريكى والقطن قصير التيلة (A Index).

وتضع اللجنة الضوابط المحددة لفتح المزاد ويتم تحديد السعر على رتبة الأساس وعدل التصافى وفروق الرتبة، وسيسمح لكافة التجار المشتغلين بتجارة القطن بدخول المزاد وتلتزم الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج باستلام الأقطان بسعر الأساس والمعلن من قبل لجنة المزاد، وتقوم الجهة المشرفة على مراكز الاستلام بمنح التجار بيان بالكميات المشتراة ومعتمد من هيئة التحكيم واختبارات القطن.

وللحفاظ على القطن من التلوث، يلتزم المنتجون بعدم خلط القطن بأصناف غريبة وكذا منع خلط أقطان الإكثار نهائيا والحفاظ عليها، والحرص على خلو الأقطان من الشوائب وأن يقتصر تداول أقطانهم على مراكز استلام محددة فى كل مركز إدارى بكل محافظة وسيتم تداول أقطان الإكثار تحت إشراف هيئة التحكيم ومعهد بحوث القطن بالتعاون مع الإدارة المركزية لإنتاج التقاوى.

من جهتها، قالت داليا تادرس مساعد وزير قطاع الأعمال العام للشئون الفنية والمتابعة، إن المنظومة تم تجريبها فى الوجهين القبلى والبحرى خلال العامين الماضيين للتعرف على نتائج تطبيقها والمشكلات التى قد تواجهنا بعد تعميمها.

وأضافت «تادرس» أنه تم تعميم المنظومة هذا الموسم على كل محافظات الجمهورية التى تزرع القطن بهدف ربط أسعار القطن المصرى بالأسعار العالمية، وتطبيق نظام المزايدة لكى يحصل الفلاح المصرى على أعلى سعر بدون تدخل وسطاء يبتزونه أو يعرضون عليه أسعارا أقل من القيمة الحقيقية لمحصوله، وبالتالى يحقق خسائر ولا يجنى أى أرباح، ولذلك المنظومة أصبحت تحقق أرباحا للفلاح.

وأوضحت مساعد وزير قطاع الأعمال العام، أن سعر القنطار مربوط بالسعر العالمى وجودة المحصول لتشجيع الفلاح على الاهتمام بمحصوله رغم السمعة العالمية للقطن المصرى، لأن هناك بعض السلوكيات الخاطئة أثناء الجنى تؤدى إلى إلحاق بعض الشوائب بالقطن وتقليل جودته وقيمته، مشيرة إلى أن الدولة نظمت حملة إعلامية ضخمة خلال الفترة الماضية لتوعية الفلاح بالمنظومة وأساليب التعامل معها وكيفية الاهتمام بالمحصول لرفع أسعاره وتعريف الفلاح بنظام المزادات.

 

فوبيا الاحتكار تهدد عرش «الملك»

رغم نجاح المنظومة الجديدة للقطن وتأكيد الفلاحين ذلك، إلا أن هناك بعض التحذيرات والمخاوف التى ظهرت على السطح وأعلن عنها الاتحاد التعاونى الزراعى، تتمثل فى احتكار عدد محدود من الشركات لشراء القطن من الفلاحين، ما يؤدى فى نهاية الأمر إلى انخفاض الأسعار فى المستقبل نتيجة لهذا الاحتكار.

وحذر الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى من أن تكون منظومة تسويق القطن الحالية سببا فى احتكار عدد محدود من الشركات لمحصول القطن، وبالتالى بخس سعره من جانب 5 إلى 10 شركات خاصة من أصل 280 شركة مسجلة لتجارة الأقطان، حيث تمثل هذه الشركات 3% فقط من عدد الشركات المسجلة، وأن هناك نية مبيتة من قبل وزارة قطاع الأعمال لإقصاء دور الجمعيات التعاونية التى كانت تعتبر ممثلة عن المزارعين للحفاظ على حقوقهم المادية وبيع الأقطان بأسعار مناسبة وتحقيق العدالة فى التسويق، خاصة أن وزير قطاع الأعمال لمح إلى إمكانية إلغاء قانون التعاونيات كما تم إلغاء دور لجنة تجارة القطن بالداخل، وفقا للاتحاد التعاونى.

وأوضح الاتحاد أنه كان على تواصل دائم بوزير الزراعة السيد القصير، لحل المشكلة وضمان مشاركة القطاع التعاونى فى منظومة تسويق القطن، كما تقدم بشكوى رسمية إلى رئاسة الجمهورية، للمطالبة بإشراك القطاع التعاونى فى منظومة تسويق القطن، خاصة بعد حصول الجمعية العامة للقطن على تفويض من وزارة الزراعة بتسويق أقطان الإكثار ونجحت بشكل كبير فى العام الماضى ومنعت الخلط وتمكنت من تحسين جودة القطن المصرى للداخل والخارج.

وأضاف «لكن بعد صدور قرار منظومة تسويق القطن من وزارة قطاع الأعمال، مُنعت الجمعية العامة للقطن والجمعيات المحلية من المشاركة فى منظومة التسويق رغم نصوص القانون التى تمنح التعاونيات الحق الأصيل فى تسويق المحاصيل الزراعية، ورغم المجهود الكبير الذى بذل من قبل الجمعية العامة للقطن للحفاظ على بذور الإكثار ومنع اختلاط الأصناف وزيادة جودة القطن المصرى سواء المصدر للخارج أو للسوق المحلية».

وأشار الاتحاد إلى أنه بعد صدور القانون المنظم لعملية تسويق القطن عام 2014، تم تفويض الجمعية من قبل وزارة الزراعة بجمع الأقطان، وبفضل الجهود التى بذلتها الزراعة والمراكز البحثية لتحسين جودة البذور لزيادة معدلات الإنتاج، زادت إنتاجية فدان القطن، وتم الإقبال من جانب المزارعين على زراعة القطن وزادت المساحات خلال الأعوام السابقة واستطعنا القضاء على فكرة التخلى عن زراعة القطن طويل التيلة لصالح الأقطان قصيرة التيلة، التى تم الترويج على أنها الأفضل للمصانع، ولكن فشلت زراعتها فى مصر لعدم مناسبتها مع الأجواء المصرية، وحاليا أصبح القطن المصرى متفوقا على القطن الأمريكى فى الجودة والإنتاج والسعر، لكن بسبب القرار الذى أصدرته وزارة قطاع الأعمال تم إلغاء تفويض وزارة الزراعة للجمعية العامة للقطن وإلغاء العقود مع المزارعين، وتسبب ذلك أيضاً فى إهدار أموال الجمعيات التى بادرت بشراء الأجولة والأكياس وجميع مستلزمات جمع محصول القطن.

وطالب الاتحاد بضرورة تسويق محصول القطن بمشاركة الجمعية العامة للقطن وعدم الاكتفاء بالشركات الخاصة التى لا تتعدى 3% من عدد الشركات المسجلة، مؤكدا أن «منظومة تسويق القطن الجديدة ساهمت فى رفع أسعار التسويق والتى وصلت فى الوجه القبلى إلى 3800 جنيه للقنطار وفى الوجه البحرى إلى 4600 جنيه، ومن المتوقع نجاح المنظومة بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة، لكن لا يجب عدم إقصاء دور التعاونيات من التسويق».

 

خبراء يطالبون بإنشاء صندوق موازنة لتعويض المزارعين

جمال صيام و هشام مسعد

قال خبراء زراعيون إن المحرك الرئيسى لنجاح منظومة القطن الجديدة هذا العام هو ارتفاع السعر العالمى مقارنة بالأعوام الماضية، لأن المنظومة الجديدة مرتبطة بهذا السعر، فإذا زاد السعر العالمى ارتفع السعر المحلى والعكس صحيح، مشيرين إلى أن الموسم الحالى بداية لعودة انطلاقة القطن.

واقترح الخبراء إنشاء صندوق لموازنة أسعار القطن لتعويض الفلاح فى حالة انخفاض الأسعار عالميا، كما طالبوا بضرورة تكثيف دور بحوث القطن لزيادة إنتاجية الفدان، لأننا فى مصر لا تزيد الإنتاجية على 7 قناطير للفدان، رغم أنه يمكن زيادتها إلى 10 قناطير.

وأكد الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أن ارتفاع السعر العالمى للقطن هذا العام هو المحرك الرئيسى لنجاح منظومة تداول القطن الجديدة وارتفاع الأسعار المحلية، لأنها مرتبطة بالسعر العالمى.

وأضاف «صيام» أن سعر قنطار القطن عالميا وصل إلى 300 دولار لأول مرة تقريبا، نتيجة انخفاض الإنتاج العالمى بسبب التغيرات المناخية، ما انعكس على المزارع محليا فى وصول السعر إلى 5 آلاف جنيه للقنطار، لأول مرة فى تاريخ مصر، ووصلت أرباح الفدان الواحد إلى 20 ألف جنيه.

وأوضح أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، أننا لا نستطيع الحكم بشكل كامل على منظومة القطن حاليا لأن السعر العالمى مرتفع، مشيرا إلى أن السعر لن يظل كما هو الآن خلال العام المقبل، لأنه سينخفض بنسبة تتراوح بين 10 و20%، بعد التوازن الذى سيحدث فى السوق.

وتابع: «السنة الجاية مساحة القطن هتزيد والإنتاج هيرتفع وممكن تصل إلى 350 ألف فدان، لأن المزارع هيفرح بالأرباح والسعر ده»، مشيرا إلى أن إنتاج الـ100 ألف فدان الزيادة سيكون نحو 700 ألف قنطار.

واقترح أستاذ الاقتصاد الزراعى إنشاء صندوق موازنة أسعار القطن بحيث عندما تكون الأسعار مرتفعة نخصم 10% من إيراد المزارع للصندوق، وإذا انخفضت الأسعار فى السنة المقبلة نعطى للمزارع منه تعويضا لإحداث التوازن، مطالبا بزيادة الاهتمام بإنتاجية القطن التى تبلغ حاليا 7 قناطير فى الفدان، وهذا الرقم ضعيف جدا ويجب أن تعمل بحوث القطن على زيادته إلى 10 قناطير للفدان، لأن أمريكا مثلا تنتج 14 قنطارا للفدان.

كما اقترح استخدام آلة الجمع التى يستخدمها المزارعون فى الهند أثناء جنى القطن، وهى عبارة آلة تشفط لوزة القطن وبها كيس لجمع القطن دون تدخل اليدين، وبالتالى الفلاح يوفر فى التكاليف بشكل كبير، لأن مرحلة جمع القطن تحتاج إلى عدد من العمال أجورهم مرتفعة، وبالتالى استخدام هذه الآلة من الممكن أن يوفر 50% من تكاليف القطن على الفلاح، فضلا عن ضرورة تكثيف الإرشاد الزراعى لتوعية المزارعين.

واختتم «صيام» تصريحاته قائلا: «مستقبل القطن هيبقى كويس لو اتعملت الحاجات دى، خاصة مع اتجاه الدولة لتخفيض مساحات الأرز ويكون بديلا له، وممكن يستعيد عرشه فعلا لو زرعنا 350 ألف فدان السنة الجاية و500 ألف بعدها، لأن الطلب على القطن طويلة التيلة كبير هذا العام بسبب المصانع الجديدة التى أنشئت فى مدينة الروبيكى، وتلك التى ستبدأ فى العمل العام المقبل فى المحلة الكبرى، وبذلك يكون المزارع والصناعة والاقتصاد القومى استفادوا من المنظومة الجديدة».

وقال الدكتور هشام مسعد مدير معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة، إن الموسم الحالى يعد من أفضل وأنجح المواسم للفلاح المصرى، وسيكون بداية الانطلاقة لعودة القطن مرة أخرى إلى سابق عهده، مضيفا «موسم خير وهدية لمزارعى مصر».

وأضاف «مسعد» أن متوسط الإنتاجية هذا العام جيد جدا، بسبب مجهودات كبيرة بذلتها وزارة الزراعة بمختلف محافظات الجمهورية، مشيرا إلى أن ما يسعدنا أكثر هو الأسعار المرتفعة للقطن، والتى جاءت مغايرة لما كان يحدث فى الماضى.

وأوضح مدير معهد بحوث القطن أن تكلفة إنتاج المحصول مرتفعة وأسعاره فى مصر مربوطة بالسعر العالمى، ولذلك منظومة التسويق الجديدة بها معادلة لحساب الأسعار تحقق نقطة التوازن بين المزارع والتاجر، فضلا عن نظام المزايدة الذى يتم فى مراكز تجميع الأقطان بعد فرز الأقطان، مشيرا إلى أن ذلك يصب فى النهاية فى مصلحة المزارع لأننا نحقق له أعلى سعر ممكن، وعندما تكون الأسعار العالمية مرتفعة نبدأ المزادات بمستوى أسعار مرتفع.

 

تضاعف أرباح 2021 وتوقعات بزيادة المساحة

المزروعة

أعرب الفلاحون عن سعادتهم بموسم القطن الحالى، ووصفوه بأنه عام استثنائى وأعاد البسمة للمزارعين، بعد سنوات من الحزن والإهمال الذى طال المحصول خلال الأعوام الماضية، مؤكدين أن الأسعار جيدة جدا وتحقق هامش ربح جيداً.

من جهته، قال حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن عام 2021 يمكن وصفه بأنه عام القطن بامتياز، لأنه حقق حلم عشاق القطن وأمنية الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عودة القطن المصرى للواجهة مرة أخرى.

وأضاف «أبوصدام» أن هذا الموسم حمل عدة مفاجآت أعادت البسمة لمزارعى الأقطان ووضعت القطن المصرى على بداية طريق المجد من جديد، مشيرا إلى أن توجيهات الرئيس المستمرة للحكومة بمواصلة خطط النهوض بمنظومة القطن المصرى وإعادته لسابق مجده أتت ثمارها فى هذا العام.

وأوضح نقيب الفلاحين أن كافة النتائج والمؤشرات تؤكد أن القطن المصرى يعود لسابق عهده وسيستعيد مكانته التى كان عليها فى الثمانينيات، لافتا إلى أن مصر كانت تزرع ما يقارب من 2 مليون فدان قبل أن تنهار زراعة القطن فى التسعينات، بعد انتهاج سياسة تحرير تجارة القطن وحدوث مشكلة اختلاط الأقطان وضعف جودتها وتدنى أسعارها، واتجاه مصانع الغزل والنسيج لاستخدام القطن قصير التيلة المستورد طمعاً فى زيادة الأرباح.

وأكد أنه منذ وصول الرئيس السيسى إلى سدة الحكم وهو يحاول بكل قوة أن يستعيد القطن عافيته ومكانته العالمية المتميزة كأفضل أنواع الأقطان عالميا، موضحا أن مساحة زراعة القطن زادت من 182 ألف فدان الموسم الماضى إلى 236 ألف فدان خلال موسم 2021، وارتفعت أسعار قطن وجه قبلى من 1800 جنيه الموسم الماضى إلى 3800 موسم 2021، كما ارتفعت أسعار قطن وجه بحرى من 2000 جنيه الموسم الماضى إلى 4600 موسم 2021.

وأضاف أن «مصر نجحت لأول مرة فى إنتاج القطن الملون باللون الأخضر والبنى المقاوم للبكتريا، والذى تتضاعف أسعاره عن أسعار القطن الأبيض وبنفس مواصفات القطن المصرى الفريدة من نوعها، والتى تحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث الجودة والمتانة والنعومة»، كما أكد أن مصر نجحت أيضاً فى تجربة زراعة القطن قصير التيلة بإنتاجية 15 قنطارا للفدان، وتطوير وتعديل الكثير من المحالج والمغازل وإنشاء أكبر مصنع فى الشرق الأوسط للغزل والنسيج فى مدينة المحلة على مساحة 62.5 ألف فدان.

وتوقع «أبوصدام» أن تتضاعف المساحات المنزرعة من الأقطان المصرية عام 2022، مطالبا وزارة الزراعة بوضع خطة محكمة لتوفير التقاوى اللازمة بكميات كافية طبقا للخريطة الصنفية لكل محافظة، والعمل بجدية لتطبيق قانون الزراعات التعاقدية على زراعة القطن، تخوفا من تقلب الأسعار العالمية وأملا فى مواصلة انتعاش زراعة القطن المصرى.

فيما قال النوبى أبواللوز، الأمين العام لنقابة الفلاحين الزراعيين، أن الموسم الحالى للقطن يعتبر استثنائيا ومختلفا فى كل شىء عن المواسم السابقة، سواء فى التسعير أو الاهتمام الحكومى بالمحصول أو الصادرات.

وأضاف «أبواللوز» أن هذا الموسم غير مسبوق من حيث الأسعار التى تجاوزت حاجز 4600 جنيه للقنطار الواحد، وهو سعر قياسى أسعد المزارعين وضاعف أرباحهم، كما تميز بتطبيق الحكومة للمنظومة الجديدة لتسويق الأقطان فى كل محافظات الجمهورية، والتى تقوم على فكرة عقد المزاد العلنى للمرة الأولى فى كل المحافظات سواء فى الوجه البحرى أو القبلى بعدما تم تطبيقها جزئيا خلال العامين الماضيين فى بعض المحافظات.

وأوضح الأمين العام لنقابة الفلاحين الزراعيين أن هذا الموسم يبشر بعودة القطن المصرى إلى عرشه الذهبى، وسيؤدى إلى زيادة المساحات المنزرعة من المحصول فى الأعوام المقبلة، كما سينعكس على الصادرات، حيث ستزداد الصادرات المصرية من القطن خلال الموسم التصديرى الجديد فى ظل ما يتمتع به القطن المصرى من مميزات ومكانة عالمية تجعله الأفضل والأجود بين كل أنواع القطن عالميا.

وأشار إلى أن المنظومة الجديدة تضمن حصول الفلاح على أعلى سعر للقطن، كما تضمن الشفافية فى الأسعار، لأن المزاد يجرى علنا فى حضور التجار والفلاحين ومسئولى الحكومة فى مراكز وحلقات التجميع والتسويق المعلن عنها فى الوجهين البحرى والقبلى منذ بدء موسم الجنى وستستمر حتى نهايته مع نهاية أكتوبر أو بداية نوفمبر.

«زيادة الأسعار ضاعفت أرباح المزارع فى القنطار، فبعدما كان سعر القنطار العام الماضى فى حدود 1700 جنيه قفز هذا العام إلى نحو 4600 جنيه، ويمكن أن تزداد أكثر مع نهاية موسم الجنى فى كل المحافظات»، هذا ما أكد عليه النوبى أبواللوز.

ولفت إلى أنه إذا انتهى الموسم الحالى على ارتفاع فى أسعار القطن ستشهد المساحات المنزرعة من المحصول العام المقبل زيادة كبيرة، خاصة أن هناك عدة عوامل تشجع على ذلك من بينها اهتمام الدولة بتطوير صناعة الغزل والنسيج ومنظومة التسويق الجديدة وحرص الحكومة على النهوض بقطاع الزراعة.

 

المزاد.. «كلمة السر» لحل مشكلة التوزيع

منظومة تداول القطن الجديدة التى تم تجريبها خلال العام الماضى أدت إلى تشجيع الفلاحين على التوسع فى زراعة المحصول خلال العام الحالى، نتيجة اطمئنانهم لبيع محصولهم بأسعار مرتفعة مقارنة بالأعوام السابقة.

ارتفعت بالفعل مساحة محصول القطن هذا العام بنسبة 25% مقارنة بالعام الماضى لتبلغ 240 ألف فدان، مقابل 180 ألف فدان خلال 2020.

يأتى ذلك بعدما كانت مساحة القطن فى 2019 نحو 237 ألف فدان، وفى 2018 نحو 321 ألف فدان، بينما فى 2017 كانت نحو 220 ألف فدان، وفى 2016 نحو 130 ألف فدان فقط.

وتشير تقارير وزارة الزراعة إلى أن مساحة زراعات القطن فى عام 1900، بلغت مليونا و230 ألفا و319 فدانا، وكانت إنتاجية الفدان وقتها تعادل 4.42 قنطار، وبلغ الإنتاج الكلى فى مصر 5 ملايين و435 قنطارا، وقفز هذا الإنتاج فى موسم 1926-1927 إلى 8 ملايين و600 ألف قنطار، وبلغت إنتاجية الفدان حينها 4.80 قنطار، وفى الموسم الزراعى 1930-1931 بلغت المساحة 2 مليون و82 ألف فدان، والإنتاجية حوالى 4 قناطير للفدان، بينما بلغت الإنتاجية الإجمالية 8 ملايين و276 ألف قنطار، ولكن شهدت حقبة الستينيات بداية انخفاض المساحة المزروعة بالقطن واستمر هذا الانخفاض لسنوات طويلة فقد خلالها القطن المصرى عرشه.

جدير بالذكر أن زراعة القطن تبدأ بين شهرى مارس ويونيو من كل عام، بينما يتم حصاده بين سبتمبر وأكتوبر.

وكشف تقرير صادر عن قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة عن أنه بالمرور على عدد من حقول القطن فى المحافظات للاطمئنان على حالتها وإعطاء المزارعين الإرشادات اللازمة، اتضح أن محصول القطن هذا العام يبشر بإنتاجية عالية، وأن النبات الواحد من القطن وصل قوة الحامل الثمرى به عدد اللوزات المناسبة جدا، وهو ما يشير لإنتاجية عالية جدا بمحصول القطن هذا العام.

فى السياق ذاته، توقعت وزارة الزراعة الأمريكية فى تقرير صادر عنها نهاية أغسطس الماضى، أن يرتفع حجم إنتاج مصر من القطن هذا العام إلى نحو 330 ألف بالة مقابل 275 ألفا توقعتها فى وقت سابق من العام. ومن المتوقع تسجيل محصول القطن الجديد لموسم 2021، قرابة 1.5 مليون قنطار من 220 ألف فدان.

وبلغ حجم صادرات القطن المصرى للموسم الماضى 2019-2020 نحو 1.3 مليون قنطار، فيما بلغ موسم 2018-2019 نحو 1.8 مليون قنطار.

وطبقا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بلغت صادرات القطن الخام 139.9 مليون دولار خلال النصف الأول من 2021 مقابل 64.4 مليون دولار خلال النصف المناظر من العام السابق عليه، بزيادة 75.4 مليون دولار.

على الجانب الآخر، أظهر تقرير تلقاه هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام، حول سير العمل بمنظومة تداول القطن الجديدة للموسم 2021-2022، عن بيع 33.6 ألف قنطار قطن بنظام المزادات خلال 20 يوما فى الفترة من 1 إلى 20 سبتمبر أغلبها بمحافظات الوجه القبلى والتى يتم فيها الجنى مبكرا عن الوجه البحرى.

وفى الوجه القبلى، تم فتح مراكز التجميع بمحافظات الفيوم وبنى سويف وأسيوط منذ الأول من سبتمبر، وبيع نحو 29.3 ألف قنطار بمتوسط سعر للترسية تراوح بين 3650 و3875 جنيها للقنطار الواحد.

أما الوجه البحرى وتحديدا فى محافظتى الشرقية والإسماعيلية، فقد بلغت الكميات المباعة من الأقطان الواردة لمراكز التجميع نحو 4.3 ألف قنطار بمتوسط سعر تراوح بين 4615 و4630 جنيها للقنطار. وعقب ذلك أعلنت الوزارة عن بيع نحو 27 ألف قنطار فى يوم واحد بمحافظات كفر الشيخ والشرقية والفيوم وبنى سويف.

ففى الشرقية، تم إجراء مزاد لبيع نحو 19143 قنطار قطن لصالح 5 شركات هى: المتحدة، الإخلاص، الرواد، أولام، والمجد، حيث بلغ متوسط السعر 4500 جنيها للقنطار الواحد.

أما فى بنى سويف، فقد تم بيع نحو 1823 قنطارا فى مزاد علنى بين شركات التجارة، ورسى المزاد على شركة أبومضاوى بسعر 3830 جنيها للقنطار الواحد، وفى الفيوم، رسى المزاد لصالح شركة اولام على كمية بلغت 1789 قنطار قطن بسعر للترسية 3885 للقنطار.

وفى أول تطبيق لمنظومة التداول الجديدة بمحافظة كفر الشيخ، تم إجراء أول مزاد لبيع الأقطان على كمية بلغت نحو 4951 قنطارا اشترتها 6 شركات للتجارة، بأسعار تراوحت بين 4540 و4590 جنيها للقنطار الواحد.

وسجل سعر القنطار فى الدقهلية رقما تاريخيا عندما بلغ 5025 جنيها، ليتجاوز بذلك أعلى سعر يحققه سعر شراء قنطار القطن المصرى من المزارعين منذ تحرير تجارة القطن عام 1994.

وخلال 40 يوما بلغ إجمالى القطن المباع نحو 220 ألف قنطار اشترتها 22 شركة أغلبها من القطاع الخاص، وفقا لتقرير صادر عن وزارة قطاع الأعمال العام.