رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدكتور مفيد شهاب: دفاعى عن « طابا» أبرز محطاتي..والحكم بمصريتها علامة فارقة فى حياتى

د. مفيد شهاب
د. مفيد شهاب

«السيسى» أعاد الأمن للشارع المصرى وأقام المشروعات الضخمة.. ونعيش حالياً مرحلة بناء الإنسان

والدى كان دائماً يقول لى إننى خُلقت لأصبح معلماً فى مواد القانون

 

أكد الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق ان فترة ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي شهدت في نقطة بدايتها فترة دعم الاستقرار وتوفير الأمن باعتبارها الأساس لقيام أي دولة, ثم أعقب ذلك مرحلة البناء والتعمير وما رأيناه من الإنشاءات الكثيرة والمشروعات الضخمة والمجتمعات العمرانية الجديدة, لافتا إلى أن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الانسان من خلال التعليم الأفضل والعناية بصحته وسلوكياته وأخلاقه وحسه الوطني وممارساته، أي الجانب المعنوي المتعلق بالتنمية البشرية.

وأكد في حواره مع أيمن عدلي على موقع أخبار مصر أن أسعد لحظات حياته العملية هي يوم الحكم بمصرية أرض طابا في 29 سبتمبر عام 1989 وحينها بكى أعضاء اللجنة المصرية التي شكلت للدفاع عن هذه الأرض المصرية من الفرحة وهتفوا «الله اكبر» وكانت هذه اللحظة علامة فارقة في حياته ويعتز بها كثيراً خاصة انها توجت بانتصار عظيم وكللت جهود اللجنة التي عملت بحس وطني عالٍ وبكل اخلاص كل في تخصصه وبإشراف مباشر من الرئيس الأسبق مبارك.

وشدد على أن فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، كانت من أصعب الفترات التي مرت بها مصر في تاريخها الحديث, ولا تتناسب وتاريخ مصر الحضاري المحترم, مؤكداً أن هذه الفترة شهدت قيام قوى متعددة لا تريد الخير لمصر تضامنت فيما بينها لتخريب وتدمير الدولة المصرية وتاريخها وحضارتها ومؤسساتها, وكان ذلك بعنف لا يتناسب أبداً مع طبيعة الشعب المصري..وإلى نص الحوار:

البداية

في البداية حدثنا عن نشأتك ودراسته ودور الوالدين في هذه النشأة؟

ولدت في الإسكندرية ووالدي ووالدتي كانا يعملان في مجال التدريس, ووالدي هو المرحوم محمود شهاب ويعد أكثر الشخصيات التي كان لها تأثير إيجابى علي وكان قدوتي ومثلي الأعلى بالحياة , ليس لأنه والد مثل كل الآباء الذين يقومون بتربية أولادهم ويوجهونهم ويتمنون لهم أفضل مستقبل, وإنما امتد دوره لأكثر من ذلك بكثير من خلال مجموعة القيم والمثل التي كان حريصاً دوما على غرسها بداخلي بصفة خاصة وفي الاسرة بشكل عام, وأيضا أسلوب تعامله الراقي مع الناس في مختلف مراحل حياته الوظيفية, حيث تدرج من مدرس في التعليم الابتدائي الى ناظر ابتدائي ثم ناظر ثانوي ثم مدير منطقة تعليمية ثم وكيل وزارة المعارف ومسئول عن التعليم الأجنبي مع طه حسين باشا ومسئول عن التعليم في قطاع غزة، وفي كل هذه المراحل الطويلة أصبح ليس معلما فقط وإنما كان مربي أجيال بالمعنى الحقيقي للكلمة وكانت أفكاره تقدمية, وكان يتحدث العديد من اللغات وكان شخصية حاسمة وله خبرة طويلة في الإدارة, فوالدي له فضل كبير عليّ وعلى كثير من أبناء الإسكندرية وعلى أبناء فلسطين لأنه عمل كما ذكرت مديرا للتعليم المصري في غزة لمدة 6 أعوام وكان ذلك في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والذى كانت القضية الفلسطينية بالنسبة له قضية مركزية.

الحلم

وماذا عن مراحل مشوارك العلمي المتميز وذكرياتك معه؟

دعني أحدثك عن تعليمي الابتدائي قبل الجامعي, فأنا درست في مدرسة الليسيه الفرنسية وهذه المدرسة تعلمت بها لمدة 9 أعوام وأنشأ بها قسم مصري، بمعني أن المواد تتم دراستها باللغة العربية مع التركيز على العناية باللغة الفرنسية وتدريس بعض المواد باللغة الفرنسية, فكانت مدرسة وسطية بين مدرسة حكومية مصرية وفرنسية وجمعت بين الحسنيين, وهذه المدرسة بالتحديد كان لها تأثير كبير على شخصيتي من حيث الإدارة الفرنسية الحاسمة، بجانب توافر الأنشطة المتعددة وكان الفصل الدراسي لا يتعدى عدد التلاميذ به 20 طالبا من الجنسيات المختلفة, وأنا لا انسى المدرسين أبداً وعنايتهم ومتابعتهم الدورية لي, وعندما انتقلت الى الدراسة بكلية الحقوق جامعة الاسكندرية والتي كانت دراستي بها في البداية ليست بإرادتي الشخصية ولكن بإرادة والدي وقال لي يجب عليك ان تقتنع بوجهة نظري, حيث كنت أرغب في الدراسة بكلية الآداب قسم فرنساوي خاصة وانني درست فرنساوي 9 أعوام في مدرسة فرنسية، وقرأت الكثير عن تاريخ فرنسا وثقافتها وثورتها وأدبائها، وكنت اتمنى الاقتراب من هذا البلد على الحقيقة وأعمل معلما في مادة اللغة الفرنسية ومجال التدريس مثل والدي ووالدتي والغالبية العظمي من أفراد عائلتي, خاصة أن والدي كان يردد دائماً أن أهم أمر يستطيع الانسان ان يصبح من خلاله مثلا اعلى يحتذى به هو ان يكون معلما وكان دائما ينصحني ويقول لي إنني خلقت لكي أصبح معلما في مواد القانون فقط , ونتيجة لذلك درست بكلية الحقوق إرضاء لوالدي واقتناعاً بوجهة نظره, وكانت الأربعة أعوام التي درست بها القانون بمثابة الأساس الصلب في تكويني القانوني ليس لأنني درست مختلف مواد القانون فحسب، ولكن القيم والمثل والمبادئ وفلسفة القانون وروحه واحترام الحريات ومعني العدل وضرورة تطبيقه بين الأشخاص وكره الظلم, وهذه المبادئ تعلمتها ليس من خلال الكتب فقط، ولكن من خلال مجموعة من الأساتذة العظماء وكانت الغالبية العظمى منهم شبابا عائدين من فرنسا مثل الدكتور إسماعيل صبري عبدالله أستاذ الاقتصاد والدكتور حسن كيره أستاذ القانون المدني والدكتور شمس الدين الوكيل والذي أصبح فيما بعد وزيراً للتعليم العالي, وهؤلاء الأساتذة كانت الدولة المصرية تستعين بخبراتهم نتيجة كفاءتهم العالية ومعظمهم أيضا كانوا يعاونون أساطير القانون كالسنهوري باشا, حيث عاونه من جامعة الإسكندرية الدكاترة إسماعيل خان وشمس الدين الوكيل وحسن كيره، وفي إعداد كتابه «الوسيط» والذي يعد بمثابة أهم مرجع في القانون المدني حتى اليوم, فمن حسن حظي أثناء فترة دراستي للقانون هؤلاء الاساتذة والذين تولوا مناصب مرموقة فيما بعد, وأنا تفوقت في دراستي وحصلت على تقدير امتياز وكان ترتيبي الأول على دفعتي, وأيضا على مستوى الجامعات الثلاث المصرية التي كانت تدرس القانون آنذاك وهي جامعات القاهرة وعين شمس والاسكندرية ومجموعي كان 198 درجة من المجموع الكلي وهو 220 وأساتذتي حينها كانوا فخورين بي لأنه لم يسبق لأحد الطلاب من قبل وحصل على هذه الدرجات, ونتيجة تفوقي وحصولي على هذا المجموع تم تكليفي للعمل مندوباً مساعداً في المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة المصري دون محسوبية ونتيجة مجموعي الكبير, ولكنني حينها كنت أرغب بالعمل داخل الإسكندرية والعمل معيداً بالجامعة على وجه التحديد, ونظراً لأن وظيفة معيد بالجامعة كانت تحتاج الاعلان عنها قبل الالتحاق بها وهو ما لم يكن متاحا حينها الحاجة لمعيدين, وهو ما دفعني للعمل بمجلس الدولة ولكن بإدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الدولة بالإسكندرية, الى ان تم الإعلان بعد 5 اشهر عن احتياج كلية الحقوق بجامعة الاسكندرية لمعيد في قسم القانون الدولي وتقدمت اليها وتم اختياري لها رغم منافسة بعض الطلاب لي من الجامعات الأخرى, وبعد ذلك ببضع سنوات تم اختياري للذهاب لبعثة للحصول على درجة الدكتوراه من فرنسا، وهو لم يحدث نظرا لانقطاع العلاقات المصرية الفرنسية حينها, فذهبت إلى إيطاليا للالتحاق بالمعهد القانوني الدولي بروما وتعلمت اللغة الإيطالية في إحدى المدارس هناك دون مقابل مادي وحصلت على دبلومة القانون الدولي من معهد القانون الدولي بروما, وبالصدفة أثناء عبوري في أحد شوارع روما قابلت مسيو مارشال مدير مدرسة الليسيه التي كنت أدرس بها في مرحلة الابتدائية وبسؤاله عن ماذا أفعل في روما أجبته بانني أدرس وقال لي لماذا لم تذهب الى فرنسا للدراسة بها والحصول على الدكتوراه من هناك؟ أبلغته بأنني لم أستطع حتى الآن الحصول على التأشيرة الخاصة بالسفر إلى فرنسا, فقال لي في خلال ثلاثة أيام سأرسل إليك التأشيرة، وهو ما تم بالفعل وتحقق حلمي وكنت اول مواطن يدخل الى فرنسا رغم انقطاع العلاقات بين البلدين.

الدكتوراه

وماذا عن رسالة الدكتوراه؟

أشرف على رسالتي الأستاذ شارل روسو، وهو من أشهر أساتذة القانون الدولي على مستوى العالم, وقبل موافقته بالإشراف على رسالتي أخبرني أنه أشرف من قبل على رسالة شاب مصري يدعى بطرس غالي, وقال لي إذا كنت قادرا على عمل رسالة دكتوراه جيدة مثله فسوف اشرف على رسالتك, وعدته بأن تكون رسالتي جيدة مثل الدكتور بطرس غالي وهو ما حدث بالفعل.

قضية طابا

حدثنا عن الفترة التي أعقبت عودتك من باريس وتقلدك العديد من المناصب المرموقة؟

بعد عودتي الى القاهرة كانت لدي طموحات كثيرة خلال هذه الفترة، وكانت هذه الفترة هي فترة المد القومي وكان الشباب لديه حلم لبناء مجتمع متحضر ومتقدم في الصناعة والسياحة والتأثير في العالم العربي ككل، فكانت فترة الستينيات فترة خصبة, واجتهدت كثيراً خلالها لكي أكون مدرساً ناجحاً في كلية القانون قسم القانون الدولي وساعدني في ذلك رئيس قسم القانون الدولي آنذاك الدكتور حامد سلطان رحمه الله, وكان تركيزي الأساسي على ان اقوم بعملي كمدرس بقمة الإخلاص والجدية, وكنت سعيداً جداً بعملي بالتدريس, واستمررت بمجال التدريس لفترة طويلة ومن ثم تم اختياري للعمل عميداً لمعهد قانون الأعمال الدولي, فعندما كان يتولى الدكتور فتحي سرور وزيرا للتعليم تم الاتفاق مع فرنسا على إنشاء معهد دراسات عليا مشترك يكون التدريس به باللغة الفرنسية وتعطي شهادته من فرنسا باعتبار ان هذا المجال جديد وكانت تجربة جيدة بالنسبة لي, ثم بعد ذلك كانت قضية طابا المعقدة حيث طالب الرئيس الأسبق مبارك من وزير الخارجية الدكتور عصمت عبد المجيد آنذاك بتشكيل لجنة لدراسة هذه القضية بعناية شديدة وتتأهب لها, خاصة أن مبارك كان متأكداً من ان إسرائيل لن تترك أرض طابا بسهولة وستذهب إلى التحكيم الدولي, وبالفعل تم تشكيل اللجنة وكنت أحد أعضائها وعملت بهذه اللجنة مستشارا لوزارة الخارجية مسئولا عن الجانب القانوني للوفد المصري في المفاوضات, وعندما فشلت المفاوضات وذهبنا لمرحلة التحكيم استمررت أيضا في مرحلة التحكيم إلى أن صدر الحكم يوم 29 سبتمبر عام 1989 بإعلان طابا ارضا مصرية، بكى أعضاء اللجنة المصرية من الفرحة وهتفوا «الله اكبر»، وكانت هذه اللحظة علامة فارقة في حياتي, ودعني أصارحك بأن سنوات عملي في هذه القضية كانت أهم وأسعد المحطات في حياتي العملية واعتز بها كثيراً خاصة أنها توجت بانتصار عظيم، وكللت جهود اللجنة التي عملت بحس وطني عال وبكل إخلاص كل في تخصصه وبإشراف مباشر من الرئيس الأسبق مبارك، ودعني أصارحك أيضا أن أهم صفة أحب أن تطلق علي هي مفيد شهاب الذي كان عضوا في الدفاع عن أرض طابا المصرية.

 

مواجهة الجماعات المتطرفة بجامعة القاهرة

عقب صدور الحكم في قضية طابا تم اختياري لتولي منصب رئيس جامعة القاهرة وهذه كانت فترة مهمة جدا في تاريخي الوظيفي, لأنني أحب أجواء الجامعة والتدريس وسط الأساتذة والطلاب, وفي هذه الفترة من عام 1993 الى عام 1997 شهدت العديد من المظاهرات العنيفة من الجماعات المتطرفة كالإخوان المسلمين وغيرها, وكانت هذه الجماعات تنمو بقوة غير عادية وبعض الكليات بالتحديد كانت تقود هذه المظاهرات ليست من قبل الطلبة فقط ولكن الأساتذة كذلك, وكان يتوجب علىَّ مواجهة هذه التظاهرات التي تعطل العملية التعليمية ونجحت في ذلك عن طريق الحسم والحكمة ونشر النشاط الثقافي والفني، وقمت بافتتاح قاعة المؤتمرات والاحتفالات التي كانت مغلقة من قبل الجماعات الاسلامية لعدم عرض المسرحيات والفرق الموسيقية الأمسيات الشعرية, وأعطيت تعليمات لعمداء الكليات بتوزيع جدول برنامج الموسم الثقافي الفني على جميع طلاب جامعة القاهرة ومن ثم استجاب معظم الطلاب وحرصوا على حضور هذه الأنشطة الثقافية والفنية وبالتالي ضعف تأثير الفكر المتطرف, ففي الكثير من الأحيان يأتي الحوار السياسي والنشاط الفني والثقافي بنتيجة إيجابية للغاية للغالبية العظمى من الطلاب الذين تم تضليلهم على أيدي هذه الجماعات الاسلامية.

      

وماذا عن أصعب موقف تعرضت له من الجماعات المتطرفة اثناء توليك منصب رئيس الجامعة؟

أنا أؤمن بأن الإدارة الناجحة تكون بالتعاون والمحبة، وأن يكون لديّ نواب يتعاونون معي, وفي إحدى المرات قررت النزول الى مكتبة الجامعة وحذرني الأمن من ذلك, ووجدت مجموعة من الطلاب يحاصرون مبنى إدارة الجامعة بأكمله ويمنعون خروج اي احد منه ويريدون الصعود الى مكتب مدير الجامعة للاعتداء عليه عقابا له على فتح قاعة المؤتمرات وسماحه بإقامة العروض الفنية بداخلها, وتلقيت اتصالا هاتفيا في تلك اللحظة من الدكتور زكريا عزمي أبلغني فيه ان الرئيس الأسبق مبارك يريد الاطمئنان عليّ ونصحني الرئيس بالمكوث داخل مكتبي والاستماع الى تعليمات الأمن, خاصة ان مبنى الجامعة كان محاصرا بأكمله من قبل الجماعات الاسلامية المتطرفة, وظل الرئيس يتابع معي تليفونيا حتى تم فض هذه التظاهرة وخرجت بأمان, فالرئيس الاسبق مبارك كان إنساناً بالمعني الحقيقي للكلمة وكان دائما يطمئن على المسئولين بالدولة, بالإضافة إلى أنه كان حريصا دائما على الالتقاء بالشباب والطلاب داخل الجامعات وكان لا يتردد في ذلك.

 

معوقات العمل التنفيذي

بعد ذلك تم اختياري وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي وكنت حريصاً للغاية على استقلالية كل جامعة وتوفير الحصانة للأساتذة، وبين أن تكون هناك مبادئ عامة تلتزم بها الجامعات, وقمت بإجراء تعديلات هامة على قانون الجامعات, وصدر قانون بإقامة الجامعات الخاصة لأول مرة سنة 96 والتي انطلقت بالفعل ولعبت دوراً مهماً في سد الثغرة في التعليم الجامعي, وهذه المرحلة اعتز بها ولكنها شهدت العديد من

المشكلات وكنت ابذل جهوداً مضاعفة بها عند المقارنة بالعمل رئيسا لجامعة القاهرة, فهناك بعض المعوقات التي تمارس في العمل التنفيذي وتحمل مسئولية وزارة أمر صعب للغاية في مجتمعاتنا العربية, خاصة أن الرأي العام لا يتقبل قرارات قد يراها المسئول في الوزارات الخدمية جيدة ولكنها لا ترضى الرأي العام.

 

متى اقتربت من الرئيس الأسبق حسني مبارك؟

الفترة التي اقتربت فيها بالرئيس الاسبق مبارك، وكانت هناك صلة مباشرة معه هي فترة قضية أرض طابا, وأتذكر أنه بعد تولي الرئيس مبارك منصب رئيس الجمهورية بنحو ثلاثة أعوام فوجئت باتصال تليفوني من الدكتور أسامة الباز أخبرني فيه ان الرئيس مبارك يريد مقابلتي وسؤالي عن قضية طابا, وكنت حينها أعمل في دولة الكويت واشغل منصب مدير الدائرة القانونية بالصندوق العربي للإنماء التابع للجامعة العربية, فعدت من الكويت وتوجهت الى الرئيس الأسبق مبارك وقابلني بكل حفاوة، وقال لي إن هناك جزءاً من الأراضي المصرية لا تريد إسرائيل الانسحاب منه وتزعم أنها أرضها وأن وزير الخارجية المصري الدكتور عصمت عبد المجيد آنذاك هو المسئول عن الملف وهو على علم بأنك ستكون معه في اللجنة المشكلة لهذا الأمر, وطلب مني الاهتمام بقضية طابا باعتبار أن هذه القضية في مجال تخصصي وهى قضايا الحدود الدولية, وطلب مني ايضا عدم الذهاب للكويت والبقاء داخل مصر من أجل هذه القضية, خاصة ان مبارك كان واثقاً من خلال معرفته بالإسرائيليين أن القضية لن تنتهي بالتفاوض وقال لي بالنص أن إسرائيل إذا أعطيتها أصبعك أخذت يدك, وإذا أعطيتها يدك أخذت ذراعك بأكمله، وكان الرئيس مبارك يتابع معنا سير القضية بحس وطني يوميا، وكان يجتمع معنا من وقت لآخر لأنه لا يوجد أغلى من تراب الوطن حتى ولو كانت أرض مساحتها صغيرة, ومبارك أعطاني درسا بأن المسئول يجب عليه ان يتابع كل ما يحدث بنفسه وليس من خلال مساعديه خاصة عندما تكون القضية تتمتع بالحساسية, ولا بد أن أعطي الرئيس الأسبق مبارك حقه عند الحديث عن هذه القضية على أسلوبه العلمي في التعامل معها وعلى توجيهاته وكيف كانت تتم بصورة راقية وكيف كان يشجعنا.

 

الزعيم عبدالناصر

ماذا تقول للأجيال الجديدة عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؟

يكفي أن أخبرهم بأنني كنت أحس بقيمتي كمصري لأنني من بلد الزعيم الراحل عبدالناصر، وعندما كنت بإيطاليا وأخبر احدا بانني مصري كان يفرح بي كثيرا، ويسألونني عن الزعيم عبد الناصر, فناصر كان قيمة كبيرة جدا بما أنجزه في مصر من إنجازات حملت عدالة اجتماعية ملموسة للطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل, وفي تحقيق الاستقلال التام لمصر عام 1954, وبإنشاء قاعدة صناعية وايضا بإنشاء السد العالي, وأكثر من ذلك أنه جعل مصر جزءا فعالا ورائدا ويقود العالم العربي, بالإضافة إلى أنه جعل القومية العربية مبدأ أساسيا في حياة المصريين، من خلال خطبه عن القومية وعن العرب وما فعله لتحرير عدد من الدول العربية, فهو رمز عظيم لحركات التحرر ومناهضة الاستعمار والعناية بالفقراء ومحدودي الدخل، ولا أحد يمكن أن ينكر ذلك, ولكن هناك شيئا واحدا يؤخذ عليه، وهو أنه أهمل ملف الحريات ظنا منه بأن هذا الملف يمكن أن يأتي في مراحل تالية, وانه لو سمح بالحريات واحترام حقوق الإنسان والتعددية الحزبية، يمكن أن يؤثر على مسيرة التقدم ويعرقلها, ولكن تبين لي بعد ذلك ان كلا المسارين لا بد أن يسيرا معاً فلا يمكن أن ننهض اقتصاديا واجتماعيا دون أن تكون هناك حرية سياسية واحترام حقوق الإنسان والعكس صحيح, فكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر.

 

فترة صعبة

كيف رأيت فترة حكم الإخوان المسلمين لمصر؟

هذه الفترة من أصعب الفترات التي مرت بها مصر, ولا تتناسب وتاريخ مصر الحضاري المحترم, وشهدت قيام قوى متعددة لا تريد الخير لمصر تضامنت فيما بينها لتخرب وتدمر وتسقط الدولة المصرية وتاريخها وحضارتها ومؤسساتها, وكان ذلك بعنف لا يتناسب ابداً مع طبيعة الشعب المصري, وانا لا استطيع أن أقول إن الشعب المصري هو الذي قام بهذه الأفعال, فقد يكون هناك بعض الشباب الوطني المخلص كان غير راض عن بعض السلبيات وهذا أمر صحيح ونحن رأينا ذلك في بداية أحداث يناير عدد من الشباب يتحدث بموضوعية وجدية, ولكن بعد أيام قليلة انقلبت الصورة تماما، ووجدنا أن المسألة ليست كما يعتقد البعض بأنها ثورة من أجل التغيير للأفضل, وإنما محاولات قوى متعددة في الداخل والخارج لسقوط الدولة المصرية, خاصة أن أي مخطط تريد تنفيذه هذه القوى في المنطقة لا بد أن يبدأ بإسقاط مصر باعتبارها القوة التي تستطيع أن تصمد وتعارض المؤامرات والتخطيطات والتدابير الخارجية, وانا كنت في هذه الفترة لا أخشى على تاريخ مصر وحضارتها فقط، ولكن ايضا على مستقبلها, ولكن بفضل من الله التف الشعب المصري بأكمله حول الرئيس عبدالفتاح السيسي وقام بثورة عظيمة في سبيل تمسكه بدولته ومؤسستها ورفضه لقوى العنف واستغلال الدين من أجل المصالح الشخصية فكانت ثورة يونيو التي نعتز بها ونحرص عليها ونرجو لها المزيد من التقدم.

 

فترة ولاية ناجحة

كيف ترى الدولة المصرية بعد 4 أعوام من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي؟

أنا أرى أن الأربعة أعوام الماضية كانت نقطة بدايتها فترة دعم الاستقرار وتوفير الأمن والاستقرار باعتبارها الأساس, ثم مرحلة البناء والتعمير ونحن رأينا الإنشاءات الكثيرة والمشروعات الضخمة والمجتمعات العمرانية الجديدة, وأرى ان المرحلة الحالية هي مرحلة بناء الانسان من خلال التعليم الأفضل والعناية بصحته وسلوكياته وأخلاقه وحسه الوطني وممارساته, وهذا الجانب المعنوي المتعلق بالإنسان والتنمية البشرية بمختلف جوانبها يستلزم ان تكون هناك حريات سياسية على أوسع نطاق واحترام حقوق الإنسان وانا أعتقد ان هذا أهم ما يجب ان نحرص على تحقيقه من قبل القيادة والمواطنين.

 

التحديات

وبماذا يخشى الدكتور مفيد شهاب على الدولة المصرية؟

هناك قوى خارجية كثيرة لها أهداف متعددة ولا تريد لمصر أن يتحقق لها الأمن والاستقرار, كما ضربت ليبيا والعراق واليمن وسوريا, إلا أن ما زال حلمهم الأكبر الذي يسعون اليه باستمرار لتحقيقه هو تخريب الدولة المصرية وتفتيتها وإضعافها, ولكنهم سيعجزون عن ذلك طالما تمسكنا وأصبحنا على قلب رجل واحد رغم الاختلاف فيما بيننا.

 

اعتزال العمل السياسي

ماذا يفعل الدكتور مفيد شهاب في الوقت الحالي؟

حاليا أواصل العمل في المجال العلمي والتدريس لطلبة الدراسات العليا, ودعني اذكرك مرة أخرى بما قاله والدي لي بأنني خلقت لكي أكون معلما, بالإضافة إلى أنني أيضا أواصل الجهد في البحث وإعطاء الآراء القانونية للمسئولين, فهناك عدد من القيادات والوزارات يستشرونني بعض القضايا ذات الجانب القانوني الدولي ولا يمكن التأخر عن تقديم الاستشارات لهم, وانا اعتزلت العمل السياسي والحزبي نهائيا، وابتعدت عن الإعلام منذ عام 2012 وهذا أول حوار صحفي أجريه منذ ذلك التاريخ وغير نادم عليه, ولا أستطيع الحكم على نفسي خلال عملي السياسي والتنفيذي سواء بالنجاح أو الفشل ولكن كل ما استطيع قوله إنني عملت بكل إخلاص وبحس وطني واجتهدت كثيرا واترك لأبناء الشعب المصري التقييم.

 

وماذا تقول لمن يتحدث بسوء عن الدولة المصرية؟

أقول لهم كونوا رحماء بمصر مثلما كانت رحيمة بكم في يوم من الأيام، فمصر أغلى شىء بالنسبة للمصريين وللعرب, وإذا كانت الدولة المصرية قد شهدت بعض المشكلات خلال الفترة الماضية, إلا أن هذا لا يمنع أبدا من كونها دولة لها تاريخ عظيم وحضارة عريقة, ولذلك أحزن كثيرا عندما أشاهد بعض أبنائها سواء بالداخل أو الخارج ويتحدث عن مصر بأسلوب نقد لاذع به روح الاستهجان وعدم الثقة واليأس, وانا أطالبهم بأن يكون نقدهم في سبيل الإصلاح والتوجيه وبث الأمل والثقة, وان يهدف حديثهم إلى تقوية الدولة المصرية ووحدتها.

هل تعرضت للظلم في حياتك؟

تعرضت للظلم أكثر من مرة ولكن الله عوضني كثيرا بمجمل حياتي, وانه كان يحدث لي دائما نوع من رد الاعتبار ويكشف الحقيقة، فالظلم لم يدم طويلا والله كان يكافئني ويعطيني أكثر مما استحق بعد ذلك.

متى بكى الدكتور مفيد شهاب؟

في مناسبات عديدة ولكن كان أهمها وأكثرها ألماً بالنسبة لي يوم وفاة ابني, فكان هذا يوما صعبا للغاية في حياتي بالرغم من علمي بحقيقة مرضه ومروره بظروف صحية صعبة للغاية، ولكنني لم أكن أتوقع أبدا أنني سأفتقده, وأيضا يوم وفاة والدي كان أيضا يوماً قاسياً وأدركت حقيقة الموت حينها.

وماذا عن أجمل اللحظات في حياتك؟

لحظات كثيرة جداً, فعلى سبيل المثال يوم تخرجي فى كلية الحقوق كنت سعيداً للغاية, خاصة عندما قام عميد الكلية بالاتصال بوالدي وأخبره بأنني حصلت على المرتبة الأولى على دفعتي, واللحظة الثانية عندما تفوق نجلي في كليته وحصل على مجموع كبير وتم اختياره معيدا بالجامعة بعد ذلك, أيضا لحظة فرحتي بحفيدتي الأولى «نيلي» ثم الحفيد الثاني «سليم» وهما بمثابة أكبر فرحة حديثة بالنسبة لي.