عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حضرت الحلاوة ..وغاب المشتري

بوابة الوفد الإلكترونية

مولد وصاحبه «النبى».. يحتفل به الصغير والكبير.. «سمسمية، حمصية، ملبن» حلويات لا نراها إلا فى ذكرى مولد النبى، وفى كل عام يبدع أصحاب مصانع الحلوى فى صناعة أنواع جديدة لجذب الزبائن، هذا العام أبدع الصناع فى تغيير بعض أسماء الحلويات ومنها «قوت القلوب والكرسبى والسواريه» حتى إن البعض لجأ إلى صناعة الحلويات «الدايت» لمرضى السكر.. الأنواع الحديثة من الحلويات طمست معها الكثير من المظاهر القديمة كالعروسة والحصان المصنوعين من الحلوى واستبدل مكانهما عرائس من الإسفنج والبلاستيك، ذكريات يتوارثها المصريون من جيل إلى جيل شاهدة على تغيير العادات عاماً بعد آخر.

فى منطقة أبوالريش بحى السيدة زينب اتجهنا إلى أحد مصانع الحلويات مع بداية وردية العمل المسائية فى تمام الساعة السادسة مساء، فالعمال يعملون طوال الليل وحتى الساعة العاشرة صباحاً، بعضهم يقوم بتقطيع الحلويات وبعضهم يعملون على ماكينة التغليف، وآخرون يقفون يبيعون منتجاتهم خارج المصنع بأسعار أقل من السوق.

البداية كانت مع «أبوياسين» الذى يعمل فى حلوى المولد منذ 30 عاماً عندما جاء من شبين الكوم، مهنته الأساسية ميكانيكى سيارات ولكن أثناء موسم المولد النبوى يعمل فى تصنيع الحلوى، وقف وأمامه «أسطوانة تدور بموتور لتقطيع الحلويات إلى دوائر صغيرة».. وقال: «الحلويات مهنة العائلة ولدينا مصانع لبيع الحلويات فى قريتى بالمنوفية ولكن فى موسم مولد النبى يكون العمل فى القاهرة مربحاً أكثر، إلى جانب أن مظاهر الاحتفال تدفع الجميع إلى قضاء تلك الفترة فى رحاب مسجد السيدة زينب بعد انتهاء ساعات العمل».

ويكمل قائلاً: «تصنيع حلاوة المولد تتم على عدة مراحل أولها تسوية الحلاوة وهى أهم وأصعب مرحلة فى التصنيع، وتتم عن طريق وضع السكر والعسل داخل إناء كبير مصنوع من النحاس ويتم التقليب مع وضع المياه بين الحين والآخر، ويستخدم فى هذه المرحلة أوانٍ من النحاس، بعد ذلك يتم رفع الإناء المغلى من النار بعد التأكد من تسوية العجين، ووضعه على رخامة نظيفة لتشكيله إلى قطع صغيرة، ويتم صناعة الأشكال المطلوبة سواء دوائر أو مثلثات وبعدها نبدأ فى مرحلة التعبئة ويقوم العامل بوضع القطع داخل ماكينة التغليف».

«أم يوسف» التى ظلت واقفة إلى جانب العمال تشرف على تغليف الحلوى وتعبئتها، أخبرتنا أن لكل مهنة أسرارها.. وتقول: «فى شغلانتنا لازم نعرف السوق محتاج إيه، ولأن السوريين هما أصحاب الإبداع، فهذا العام ظهرت حلوى أطلقوا عليها قوت القلوب وهى عبارة عن ملبن ولكن على شكل قلب ليس هناك أى إضافات جديدة ولكن ما يميزها هو الشكل فقط».

وتكمل «أم يوسف» قائلة: «حلوى المولد هذا العام تأخذ طابع السواريه وهى قطع صغيرة، إلى جانب أن هناك نوعاً جديداً آخر وهى الحلوى الكرسبى، وهناك حلويات دايت، ويأتى إلينا كبار السن ويطلبون حلويات بدون سكر ونحن كمصنعين نقلل كمية السكر المستخدمة ونستخدم الجلوكوز وجوز الهند لانخفاض نسبة السكر بهما».

«يحيى» 26 عاماً، رئيس عمال، يقول: «حلوى المولد تشهد إقبالاً هذا العام عن السنوات السابقة، وما يفرق الحلويات فى المناطق الشعبية عن المناطق الراقية هو التغليف والحجم وبعض المقادير بالزيادة والنقصان برغم أنها واحدة والمكونات متشابهة تماماً».

ويكمل «يحيى» قائلاً: «هناك أنواع للحلوى تباع للفقراء حتى يدخلوا الفرحة على أطفالهم ونطلق عليها اسم الخميرة وهى عبارة عن نشا وسكر ويضاف إليهما الماء وبعد الخفق تظهر بشكل أبيض يشبه جوز الهند ولكنه مختلف فى الطعم، وتباع علبة حلاوة المولد المكونة من تلك الخميرة بأسعار تبدأ من 25 جنيهاً».

ويكمل «يحيى»: «أسعار السكر هذا العام انخفضت عن العام الماضى إلا أن أسعار جوز الهند ارتفعت ليصل سعر الكيلو 60 جنيهاً، وهناك محلات تأتى إلينا تشترى البضاعة لتبيعها بعد إضافة هامش ربح لها وهناك محلات تأتى بالخامات وتطلب تصنيع المنتج بمواصفات معينة، أما السوريين فمنتجاتهم تشبه منتجاتنا ولكن ما يميز الشيف السورى أنه يتذوق الحلوى المصرية فيعمل على زيادة جودتها».

أما «حسن» وقد وقف يبيع الحلويات للزبائن، فقال: «هذا العام حركة البيع والشراء ارتفعت بصورة كبيرة وكل زبون ليه طلب مخصوص فهناك من يطلب علبة ليقدمها إلى خطيبته ومن يشترى لأطفاله، لا تختلف الحلوى عن كل عام إلا فى بعض الأشكال وبعض المنتجات الجديدة، فنبيع الحمصية والسمسمية والجديد اللبية وهى مصنوعة من اللب الأسمر والأبيض، ويقبل المواطنون على شرائها لكونها منتجاً جديداً».

مواطنون: أسعار السكر انخفضت.. والحلوى غالية!

 

فرحة الكبار والصغار بقدوم ذكرى المولد النبوى الشريف تطغى على جميع المناسبات الأخرى، حتى إن البعض يلجأ إلى توفير نفقاته قبل الاحتفال لشراء حلاوة المولد لأولاده.

«سيد عبدالسلام»، محاسب، كان يشترى الحلوى بصحبة أولاده، أكد أن شراء الحلوى هى مناسبة لا بد منها، ولكن الأسعار ليست فى متناول الجميع، فالحلوى التى يطلبها الأطفال أسعارها مرتفع عن الحلوى التقليدية، ولكن التجار يستميلون الأطفال بإعطائهم الحلوى التى ينظرون إليها كنوع من إسعاد الأطفال فى تلك المناسبة ووسيلة لاستمالتهم للضغط على أسرهم لشراء الحلوى.

وانتقد أحمد زكريا، محام، غلاء الأسعار، وأكد أن أسعار الحلويات لم تختلف عن العام الماضى رغم انخفاض أسعار السكر، مضيفاً: «حلاوة المولد غالية من حوالى 4 سنوات واتعودنا على كده بس السنة دى القطع صغيرة وأسعارها مرتفعة».

وأضاف زكريا: «الأطفال عاوزة تفرح ومضطرين نجيب اللى نفسهم فيه، المناسبة مش كل يوم ولازم نفرحهم، ومفيش مانع إننا نجيب لهم الحلويات حتى لو هنستغنى عن أشياء أخرى، بس المهم يفرحوا».

بينما قالت سمر عبدالفتاح، ربة منزل، لديها طفلان، قالت: «إنها مجبرة على شراء حلاوة المولد لأبنائها ونظرًا لارتفاع الأسعار فإنها سوف تشترى لكل طفل قطعتين فقط» وأضافت قائلة: «هشترى بعد الموسم

هتكون الأسعار انخفضت، التجار بيستغلوا المواسم ودلوقتى غير زمان الحلويات موجودة طوال العام».

«عبدالرازق عبدالمعز»، موظف بالمعاش، يرى أن الأسعار هذا العام مرتفعة بعض الشىء، ففى كل عام كان يشترى 3 علب كبيرة له ولبناته، ولكن هذا العام سوف يقوم بشراء علب صغيرة الحجم، مؤكدًا أن سبب ارتفاع أسعار الحلوى هو جشع التجار واستغلالهم للمواطنين فى كل موسم أدى إلى رفع الأسعار بهذا الشكل الجنونى.

البلاستيك يكسب

العروسة والحصان.. «راحت عليكى يا دنيا»

 

الأحياء الشعبية تزينت للاحتفال بمولد النبى، ولا تخلو الشوارع والأرصفة من شوادر بيع الحلوى وتفاوتت الأسعار من مكان إلى آخر.. فى حى السيدة زينب استعد الباعة لعرض بضائعهم، واستعانوا بوضع الأنوار لجذب انتباه المارة.. وداخل حى السيدة زينب هناك أنواع عديدة من شوادر الحلويات تبدأ من محلات الحلويات الكبرى الشهيرة التى يبدأ سعرها من 150 جنيهاً للعلبة والتى لا يقبل عليها سوى فئة معينة من المواطنين، بينما يرتكز الإقبال الأكبر على الشوادر التى تتواجد داخل الأسواق والتى يبدأ سعر علبة الحلوى فيها من 25 جنيهاً.

عاطف حسن، صاحب محلات حلويات بالسيدة زينب، أكد أن الإقبال يبدأ فى أسبوع الاحتفال بالمولد النبوى، مضيفًا أن انخفاض أسعار السكر هذا العام أسهم بشكل كبير فى رواج الحلويات عن العام الماضى.

وأضاف أن هناك عدداً قليلاً من المواطنين يقبلون على شراء العروسة والحصان الحلاوة التى كانت تصنع قديمًا وتصنع اليوم بأحجام صغيرة على العكس ما كان يحدث قديمًا حيث كانت المصانع تقوم بتصنيعها بأحجام كبيرة، أما اليوم فيتم تصنيعها بالطلب وذلك لعدم رغبة الأطفال فى تناولها وإنما يتم شراؤها كديكور فى المنزل.

الحاج مصطفى عبدالغفار، أكد أن أسعار كيلو الحلوى المشكل وصلت 60 جنيهًا للعلبة، والعلف بـ60، حيث يتكون المشكل من ملبن وحمصية وسمسمية وسودانية ويكثر الطلب عليها، أما العلف فيتكون من الأشياء السابقة مع كمية قليلة جدًا من الملبن، بالإضافة إلى اللديدة، وهناك علب يقوم بتكوينها الزبون ويتم تحديد سعرها بعد اختياره للحلوى التى يريدها.

وأضاف أن الأسعار هذا العام أقل من العام الماضى والسبب انخفاض سعر السكر، حيث كان العام الماضى يباع بسعر 12 جنيهًا وهذا العام بـ8.5 جنيه، إلا أن هناك بعض المنتجات ارتفعت أسعارها وذلك لأنها سلع مستوردة كالبندقية والفسدقية واللوزية، أما منتجات جوز الهند فأسعارها متقاربة لما كانت عليه العام الماضى.

مسجد السيدة.. يا عشاق النبى صلّوا على جماله

 

فى ذكرى مولد جدها حفيدة الرسول السيدة زينب «أم العواجز» تبدأ الطقوس التقليدية حول مسجد السيدة زينب بالإضاءة العالية المبهجة بالألوان البيضاء والخضراء وحلقات الذكر، والحضرة، والأيدى تتعلق بأستار المقام فى تضرع ورجاء أن يقبل الله دعاء من أتاها من أقاصى الأرض حبًا للنبى الغالى وآل بيته.

داخل المسجد جاء الكثيرون تبركًا بالضريح المغلف بحوائط زجاجية وبداخله قبة خضراء يعلوه طرحة بيضاء، لا يكف الزائرون عن الدعاء وطلب شفاعتها عند رسول الله، البعض جاء زيارة للمقام والدعاء وآخرون عكفوا على ألا يغادروا المكان إلا بعد انتهاء الاحتفال بالمولد النبوى.

كعادة كل عام تجتمع الطرق الصوفية والرفاعية وغيرها من أصحاب المذاهب للاحتفال داخل مسجد السيدة زينب ويقومون بتوزيع الشربات والحلوى على الزوار، والاحتفال بمولد الرسول يعتبره المتشددون بدعة إلا أن المحبين يواصلون الاحتفال بالصلاة على الحبيب محمد رسول الله.

قناعة الجميع بأن الزيارة للضريح وتوزيع النذور والعطف على المحتاجين هو قمة العمل الصالح، بعض المتواجدين قام بالوقوف أمام الضريح وظل يبكى حتى أنهى دعواته وانصرف، حالات كثيرة ربما لن تشاهدها إلا فى تلك الفترة، ففى ليلة المولد ستجد من يوزعون اللحوم، وآخرين يحملون الخبز وبداخله «فول نابت» وفى تلك الفترة ينعم الجميع بالأكل والهدايا والنفحات الإيمانية التى تملأ القلوب.