عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤساء الأحياء.. فى «مصيدة الرشوة»

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق – رحمة محمود:

 

عند الحديث عن الفساد والرشاوى، تكون الأحياء والعاملون بها على رأس القائمة، خاصة أن المحليات والعاملين بها يتحكمون فى مفاصل حياة المصريين، بدءاً من التراخيص وحتى الإزالات مروراً بخدمات المياه والكهرباء والنقل والطرق وحتى الهواء الذى يتنفسه المصريون!.

ولهذا لم يعد الفساد فى المحليات مقصوراً على رشوة تقدر بملايين الجنيهات، فكل شىء يحتاجه المواطن من الحى لابد أن يدفع (الحلاوة وكوباية شاى) للموظف أو المسئول المختص حتى يسهل له الإجراءات.

وفتحت واقعة الرشوة لرئيس حى الهرم اللواء «إبراهيم عبدالعاطى» من أحد أصحاب العقارات مقابل السماح لهم ببناء أدوار مخالفة بمنطقة حدائق الأهرام، الباب من جديد على فساد المحليات، كما أثارت الواقعة العديد من التساؤلات لدى البعض عن مهام واختصاصات رئيس الحى ومعاونيه وعن سبل مكافحة هذه الظاهرة وكيف بدأت.

والحقيقة أن وقائع فساد المحليات سلسلة لا تنتهى حلقاتها، بدأت منذ تطبيق مصر نظام الإدارة المحلية عام 1883، عندما صدر قانون الإدارة المحلية لأول مرة مقررا إنشاء مجالس لجميع المديريات، ومنذ ذلك التاريخ وفساد المحليات لم ينقطع، كان آخرها رئيس حى الهرم الذى اعترف الرشاة بالواقعة، وأكدوا أن الرشاوى التى أعطوها له تنوعت ما بين مبالغ مالية تجاوزت ملايين الجنيهات، وشقق سكنية داخل وخارج القاهرة.

وكان ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان قد أصدر قبل عامين تقريره حول فساد المحليات فى مصر تحت عنوان «الفساد فى المحليات.. غياب الضمير وانعدام الرقابة» ورصد التقرير فى مقدمته خطورة الفساد فى المحليات، حيث حصلت الوحدات المحلية على المركز الأول فى قضايا الفساد فى الصحف بنسبة 65% حيث بلغت حالات الفساد 54 حالة وكان إجمالى المبالغ المهدرة فى هذه الحالات 387 مليوناً و959 ألفاً و966 جنيهاً، بينما وصلت المبالغ المختلسة والرشاوى إلى 2 مليون و789 ألفاً و400 جنيه.

 

مهام واختصاصات الأحياء

ما الذى يجعل رئيس أى حى يقبل رشوة؟.. إجابة السؤال تعود إلى دستور 1971 الذى حدد اختصاصات المجالس المحلية ورؤساء الأحياء، والتى أبقى عليها دستور 2012 والمعدل فى 2014، فلم يضف أى جديد لنظام الإدارة المحلية وترك الأمر مفتوحاً لمجلس الشعب ليقر قانون الإدارة المحلية وتشكيل المجالس المحلية سواء عن طريق الانتخاب أو التعيين.

طبقاً لقانون الإدارة المحلية، تتولى المجالس التنفيذية للأحياء إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة فى دائرتها فيما عدا المرافق القومية والمرافق العامة ذات الطبيعة الخاصة، كما تتولى مباشرة جميع الاختصاصات التى تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها. وتباشر المحافظات جميع الاختصاصات المتعلقة بالمرافق العامة التى لا تختص بها الوحدات المحلية الأخرى. ويكون للأحياء فى المحافظات ذات المدينة الواحدة مباشرة الاختصاصات التى تتولاها المراكز طبقا لأحكام هذه اللائحة. ويباشر المركز أو الحى اختصاصات الوحدة المحلية للقرية بالنسبة للقرى التى لا تدخل فى نطاق الوحدات المحلية القروية.

ويتولى رئيس الحى الإدارة المباشرة للإدارات العاملة فى الشارع مثل منطقة الإسكان «المبانى والمحلات والشركات»، ومتابعة المرافق أى «مياه الشرب والصرف الصحى – أعمال الكهرباء والتليفونات - والغاز»، ومعالجة أى خلل أو عطل من خلال مساعديه.

كما يتولى رئيس الحى الأعمال الميدانية بمعنى الإشراف على الفنيين المخول لهم متابعة أعمال النظافة والمرور على المخابز ومستودعات الغاز وسيارات توزيع الأنابيب وكل ما يعيق الشارع، ويتلقى تقارير أسبوعية من مساعديه الذين يمرون على الأكشاك ومتابعة إزالة كل ما يشغل الطريق وكيفية التعامل مع السلبيات.

بالإضافة إلى ذلك، يقوم بعرض تقرير شهرى على المحافظ أو نائب المحافظ للوصول إلى حل لجميع المخالفات وما هو صالح للحى، ويعاون رئيس الحى المجلس التنفيذى فى وضع الخطط الإدارية والمالية اللازمة لشئون الحى، كما يقوم بدراسة وبحث ما يحيله إليه المجلس المحلى أو رئيس الحى من الموضوعات ويتولى المجلس مراقبة تحصيل الموارد المالية للحى، ووضع القواعد التى تكفل حسن سير العمل بالأجهزة الإدارية والتنفيذية بالحى.

كما يقوم المجلس بدراسة وإبداء الرأى فى الموضوعات التى ستعرض على المجلس الشعبى المحلى للحى من النواحى الفنية والإدارية والقانونية، وفى الموضوعات الاستثمارية التى يتولاها الحى، ويتابع الأعمال التى تتولاها الأجهزة التنفيذية للحى.

وعلاوةً على ذلك، يتولى المجلس التنفيذى الترخيص بإنشاء مدارس وفصول خاصة وتحديد مسئوليتها فى ضوء السياسة العامة للتعليم وتحديد المصروفات المدرسية لها ومنح الإعانات المستحقة لكل مرتبة منها، والإشراف على تطبيق المناهج المقررة وتقديم الاقتراحات الخاصة بتعديلاتها وفقاً لما يسفر عنه التطبيق وما تقتضى البيئة المحلية.

فضلاً عن إعداد الخطط والبرامج الخاصة بمحو الأمية وتعليم الكبار وتنفيذها، والإشراف على امتحانات النقل فى المدارس فى المواعيد التى تحددها المحافظة على أن تشرف المحافظة على امتحانات الشهادة الابتدائية والشهادة الإعدادية.

هذه الاختصاصات نقطة فى بحر المهام المكلف بها المعاونون لرئيس الحى، والتى تمتد لتشمل النواحى الصحية المتعلقة بالإشراف على إدارة مكاتب الصحة ومراكز تنظيم الأسرة وعيادات الأحياء ووحدات العلاج والإسعاف الطبى وغيرها، فضلاً عن النواحى الاجتماعية والسكانية وغيرها من الخدمات الأساسية التى يحتاجها المواطنون.

 

حكاية سقوط 8 رؤساء أحياء فى قبضة العدالة

 

خلال أشهر قليلة سقط 8 من رؤساء الأحياء فى مصيدة الفساد.. وتم ضبطهم متلبسين بتلقى رشاوى فأحيلوا للمحاكمة.

* تم ضبط رئيس حى الدقى، يتقاضى رشوة 250 ألف جنيه، مقابل عدم إزالة العقار نتيجة وجود مخالفات فيه، وتم حبس المتهمين على ذمة التحقيقات.

* وفى نوفمبر الماضى، تم القبض على رئيس حى المستثمرين الشمالية والرحاب بعد حصوله على مبلغ 200 ألف جنيه فى مقابل غض الطرف عن المخالفات البنائية بالعقار الذى يملكه.

* وفى نوفمبر الماضى أيضاً، تم التحقيق مع رئيس حى الموسكى بعد اتهامه بالحصول على رشوة قيمتها 100 ألف جنيه بمكتبه من أحد تجار منطقة الموسكى، لمنحه ترخيصًا لممارسة نشاط تجارة الملابس.

* وفى ديسمبر الماضى، حققت النيابة مع رئيس حى أول أكتوبر، وموظف بتهمة الحصول على رشوة من صاحب عقار، للتغاضى عن تحرير مخالفات بناء العقار خاصته.

* فى يونيو 2017، تم القبض على رئيس حى التجمع الخامس أثناء تقاضيه رشوة

من اثنين من أصحاب شركات النظافة الخاصة لإرساء مناقصة على شركتهم.

* وفى مايو من عام 2016 تلقى رئيس حى روض الفرج - وقتها - 20 ألف جنيه كرشوة من أحد المقاولين، مقابل تسهيل الحصول على رخصة هدم أحد العقارات القديمة.

* وفى فبراير عام 2015، تم القبض على رئيس حى دار السلام - آنذاك - بعد حصوله على رشوة من صاحب شركة قطاع خاص تعمل فى مجال محطات تقوية شبكات التليفون المحمول.

وأخيراً.. سقط رئيس حى الهرم.

 

عشوائية اختيار القيادات.. أبرز أسباب الفساد

 

لماذا يسقط موظفو الأحياء فى بئر الرشوة؟.. الإجابة رصدتها الدكتورة إيمان مرعى فى دراسة لها بعنوان «إشكاليات نظام الحكم المحلى فى مصر واتجاهات التطوير».. وتقول الدراسة: إن الأزمة الأساسية تكمن فى التمويل الذى يعد من الضروريات الأساسية لقيام التنمية المحلية، مشيرةً إلى أن انخفاض مستوى التمكين المالى للمحليات واعتمادها الدائم على الإعانات المركزة التى تصل إلى أكثر من 80% للتغلب على إشكالية عجز الموازنة المحلية أحد أهم العقبات التى تواجه التمويل المحلى فى ظل ضعف دخول موظفى المحليات، وإنشاء صناديق خاصة وفق نظم محاسبية خارج الموازنة العامة، بالإضافة إلى غياب اعتبارات العدالة والمساواة فى تحديد طبيعة وحجم الخدمات التى تقدم للأقاليم، حيث تستأثر العاصمة بجل اهتمام الدولة بينما تتناقص الخدمات كلما ابتعدنا جغرافياً عن مركز السلطة الإدارية فيها.

وأرجعت «مرعى» الأزمة فى المحليات إلى غياب معايير اختيار القيادات المحلية على أسس موضوعية بل تعتبر المحليات فى بعض الأحيان أماكن لتأديب بعض الموظفين وإبعادهم عن مواقع اتخاذ القرار، هذا إلى جانب غياب قواعد العدالة الاجتماعية فى توزيع الأجور وفرص الترقى على اعتبار أن المعيار هو العلاقات الشخصية وليس الكفاءة، أيضاً ضعف وقلة البرامج التدريبية المخصصة لموظفيها، وعدم تصميمها للتعامل مع المشكلات الواقعية.

 ومن جانبه، اعتبر حمدى عرفة، الخبير فى الإدارة المحلية، أن سبب أزمة المحليات وكثرة حالات الفساد بها هو الإدارات الهندسية والتى يعمل بها ٩٠٪ من الحاصلين على دبلومات صنايع.

أوضح الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أن تطهير الإدارات الهندسية تكمن فى قانون البناء الموحد المعمول به حالياً الذى تم تشريعه عام 2008م علاوة على التشريعات الحالية المتعلقة بقوانين الإدارة المحلية.

وقال إن قانون البناء الموحد به ثغرات عديدة تفتح أبواب الفساد أمام الجميع سواء من الأغلبية العظمى من العاملين فى الإدارات الهندسية بالوحدات المحلية المختلفة هذا من جانب، وأيضاً بعض المواطنين الذين يعجزون عن الحصول على تراخيص البناء المختلفة نظراً لصعوبة الإجراءات من جانب، والحل يكمن فى تعديل قانون البناء الموحد.

وتابع قائلا: لابد من تشريع قانون جديد يسمح بحبس كل من المقاول والمهندس الذى ينفذ أى إنشاءات مخالفة علاوة على حبس صاحب العمارة ذاتها مع العلم أن الغالبية العظمى من العاملين فى الإدارات الهندسية هم من المؤهلات المتوسطة.

وأضاف: لا بد أن يقوم كل محافظ بتحويل أى من الفاسدين فى الإدارات الهندسية للتحقيق وأن يوقع عليه جزاء إدارياً لكى يكون عبرة للجميع وألا يكتفى المحافظ بذلك بل يجب أن يتم نقل الفرد من الإدارة الهندسية إلى إدارة أخرى فى منطقة محلية أخرى وإذا تتطلب الأمر يجب أن يتم فصله.

وتابع: أقترح على مجلس الوزراء أن يصدر تعليماته إلى جميع المحافظين بأن يتم حصر تام لأعداد المبانى المخالفة فى شتى أنحاء المحافظات لكى يتم بحث المقصرين من المهندسين الذين قاموا بإصدار تراخيص فى ظل عدم استكمال المواطنين للإجراءات القانونية علاوة على معاقبة كل فرد منهم لم يقم بتحرير محاضر إزالة ومن ثم أن يتم تحويلهم إلى النيابة الإدارية ونقلهم خارج الإدارات الهندسية إلى إدارات أخرى.

وأضاف خبير الإدارة المحلية بقوله: 90% من العاملين فى الإدارات الهندسية هم من المؤهلات المتوسطة حاصلون على دبلومات الصناعة والتجارة ولابد أن يصدر قرار من وزير التنمية المحلية بأن يتم إقصاء ونقل جميع المؤهلات المتوسطة فى الإدارات الهندسية إلى إدارات أخرى واستبدالهم بالمهندسين.