رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل 50 يوماً من العام الدراسى.. وبدأ ماراثون الدروس الخصوصية

بوابة الوفد الإلكترونية

تحقيق - أحمد سراج / إشراف: نادية صبحي

 

«بدرى.. بدرى.. بدرى» بدأ موسم الدروس الخصوصية.. قبل 50 يوماً بالتمام والكمال من بدء الموسم الدراسى، انطلق ماراثون الدروس الخصوصية وتسابقت الأسر فى سباق جديد بحجز مقاعد بالدروس الخصوصية لأبنائهم، وامتلأت الشوارع بإعلانات جديدة عن «الأسطورة، الهضبة، البروفيسور، ابن سينا».. وهكذا بدأت الأسر المصرية كابوسا جديدا يستنزف جيوبهم من اليوم وحتى بدايات الصيف المقبل ليصل إجمالى ما تنفقه الأسر المصرية على الدروس الخصوصية الى 30 مليار جنيه.

الغريب هذا العام أن الدروس الخصوصية بدأت فى الوقت الذى تؤكد فيه وزارة التربية والتعليم انتهاء أزمة الدروس الخصوصية وتهدد بمعاقبة كل مدرس يتعاطى الدروس الخصوصية!

ولا يمر يوم دون أن نسمع من مسئول حكومى تأكيدات بأن الدروس الخصوصية ستفقد معناها مع النظام الحديث خاصة طلاب الصف الأول الثانوى، وأن النظام التراكمى للثانوية العامة على مدار 3 سنوات سيحد من الدروس الخصوصية.. وفى المقابل اعتبر أولياء الأمور كل تصريحات المسئولين مجرد شو إعلامى، وأن الوزارة والنظام التعليمى فى مصر هما السبب الرئيسى فى تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية إلى جانب طمع وجشع المدرسين وطالبوا بمحاسبة هؤلاء المدرسين حيث يجمعون الملايين من الطلبة بدعوى أن من يبدأ معهم الدروس الخصوصية سيحصل على أعلى الدرجات، وأن من لا يحجز مكانه من الآن لن يجد له مكاناً فى الدروس الخصوصية لهذا العام.

دعاية تملأ الشوارع على الجدران وأعمدة الإنارة وبأساليب ملفتة للنظر يستخدمها محترفو الدروس الخصوصية يراهنون على جذب الطلاب قبل حوالى شهرين من بدء الموسم الدراسى، لإفراغ جيوب أولياء الأمور، خاصة مع الارتفاع المتتالى فى أسعار الحصص، ومع الأسف الشديد فإن أولياء الأمور يستسلمون لتلك الألاعيب خوفاً من فشل أبنائهم فى الدراسة وكابوس الثانوية العامة الذى يراود الجميع.

فى منطقة مصر القديمة أعلن أحد مراكز الدروس الخصوصية أن أول أسبوع مجاناً لجذب الطلاب وأماكن أخرى لجأت إلى دعاية أخرى «ادفع نصف شهر واحضر باقى الشهر مجاناً» ومركز آخر أعلن أن خبرة المدرسين به تزيد على 30 عاماً، وأن من يبدأ معهم الدروس سيحصل على مجموع لا يقل عن 90%، ومركز ثالث ينظم مسابقة ثقافية للمتقدمين للالتحاق به، جائزتها الأولى رحلة عمرة، والجائزة الثانية كارت يتيح للفائز خصومات كبيرة!

«أنا حاجزة مع المدرسين من شهر مايو وهبدأ فى منتصف أغسطس»، هكذا قالت «مى أحمد» طالبة بمدرسة السنية الثانوية، وأضافت أن مادتى الرياضيات والكيمياء بـ 100 جنيه فى الحصة لكل مادة بدون الملازم، التى تباع بأسعار ليست قليلة، والأحياء بـ 80 جنيهاً، واللغة العربية بـ 50 جنيهاً، واللغة الفرنسية بـ 60 جنيها.

معاذ صالح، طالب بمدرسة السعيدية الثانوية، أكد أنه أنهى حجز المدرسين الخصوصيين الذين سيعطونه الدروس فى منزله، وتبقى درس المجموعات ويبدأ الحجز فيه بعد عيد الأضحى.. وقال: مدرسو المجموعات بيروحوا للمنازل علشان كده بنروحله السنتر لأنه شاطر، وعن أسعار الدروس الخصوصية التى قام بحجزها، قال: «الفلسفة بـ 130 جنيهاً، الإحصاء بـ 90 جنيهاً، واللغة الإنجليزية بـ 100 جنيه».

وقالت منال سمير، بمدرسة كمال سليمان الثانوية بالمنيل: إن أغلب المراكز بدأت حجز الدروس الخصوصية، وما يميز تلك المراكز أن المدرس يستخدم طريقة سهلة لتوصيل المعلومة للطالب، سواء باستخدام اللغة العامية فى الشرح، أو بطريقة تجسيد الشخصية وهذه الطريقة تناسب الكثير من الطلبة فى الوقت الحالى لاعتماد معظمنا على الحفظ.

أما أحمد عبدالكريم، طالب بالصف الثانى الثانوى، قال: «بدأت حجز الدروس عقب ظهور نتيجة الصف الأول الثانوى، ولكننى فوجئت أن أغلب المدرسين المشهورين قد أنهوا الحجز والآن أبحث عن بديل، المشكلة الأكبر أن معظم المراكز أعداد الطلاب بها أصبح يفوق المدارس وأسعارها مرتفعة لذلك معظمنا يفكر فى تجميع عدد من الاصدقاء للبدء مع مدرس وزيادة سعر الحصة».

ويكمل عبدالكريم: «الدروس الخصوصية بتكمل اللى بندرسه فى المدرسة، ونعتمد عليها فى فهم المواد أكثر من مرة الطلاب المقتدرين بياخدوا الدروس فى المنازل وفى منهم بالمراكز التعليمية الخاصة وبنختار بينها على حسب سمعة المدرسين بها، ومعظمهم يلجأ للدعاية حيث يقومون بتوزع أوراق فى الشوارع تتضمن أسماء هذه المراكز وأماكنها وأسماء مدرسى كل مادة ويدفع الطالب 200 جنيه فى بداية الاشتراك بالإضافة للاشتراك الشهرى ويبلغ 150 جنيهاً.

أولياء الأمور يصرخون: «هنوفر من قوتنا علشان دروس عيالنا»

حالة من الغضب والاستياء يشعر بها أولياء الأمور، بسبب جشع المدرسين وما يسببونه لهم من أعباء تفوق طاقتهم فى ظل ارتفاع أعباء المعيشة.

أحمد حسنين، موظف، يقول: لا يوجد بديل عن اللجوء للدروس الخصوصية، فهى الوسيلة الوحيدة للطلاب لفهم المواد الدراسية بعكس المدرسة التى أصبحت عبئا على الطالب وضياعا لوقته، فمصاريف الدروس الخصوصية هذا العام ألف جنيه شهرياً ونتيجة ذلك سوف نستغنى عن الكثير من الاحتياجات أثناء فترة الدراسة، وبنقول «فترة وتعدى علشان مستقبل أولادنا».

أما سناء أيوب، ربة منزل، ترى أن السبب وراء انتشار الدروس الخصوصية هى الثانوية العامة التى تحول الامتحانات لموقعة حياة أو موت، ويحاول محترفو الدروس الخصوصية تبسيط وتوضيح طريقة الإجابة على الامتحانات لطلاب الدروس الخصوصية، ولذلك لا بد من إعادة النظر فى نظام الثانوية العامة نفسه بدلاً من وضع نظام تراكمى لـ 3 سنوات إلى جانب وضع أسئلة الامتحانات بطريقة تتفق مع ما يوجد فى الدول المتقدمة، التى لا توجد بها هذه الظاهرة لكى يتم إنقاذنا.

أما ناصر مهنا، موظف بإحدى شركات الاتصالات، يقول: «الدروس الخصوصية أصبحت شرا لا بد منه، وأصبح الاختلاف فقط على سعر الدرس الخصوصى، فكل مدرس يضع لنفسه تسعيرة لا يتخطاها أحد حسب نوع الدرس

فى المنزل أو فى المركز، ولن تنتهى هذه الظاهرة إلا مع مراعاة المدرسين لضمائرهم والشرح للطلاب بنفس الأسلوب داخل المدارس، فمعظم المدرسين داخل المدارس لا يشرحون بنفس الكفاءة».

أما سعيد عبدالتواب والد لـ 4 أبناء فى مراحل مختلفة، الأكبر فى ثانوية عامة هذا العام، أكد أن الدروس الخصوصية عبء آخر على أولياء الأمور، خاصة بعد انخفاض مستوى التعليم فى المدارس بصورة كبيرة، فلا حل أمامنا سوى الدروس الخصوصية، مؤكداً أن المدرس يحصل على ألف و500 جنيه فى المادة الواحدة سواء كان طالبا بمفرده أو ضمن مجموعة، لذا أعطى ابنى درسا خصوصيا فى الفيزياء وآخر فى الكيمياء فى المنزل، والباقى مجموعة مكونة من 4 أو 5 طلاب حتى يخف الحمل قليلاً وكله بيهون علشان مستقبل الأولاد.

وأشار سعيد الى أن بعض الطلاب يضطر إلى اللجوء فى المادة الواحدة إلى مدرسين، واحد للمراجعة والآخر للشرح، أو مدرس مع مجموعة ونفس المادة فى مركز، وهذا بالنسبة للطلاب الباحثين عن التفوق، ولا نستطيع كأولياء أمور أن نرفض.

وزارة التربية والتعليم تخسر المعركة مبكراً.. وتصريحات المسئولين «فشنك»

فى أبريل الماضى أعلن طارق شوقى وزير التربية والتعليم على شاشات التليفزيون، وأقسم أن نظام الدراسة الجديد للثانوية العامة سيقضى تماماً على الدروس الخصوصية بالتوازى مع توفير مصادر للدخل للمدرسين بديلة عن السناتر، إلا أن ما شاهدناه مؤخراً يؤكد أن الوزارة زادت من الطين بلة بالحجز على السناتر فاق هذا العام الأعوام السابقة.

طارق شوقى أشار إلى أن الأسر المصرية تنفق بشكل تقديرى من 20 إلى 30 مليار جنيه سنوياً على الدروس الخصوصية لا تدفع عليها ضرائب، وأن بعض المعلمين يذهبون إلى مراكز الدروس الخصوصية من 8 صباحاً حتى الثانية عشرة مساء.

الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، تعجب من إعلان الوزارة نهاية الدروس الخصوصية.. وقال: ما زلنا نسير فى حلقة مفرغة، فالمنظومة لم يحدث بها تغيير ولم يتم مناقشتها فنظام إلغاء التشعيب فى الثانوية أمر فنى، ولا يؤدى إلى تغيير فى المنظومة نفسها، فلا يمكننا بدء نظام تعليمى جديد دون إمكانية عودة الطلاب للمدارس مرة أخرى والمعلمين أيضاً فمعظمهم يعتمد على الدروس الخصوصية ولا يبالى بالمدرسة.

وأضاف: كل المحاولات السابقة من جانب الوزارة لإيقاف ظاهرة الدروس الخصوصية، كانت فاشلة لأنها ظاهرة موضعية ترتبط بنظام التعليم فى مصر، وحصيلة متراكمة للامتحانات التى تطلب من الطالب الحفظ، وليس المهارات العقلية وإفراغ المعلومات التى يحفظها فى نهاية العام، وبعد انتهاء الدراسة لا يذكر منها شيئا.

وأوضح أن الدروس الخصوصية أصبحت شيئا أساسيا لدى الأهالى والطلاب بسبب الامتحانات والمدرسون يبحثون عن المقابل المادى لمواجهة ظروف الحياة.. وقال: لا بد من علاج أسباب هذه الظاهرة حتى تختفى ولا نكتفى بالتجريم حتى لا تبوء محاولاتنا مرة أخرى بالفشل.

خالد صفوت، مؤسس ثورة أمهات مصر، أكد أن أولياء الأمور مجبرون على الدروس الخصوصية وذلك لصعوبة المناهج الدراسية، فكثير من الأحيان يكون ولى الأمر غير مؤهل لشرح بعض المناهج لابنه فى المنزل، الكثيرون منهم يعمل طوال اليوم وليس لديه وقت للمذاكرة مع ابنه بعد أن اختفى دور المعلم داخل المدرسة، وبالتالى صارت الدروس الخصوصية شرا لا بد منه.

وأوضح أن هناك كارثة فى مسألة الدروس الخصوصية، وهى خاصة بالحجز داخل مراكز الدروس الخصوصية لجميع المراحل الابتدائية والإعدادية، يبدأ قبل بدء العام الدراسة فى شهرى يوليو وأغسطس، أما فى الثانوية العامة يبدأ الحجز فى شهر ديسمبر من العام الدراسى السابق للعام الدراسى الجديد، لتنطلق الحصص والشرح فى شهر يوليو، لذلك نجد البعض أنهى المنهج قبل نصف العام، مؤكداً أن الدروس الخصوصية أصبحت تعليما موازيا للتعليم الحكومى وله ميزانيته كل عام من جيوب أولياء الأمور.