رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قبل أيام قليلة مرت عشرون عاما كاملة على غزو الولايات المتحدة الأمريكية للعراق الشقيق، وإسقاط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين بالقوة العسكرية، ثم محاكمته، وإعدامه فيما بعد، تمهيدا لصناعة نموذج مثالى لدولة ديمقراطية شرقية، تتمتع بالحريات، وتنطلق بقوة نحو التنمية المستدامة.

كانت نظرية الولايات المتحدة براقة، وشديدة الإبهار، ولاقت استحسان البعض، فظن أن هدم نظام غاشم وقاسٍ يعنى بالضرورة إقامة نظام عادل ومستقر. لكن فى واقع الأمر فإن النظرية الأمريكية نفسها قامت على افتراضات خاطئة، وأفكار مغلوطة، ومعلومات كاذبة، ذلك لأن الأهداف الحقيقية للحرب لم تكن إزاحة النظام الديكتاتورى، ونشر السلام والأمن والطمأنينة بين أبناء الشعب، والنهوض بهم تعليميا وفكرا واقتصادا، وإنما الهيمنة على بلد كبير لديه نفط وطاقة، والتدخل المباشر فى شئونه والهيمنة على موارده.

وتمثلت النتيجة الموجعة لهذه التجربة المريرة كما تشير التقارير الدولية فى قتل أكثر من مائة ألف مدنى عراقى، وتشريد وهجرة آلاف الأسر، وتراجع الانتاج الصناعى والزراعى، وانهيار الاقتصاد انهيارا كاملا، وتكبد البلاد خسائر ضخمة تجاوزت تريلونى دولارا، فضلا عن ذلك فقد شهدت الساحة العراقية تمددا وتوسعا مخيفا لتنظيمات إرهاب وعنف دموى شديدة القسوة مثل تنظيم داعش الإرهابى، وتمركزه فى كثير من المدن.

وهكذا عانى البلد الشقيق كله من أوضاع اجتماعية بالغة السوء، فزادت نسبة الفقر لتصل إلى نحو 30 فى المئة من الشعب، وارتفع عدد من يعيشون تحت خط الفقر إلى نحو 12 مليون عراقى، بينما وصل معدل البطالة بين الشباب إلى أكثر من 25 فى المئة.

ولم يكن غريبا أن يعترف كثير من الساسة الأمريكيين فى مذكراتهم بأن حرب العراق كانت خطأ جسيما.

وبعد قرار خروج القوات الأمريكية من الأراضى العراقية سنة 2011، وإلى الآن، فمازال الناس هناك يتطلعون لاستقرار حقيقى، واستتباب للأمن، وعودة للمشروعات الخدمية الكبرى.

لكن كما تعودنا فإن علينا التعلم مما يحدث حولنا، وما حدث هناك خير مُعلم للشعوب العربية. وأتصور أن أول درس يجب الالتفات إليه هو أن الإصلاح المنشود لأى وطن لا يمكن استيراده من الخارج، كما لا يُمكن فرضه بالقوة المسلحة، فأى مواطن فى أى بلد حر فى العالم يتقبل مقترحات الإصلاح ودعوات التحديث إن جاءت من مواطن مثله، لكنه يتعامل معها بتشكك شديد ونفور حقيقى متى فرضتها دولة أخرى، خاصة إن كان لهذه الدول سجل كبير فى سحق حقوق الشعوب النامية.

درس آخر لا يقل أهمية لنا، وهو يجب ألا ننخدع باللافتة البراقة لمصطلح حقوق الإنسان، الذى تُبشر به بعض الدول الغربية، وتروج له وتقيمه جسرا للهيمنة والتدخل فى شئون البلاد الأخرى، وأن ندرك جيدا أن كافة هذه الشعارات مجرد أدوات معتادة للضغط على الحكومات.

كذلك، فإن التجربة العراقية تعنى أيضا أن أهل مكة دائما هم الأدرى بشعابها، وأن واجب كل نخبة متعلمة ومثقفة ومتفوقة فى كل بلد عربى هو أن تتوسع وتكبر، وتتجدد، وتتفاعل، وتقدم أفكارا، وتطرح مقترحات، وتساهم بحيوية فى مسيرة الإصلاح السلمى، والتحديث المُجتمعى، وأن تدعم وتشجع إقامة منظومة تعليمية قوية ومتطورة ومحفزة للابتكار والتجديد، تمثل بداية لنهضة حقيقية.

وسلامٌ على الأمة المصرية