عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لم يهز زلزال الاثنين الأسود فى السادس من فبراير الحالى، والذى شهدته سوريا وتركيا، طبقات الأرض وحدها، وإنما هز قناعات وتصورات وقيما سادت سنين لدى كثير من المهتمين بالشئون الدولية. لذا يمكننا القول إن الضمير الدولى للأمم الكبرى ترنح كثيرا أمام المأساة التى كانت أشد وأقسى مما يتصوره أحد.

كان كثيرون يظنون أن «نهاية التاريخ» التى بشر بها الفيلسوف الأمريكى فرانسيس فوكوياما فى كتاب صدر له قبل نحو ثلاثين عاما وحمل العنوان ذاته، وصلت إلى اتفاق أخلاقى ضمنى بين الدول المتقدمة لإغاثة المنكوبين والضحايا فى كل مكان دون اهتمام بعرق أو جنس أو لون.

غير أن أول اختبار حقيقى لهذا الاتفاق لمسنا بوادره بوضوح شديد خلال جائحة كوفيد 19، حين سارعت كل دولة إلى اغلاق حدودها، وحظر تصدير منتجاتها الطبية، والتباطؤ الشديد فى مساندة ودعم الدول والشعوب الفقيرة، وهو ما أثبت بدون شك أن كافة التعهدات والاتفاقات والتوصيات الدولية بشأن الفقراء مجرد حبر على الورق.

وعند الزلزال الأخير فى سوريا وتركيا، ورغم المشاهد الموجعة، ورغم الحكايات المأساوية، فقد تبين أن كثيرا من الدول الكبرى التى ترفع شعارات حقوق الإنسان وتطنطن بقيم التعاون والتكاتف الدولى تتهرب تماما من تقديم المساعدات الحقيقية للأمم المنكوبة بفعل الطبيعة.

لقد كان الزلزال واحدا من أشد الكوارث الطبيعية التى شهدها العالم مؤخرا، وذكرت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى ارتفع لأكثر من 35 ألف شخص، بينما قدرت أعداد المتضررين عموما بنحو 23 مليونا فى كلا البلدين. ورغم كل ذلك، لم تتحرك الدول الغربية بالشكل المنتظر، فاكتفى الاتحاد الأوروبى مثلا بإرسال فرق إنقاذ محدودة إلى تركيا بعد ثلاثة أيام من وقوع الزلزال، واستثنى من ذلك سوريا تحت زعم أنها لم تطلب المساعدة، وأن الاتحاد الأوروبى لا يعترف بشرعية الرئيس السورى بشار الأسد!

دخلت السياسة من النافذة، فغضت الدول الكبرى الطرف عن بيوت منهارة، وأسر مُشردة، ونساء ثكلى، لأنها لا تعترف بوحدة بلد عربى. والمؤسف أن الدول الغربية ذاتها التى دفعت المليارات من أموال دافعى الضرائب لديها لتأجيج الحرب المشتعلة بين روسيا وأوكرانيا، لم تلتفت لصيحات الاستغاثة الإنسانية التى تعالت من الشعب السورى الشقيق، وكأن الضمير الإنسانى فى إجازة.

ولفت هذا الموقف ضمير الكاتب البريطانى ديفيد هيرست الذى كتب معاتبا بلاده التى قدمت 2.7 مليار دولار مساعدات إلى أوكرانيا فى الحرب، ولم تتجاوز مساعداتها لضحايا الزلزال فى تركيا ستة ملايين دولار، قائلا إن إحجام الاتحاد الأوروبى عن اظهار القيادة الأخلاقية والإنسانية للمنكوبين هى سقطة كبيرة.

وكانت مصر ـكما هى دائماـ من أوائل الدول التى سارعت بإرسال مساعدات عاجلة للمنكوبين فى سوريا وتركيا، إيمانا من القيادة السياسية بأن إعلاء القيم الإنسانية هو التزام أخلاقى مصرى تجاه العالم، وأن التوحد أمام الكوارث من أجل الإنسان هو أفضل تعبير عن التحضر والتقدم.

إن مصر أرض الكنانة، المحفوظة بكرم أهلها، والمحروسة بيقظة قادتها ورجالها الأبرار لا تتوانى فى كل حال عن مساندة الأشقاء هنا وهناك بكل نبل وكرم وإنسانية، فهذا هو الجدير بشعبها العظيم وبقيادته كل حين.

وسلامٌ على الأمة المصرية.