رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الزاد

سنوات طويلة ابتعدت فيها مصر عن إفريقيا، وتحديدًا بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر، الذى كان يرى أن أمن مصر واستقرارها مرتبط بأفريقيا، لذلك كان حريصًا على أن يكون هناك تواصل دائم، لدرجة أنه أنشأ عددًا من الإذاعات بعدة لغات ولهجات أفريقية، حتى يصل إلى العمق الأفريقى.
وحسنًا فعل الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قرر العودة إلى قلب أفريقيا، وهى رؤية صائبة تمامًا، وشاهدنا خلال الأيام الماضية تحركًا مصريًا كبيرًا، على أصعدة مختلفة، اقتصادية وصحية وأمنية فى نيجيريا والصومال وإريتريا وأوغندا، وغيرها من الدول. وهى عودة بعد عدة عقود من الانقطاع، لأن مصر طوال تاريخها كانت لا تبخل على الأشقاء الأفارقة بأى شىء، فهى دائمًا تمنحهم خبرتها فى شتى المجالات الاقتصادية والتعليم والصحة والطاقة الكهربائية، إلى جانب ما تقدمه من دعم إنسانى إلى أغلب دول القارة التى عانت طويلًا من الفقر والاستبداد والأطماع الاستعمارية.
أفريقيا وتحديدًا القرن الأفريقي، ليست مجرد منطقة جغرافية، لكنها البوابة الخلفية لأمن مصر واقتصادها، ويشهد التاريخ أن مصر كانت حريصة أشد الحرص على هذا المنفذ وخاصة أن حماية منابع النيل شهدت أزهى مراحلها فى عصر محمد علي. 
ومن المؤسف أن مصر فرطت فى هذه المنطقة وفرطت فى تواجدها ودورها الرائد فى أفريقيا بعد رحيل «عبدالناصر»، لكنها عادت مع الرئيس عبدالفتاح السيسى لكى تمارس دورها مع الأشقاء. وخلال فترة الرئيس «السيسي» شاهدناه لا يدخر أى جهد من أجل عودة مصر إلى أفريقيا، وعودة أفريقيا إلى مصر، لذلك كان حريصًا كل الحرص على التواجد فى عدد من المناسبات فى عدة دول أفريقية، وبالتالى كان نتيجة تلك الزيارات إبرام عدد كبير من الاتفاقيات المهمة.
وشهدت الأيام الماضية نشاطًا مصريًا ملحوظًا نحو القرن الافريقى، وتحديدًا فى الصومال، وقد يرى البعض هذا الأمر رسالة إلى دول مجاورة، لكن تاريخ العلاقات المصرية الصومالية يعود إلى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، ودائمًا كانت مصر داعمًا لوحدة التراب الصومالى، وخلال العامين الأخيرين شهدت العلاقات زخمًا كبيرًا، ارتفع مع وصول الرئيس حسن شيخ محمود إلى حكم الصومال، وخلال العامين الأخيرين شهدت العلاقات أربع قمم رئاسية، إلى جانب فتح خط طيران مع مقديشو، وقبل ذلك قامت مصر بتدريب عدد من أبناء الشرطة الصومالية.
ولأن مصر تدرك أهمية قطاع البنية التحتية، من طاقة وطرق وربط كهرباء أو ربط طرق، وهى الأسس التى تقوم عليها التجارة والتبادل الاقتصادى، فإنها لم تتوقف عن السعى لتطبيق الشراكة والتعاون مع دول القارة السوداء،  وكان مشروع سد «جوليوس نيريرى» العملاق فى تنزانيا أحد أكبر مشروعات التعاون بين مصر والأشقاء فى القارة، حيث تم تنفيذه بأياد مصرية وتنزانية، لتوليد طاقة كهربائية تقدر بـ«2.5» جيجاوات،  وهو دليل على حرص مصر على مشاركة الخبرات مع الدول الأفريقية الشقيقة.
كما ترى مصر أن أفريقيا تمثل عمقًا اقتصاديًا وأمنيًا، لذلك أبرمت اتفاقات اقتصادية كثيرة، كما أنها حرصت على أن تكون هناك اتفاقات أمنية وعسكرية  بهدف تأمين العمق المصرى، فى ظل انتشار الإرهاب، خاصة أن بعض المنظمات الإرهابية تجد فى أفريقيا بيئة خصبة لتجنيد شبابها بسبب الفقر وتدنى مستويات الحياة المعيشية هناك، ولذلك كانت مصر حريصة على إبرام اتفاقيات حماية لهذه الدول وحماية لأمننا القومى.
عودة مصر إلى أفريقيا بمثابة عودة الروح للجسد، لأننا جزء منها، وبالتالى كانت وجهة نظر الرئيس عبدالفتاح السيسى صائبة جدًا فى هذا الإطار، خاصة أن القارة السمراء تمتلك ثروات ضخمة مما جعلها مطمعا للدول الغربية التى حاولت وما زالت تحاول نهب خيراتها.