رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المعني الخام للحب وللعطاء والمشاعر التي لا تنضب ولا تتوقف، الأم بحر من العطاء يتجدد ويتزايد, واهبة الحياة, وهي الراعية والحاضنة والمخلصة في حبها، هي المعني الحقيقي الوحيد للحب بكل أركانه وأبعاده, أليست الأم هي العزاء في الحزن والأمل عندما تهجم سحب اليأس, والدعاء الذي يشق السماء فيستجاب, ما أصعبه من يوم علي من فقد أمه وأباه! فاليوم يمر ثقيلا مؤلما محزنا, لأنه يمثل تجسيدا موحشا للفقد,يتعاظم الوجع مع احتفالات الآخرين بعيد الأم, ما سبب هذا الفراغ الروحي الكبير الذي يتركه فقد الأم في نفس الإنسان؟

فكل الأحزان تبدأ كبيرة وتصغر مع مرور الزمن, إلا الحزن علي فقد الأم يبدأ كبيرا, ويظل يحفر الروح, هذا الإحساس بالأمان يتبدد, وهذا الحنو لا يحل محله عطف آخر, الغريب أن من تخطي الأربعين والخمسين حزنه أكبر وليس العكس, لأن هذا الجيل من الآباء والأمهات كان جيلا ذهبيا تربي وعرف كيف يربي, لم يضربني أبي ولا أمي مرة واحدة في حياتى, رغم جنون شقاوتي! كان جيلا مثقفا وإحساسه مثقفا, يمتلك  منظومة قيم, لا خلط ولا خلل فيها, قيم واضحة ثابتة.

أتذكر أن والدتي وهي محامية,لم ينفصل عملها عن سلوكها,فهي تقيم العدل في البيت قبل العمل، وكانت تري الظلم أصل كل الشرور, وتؤكد لي دائما أن تنازلا واحدا معناه انهيارا شاملا, وكان والدي معلما مثقفا, لم يضربني يوما أو يضرب أحدا من تلامذته الصغار, وكان يقرأ بنهم لا حد لوصفه, حببني  فى القراءة وترك لي ثروة عظيمة من الكتب والقيم والمبادئ، لم يفرض علي يوما طريقا ما, أو قرارا محددا وكان ينصح، ثم يترك لي اتخاذ القرار,فهو يؤمن بأن القرار يجب أن ينبع من داخلي,حتى أتحمل مسئوليته ولا أصاب بالندم علي طريق, أو قرار اتخذته، ثم ألقي باللوم علي الآخرين, وكان مؤمنا بالثورة إيمانا مطلقا,وبأن العدل لابد أن يتحقق في النهاية, توفاه الله قبل ثورة يناير بشهر واحد, ولا أدري اذا امتد به العمر هل كان سيسعد بالثورة أم سيـحزن لعدم تحقق كامل أهدافها؟

أذكر حرص الوالدين علي أن يصحباني إلي حفلات الموسيقي العربية, وأنا طفل في السابعة, هي أشياء تغرس في الطفولة,لتنمو بالروح وتتعملق, ترحل الأم فلا تدري هل مات جزء من روحك؟ هل أظلم البيت بظلمة كظلمة القبر ؟هل هناك من يحبك الآن؟ هل يمكن أن يعوضك أى مال أو منصب أو صديق أو حبيب عن الأم؟ هي أشياء لا تشتري؟ فيا لحجم الخسارة؟

كم تدفع من أجل أن تعود إليك أمك وتقضي يوما واحدا في دفئها؟ هي وطن أروع من الوطن الكبير، فالأوطان في زماننا صارت طاردة وظالمة ومخيفة, كم تدفع من أجل نصيحة أبوية ناضجة مخلصة محبة, والأم التي لا تنجح في تربية أبنائها هل تعوضها الشهرة أو المال أو أي شيء؟ وهل يمكن أن تجد متعة في هذه النجاحات الزائفة؟

قبلوا أيدي أمهاتكم الأحياء, وترحموا علي أمهاتكم, فهن في السماء يواصلن الدعاء لكم، وتحية إجلال لكل أمهات الشهداء.

هرمتُ فردّي نجوم الطفولة

حتى أشاركْ صغار العصافير

درب الرّجوع لعُشِّ انتظارك! (درويش).

خبير إعلامي

[email protected]