رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

الطيبة والقلب الأبيض ليست غباء، ولا وصمة عار يستوجب على أصحاب السرائر النقية التبرؤ منها، والتنكر لها، تلبية للخذلان المتواصل من البشر ووقوعهم فى الخديعة، على العكس تمامًا تمسك هؤلاء بما اختصهم به الله دون غيرهم من لين القلب والعطاء والتضحية والتسامح بذكاء، هو قمة الانتصار لأنفسهم وقمة الحمد والشكر لله الذى أنعم عليهم بهذه الخصائص، أياً كانت الابتلاءات والاختبارات القاسية من الحياة، ليست مقدمة طويلة أبدًا فى مناسبة ما اعترى حياتنا ومجتمعنا من كل المتغيرات الصادمة، ولن أقول السوءات.

حكت لى، وللحكاية ألف وجه حين تسمعها من كل طرف من أطرافها المعنيين، هى ست مصرية أصيلة مثل كل المصريات، صابرة وعفية رغم ضربات كفوف الزمن التى طالت بالإيذاء روحها قبل ما ترسم على وشها تعاريج السنين، على كتفيها حفنة عيال، أصل الأولاد عزوة، هذا ما فهمته من العرف القديم، الأب كان فى مطلع حياته معاها ماشى عدل، لكن لما تحكم من قلبها بمرور الزمن، صار فلاتى، وميز إتنين تلاتة من ولادة وتخلى عن الباقين، وسابهم يرتعوا فى الجهل والفقر، لا تعليم مدارس ولا صحة ولا شغل، ولا أى حق من اللى متع بيه التانيين، ورغم أن ربنا حباه بثروات مليارات الملايين، كان غبى وغشيم، ضيق الحياة على أولاده، وعمل أنه شاطر، يلعب بالبيضة والحجر، يخلع طاقية ده ويلبسها لده، والحال ماشى طالما بيرمى الفتات للأم وللولاد.

الأم الطيبة الصابرة عاشت سنين تقنع ولادها بالرضا والحمد، لكنها زيهم كان جواها غضب السنين، وهم بيشوفوا قسوة أبوهم بتزيد عليهم، وحبه للدنيا خلاه يهرب فلوس كتير بره عشان يحرمهم من حقوقهم، يشترى قصر هنا وفيلا هناك، أصله كان بيحب الحياة وفاكر أنه من الخالدين ومعاه الولدين، الست ضجت من فساده، ومن تفرقته بين ولاده، فى لحظة غضب، حكمت فيها العقل على حكاية الحب وعشرة السنين، صرخت بأعلى صوتها لطلب الخلع، وساندوها كل ولادها المظلومين، إلا الولدين المنعمين بخير أبوهم، كان طلبها للخلع أعجوبة وحكاية على كل لسان، فيه اللى وصفها بالنذالة، واللى وصفها بالأصالة، مش مهم الوصف لأنه مصنف، وطالما الهدف نبيل، فليحيا الخلع.

ارتحتى يا بهية بعد الخلع؟، سألتها، مصمصت شفايفها اللى جفت من العطش، وبصت لى بنظرة مرعبة مهددة رغم عيونها اللى من الجوع غارت فى تجوفتين، وقالت: اللى ما رضيش بالخوخ رضى بشرابه يا بنتي!.

لا، لا بقى، أنت كدة كافرة بالنعمة، ومفيش حال بيرضيكى، مش حققتى أنت والولاد اللى حلمتى بيه، وخلعتى اللى ظلمكم وجار على حقوقكم، و...

قاطعتنى بحدة وقالت: مالك مستعجلة كدة ليه فى الأحكام، اسمعى باقى حكايتى وبلاش كتر كلام، اللى خلعته ولا طلت منه مليم، لا أنا ولا أولادى، دُخت فى المحاكم بكل مكان، أقدم مليون ورقة ووثيقة تثبت حقوقنا، وأنه كان حرامى، وكل اللى معاه حق أولادى، ولا حياة لمن تنادى، أوعى تصدقى المثل الخايب «إن الحق لا يضيع لو وراه مطالب» لا الحق بيضيع ألف مرة، طول ما اللى واكل الحق بتحميه الذئاب وأصحاب المصالح واللى عارفين ثغرات القانون من الثعالب، قُصره بقى، إتقدم لى راجل طيب، قالوا لى إنه بتاع ربنا، ما شاء الله وقور، لحية وزبيبة الصلاة منورة وشه، وقال لى فى رعاية حقوق ربنا والزوجة والأولاد أحلى كلام، قلت هو ده.

أسرع خديعة لامتلاك القلوب واحتلال العقول يا بنتى استخدام الدين، والراجل بشهادة الخلق، دخل عليا بعباية وسبحة، وكل كلامه قال الله وقال الرسول، كلام كتير عن الحقوق، وخلانى صدقته، وأقنعت الولاد، فقبلوه على مضض، ما أنت عارفة الشباب، قاريين وفاهمين أكتر، كانوا شايفين الصورة أبعد منى، لا، ما يغركيش لبسهم ولا تليفوناتهم الملونة، دول فاهمين الدنيا وآخرها، و.. للقصة بقية.

 

[email protected]