رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تعلمت من الأزمات أن أنظر إلى جوانبها المضيئة، وأن أبحث فى كل محنة عن منح ودروس مستفادة يُمكن أن تدفعنا لنعيد ترتيب توجهاتنا وتحسن أداءنا.

ومنذ اندلعت الأزمة العالمية، مع اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية وأنا أدرك تماما أن مصر، وكثيرًا من بلدان الشرق الأوسط النامية، ستدفع الجانب الأكبر فى فاتورة الحرب، خاصة فى ظل التضخم العالمى واضطراب الأسواق. لكننى فى الوقت ذاته أعرف أن الأزمات الكبرى يصاحبها تغييرات كبرى فى التصورات ومن ثم الأداء والسياسات، وفى كثير من الأحيان تساهم هذه التغييرات فى تحولات إيجابية.

وأعتقد أن أحد أهم ما تفرضه الأزمة العالمية علينا هو أن نعى جيدا أن كثيرًا من نظريات الماضى بشأن انفتاح الأسواق التام، وحماية الصناعات المحلية، ورفض تقييد حركة السلع ليست مسلمات، وأن الدول والمؤسسات التى بشرت بهذه النظريات هى أول مَن يتعمد مخالفتها الآن.

لقد أوجدت جائحة كورونا قبل أكثر من عامين حالة انغلاق لازمة دفعت كثيرًا من البلدان فى العالم الغربى إلى تقييد بعض صادراتها من السلع الأساسية والمستلزمات الطبية والدوائية، تحسبا لاحتياج شعوبها، وهو ما يتنافى مع كوننا فى عالم واحد. وبالمثل فإن الحرب شجعت كثيرًا من الدول إلى الحفاظ على أرصدة السلع الغذائية لديها، كما سعت إلى فرض حماية على صناعاتها تجنبا لموجات التضخم العالمى.

من هنا نؤكد ونكرر أن قضية إحلال الواردات بالصناعة الوطنية تعد واحدة من القضايا المصيرية الهامة، وأننا فى سبيل ذلك مطالبون بدراسة الإجراءات التى لجأت إليها دول العالم لتشجيع ودعم صناعتها والوقوف خلفها لتصبح قادرة على تدبير الاحتياجات المحلية بأسعار مناسبة. وبالقطع، فإن التركيز على هذه القضية يستلزم منا مواجهة شاملة وحاسمة لمرض البيروقراطية السائد فى كثير من المصالح الحكومية.

إننا فى حاجة لإصلاح نظام التراخيص الصناعية بما يتجاوز تعديل القانون، فمازال هذا الملف يمثل مشكلة عويصة فى طريق كثير من الراغبين فى الاستثمار فى قطاع الصناعة. كذلك، فإننا فى حاجة للتفرقة الواضحة والصريحة بين استيراد السلع تامة الصنع، التى لها بدائل محلية، وبين استيراد مستلزمات الانتاج وقطع غيار المعدات والآلات، فتوافر مستلزمات الانتاج أمر لازم لاستمرار تشغيل المصانع.

وهناك مشكلات معرقلة للتنمية الصناعية تخص الجمارك، أو الضرائب، أو البيئة، أو غيرها من القطاعات، ما يعنى أن حلها يستلزم توجيهات وتوصيات عليا، توازن بين مصالح المستثمرين والمصلحة العامة بما يصب فى النهاية لصالح الهدف الأسمى الذى تتبناه الدولة وهو تعميق التصنيع، وزيادة الإنتاج والصادرات. ودون شك فإننا نحتاج إلى أنظمة أيسر للتعامل مع الجهات الحكومية، ونحتاج لمنطق شراكة وليس جباية بين الممولين والضرائب، كما نحتاج تفعيلا حقيقيا لعملية تطوير منظومة التراخيص الصناعية، ونحتاج نظاما واضحا وعادلا لتخصيص الأراضى. وبالطبع نحتاج منظومة جيدة ومنتظمة لدعم الصادرات، الذى هو فى حقيقته دعم للخزانة المصرية. ناهيك عن حاجتنا لتطوير منظومة التعليم والتدريب الصناعى، وتشجيع المؤسسات الصناعية على توفير فرص تدريب جيدة من خلال برامج دعم تربط بين عدد العمالة والإعفاءات والحوافز المشجعة.

إن أبرز ما تطرحه الأزمة على المهتمين بالاقتصاد فى مصرنا، هو أن انتعاش الصناعة الوطنية هو بالضرورة ضمان لاستقرار الأسواق، وأداة لتواصل التشغيل وتوليد فرص العمل، وحائط صد لتقلبات قطاع السياحة.

وحسبنا أن نتعلم ونتغير ونُغير.

وسلامٌ على الأمة المصرية.