رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

أعادتنى احتفالات إذاعة صوت العرب بانتصارات اكتوبر، وإعادة بث مقاطع من خطاب الرئيس الراحل السادات امام الكنيست إلى الوراء كثيرا. سرحت بخاطرى فيما مضى وكيف أننى كنت بالكاد بدأت المرحلة الثانوية من دراستى. لا أنكر ان مشاعرى من مبادرة الذهاب إلى القدس كانت سلبية ولذلك كان اول قرار لى، وسنى وقتها ١٦ سنة، ان أسعى للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية لمزيد من دراسة ابعاد الصراع مع إسرائيل ولأسباب اخرى. بتفكير صبيانى رحت أجمع مواد مكتوبة خاصة بالموضوع، لعلها تنفعنى فى دراستى فيما بعد. تحققت امنيتى بالفعل والتحقت بالكلية التى حددتها، وكان من بين اول ما قمت به فى مرحلة الدراسة بحث عن موقف أحزاب المعارضة المصرية من مبادرة السادات بالذهاب إلى القدس، من خلال تحليل مضمون ما ورد فى صحف الأهالى والشعب والأحرار، حيث لم يكن حزب الوفد قد عاد للعمل السياسى بعد وقدمته لأستاذنا الدكتور حسن نافعة. ومع تطور اهتمامى بالقضية، قدمت كتابا عن «الاختراق الصهيونى للمنطقة العربية» منتصف التسعينيات.

بغض النظر عن صحة المبادرة أو عدم صحتها، فإننى عندما أستعيد وقائع ما حصل فيما تلاها من سنوات، اقدر أنه لم تقصم خطوة ظهر العرب مثلما فعلت هذه الخطوة. طبعا الدول العربية الممانعة انخرطت فيما بعد وبشكل يتجاوز ما فعلته مصر بمراحل، لكن تلك نقرة أخرى.

ولذلك أشعر كثيرا بالحيرة إزاء شخصية الرئيس السادات، فرغم ما يشار إليه من انه زعيم الظل أو انه جاء إلى منصبه بالصدفة البحتة، إلا أن احدا لا يمكنه إنكار انه الرجل الاكثر تأثيرا على تاريخ العرب الحديث، لقد كان السادات صاحب اخطر قرارين، وهذا ليس كلام إنشاء، وهما قرار الحرب والسلام. واستطاع وسط حالة موات ويأس أن يخطط ويشن أكثر الحروب اهمية والتى اعادت للمواطن المصرى احساسه بالعزة، وإن بقيت تفاصيل عن إدارة الحرب تفرض البحث عن استفاضة، ويمكن أن يجد المهتم بعضها فى كتاب الراحل محمد حسنين هيكل «الطريق إلى رمضان»، كما فاجأ السادات العالم كله بقرار السلام، واستطاع استعادة ارضنا المصرية من ايدى الأعداء ليتحرر بذلك كل شبر من أراضينا.

غير ان المشكلة تبقى فى النظر إلى تلك السياسات التى قام بها الرجل، فى تقديرى انها ستظل تطرح أسئلة سرمدية لا إجابة لها، على شاكلة السؤال حول: هل أتت البيضة قبل الفرخة أم اتت الفرخة أولا؟ سيظل التاريخ يلف ويدور ويجهد باحثوه أنفسهم فى البحث عن إجابة منطقية تريحنا وتريح الأجيال المقبلة دون جدوى. واذا كنا معذورين باعتبار اننا معاصرون لتلك السياسة من بعيد أو من قريب، وبالتالى فإن أحكامنا يغلب عليها جانب من الذاتية إلا أن التخوف ذاته يطرح نفسه على رؤية أحفادنا من السادات.

على مستواى الشخصى أشعر بغصة من سياسات السادات، وأتصور احيانا أنها لم تكن المثلى، وحينما يستدعى أحد ما قام به العرب بعده فى محاولة للتأكيد على صحة تحركاته، أقدر أن العكس هو الصحيح، وأتصور أن تلك السياسة كانت بمثابة حبة السبحة التى انفرطت اولا، فاستدعت ما حصل بعد ذلك، لذلك عندما راح مذيع صوت العرب يشير على وقع أغنية ام كلثوم «بالسلام احنا بدينا» إلى أننا ما زلنا نقدم يدنا بالسلام الذى بدأه السادات.. رحت أتصور أن ذلك المذيع ربما غابت عنه جوانب كثيرة، تؤكد أن إسرائيل لا تأبه بسلامنا وإن كانت تستغله لتحقيق أهدافها.. والله تعالى أعلم!

[email protected]