رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

إنهم يخافون التصرف، يرهبون الفعل، ويترددون فى كل توجه. وضمير الغائب هنا يعود على المسئولين النافذين فى كثير من أروقة الجهاز الإدارى فى مصر. لذا، فليس غريباً أن تتكرر كلمة «البيروقراطية» فى كل تقرير يخص مناخ الاستثمار فى بلادنا. فالأيدى المرتعشة لدينا تبقى هى أساس ترهل الإدارة الحكومية، ومهما تتبدل التشريعات، وتتطور آليات العمل، فإن الجمود يظل هو العنوان الرئيسى لكثير من الإدارات الحكومية.

لقد أكدت مراراً بأن الجهاز الحكومى ما زال يعانى من التردد فى اتخاذ كثير من القرارات الإدارية الضرورية للإصلاح على كافة المستويات، فيضطر كل مسئول إلى تحويل الأمر إلى مَن يعلوه، أو إرجائه إلى أجل غير محدد، هروباً من المسئولية، وخوفاً من المساءلة فى حال الخطأ. وهكذا يبقى كل قرار مُهم مُفترض إصداره لتحقيق الإصلاح مُجمداً تحت عبارة «يبقى الأمر معروضاً على سيادتكم».

ويتصور أصحاب هذا السلوك أن عدم التصرف فى أى ملف بتاتاً، أفضل من التصرف فيه مع وجود احتمال للوقوع فى الخطأ، فتمر السنوات تلو السنوات، وتتبدل الأحوال فى كافة دول العالم، ويبقى الجمود عنواناً حاكماً للإدارة الحكومية لدينا.

وأتصور أن محمد على باشا، كان أول من فطن إلى خطورة سيطرة الأيادى المرتعشة على مقاليد الإدارة فى البلاد، فوضع فى قانون المنتخبات الصادر فى سنة 1843م، ما يحفّز مشايخ القرى على اتخاذ قرارات إصلاحية حاسمة ما دامت سلطاتهم تسمح بذلك، فنصت المادة 82 منه على أنه «إذا كان أحد بعد اليوم لا يقطع فى المصلحة على قدر ما هو مرخص فيها بمقتضى ما هو مصرح فى لائحة الجسور، وقصد بذلك مرور الوقت بالإحالة والمكاتبة أو يعرض على الأعتاب العلية عن شىء يكون مرخصاً فيه، ويقصد بذلك اتخاذ سند لأجل تخليص نفسه من غائلة المسئولين فيما بعد يجازى بالحبس أو بتنزيل رتبته أو بالسجن فى قلعة أبى قير».

ويعنى ذلك أن المسئول الذى لا يتخذ قراراً فيما يخص إصلاح الجسور بناحيته، ساعياً لإضاعة الوقت للتهرب من اتخاذ فعل، أو حتى منتظراً رأى الباشا نفسه (الأعتاب العلية)، يتعرض للعقاب، لأنه يُعطل الإصلاح.

لقد عانينا وما زلنا من تردد المسئولين وتذبذبهم، وتلكؤ معظمهم فى اتخاذ القرارات وتطوير الأداء، حتى صار الخوف من الاتهام بالفساد أخطر على مصالح الناس من الفساد.

وأتذكر أننى كتبت من قبل عن ضرورة عدم التجريم الجنائى للمخالفات التعاقدية، ما لم تكن مقرونة بارتكاب جريمة. كما كتبت عن أهمية تغليظ العقوبات على جرائم البلاغ الكاذب المتصلة بالعدوان على المال العام، وذلك حتى لا نترك الحبل على غاربه لمن يرغبون فى تشويه سمعة البعض أو كبح توجهاتهم الإصلاحية.

ومن الضرورى واللازم إعادة النظر فى آليات عمل الأجهزة الرقابية مثل الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات ومراجعة طرق تقييمها وتفعيل مشاركة ممثلى هذه الجهات فى أية تعديلات تشريعية تخص المسئولية والمحاسبة الإدارية، والتعامل بجدية واهتمام مع ملاحظاتها.

وسلام على الأمة المصرية.