عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بموضوعية

هذا العنوان المؤلم لهذا المقال ليس من عندى بل هو عنوان تقرير دولى خطير صدر منذ أيام عن جهد بحثى مشترك بين كل من منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» وبرنامج الغذاء العالمى وهما منظمتان تابعتان للأمم المتحدة.

التقرير يدق ناقوس خطر حول أبعاد أزمة الغذاء القادمة التى سيواجهها العالم وبدأت بشائرها فى الظهور فى بعض مناطق العالم التى اعتبرها التقرير بمثابة «بؤر» جوع ساخنة على خريطة الكرة الأرضية أى تلك المناطق التى سيكون الوضع فيها شديد السوء لأسباب متنوعة.

ويرصد التقرير ملامح ومؤشرات أزمة الجوع القادمة والمتمثلة فى تراجع قدرات إنتاج الغذاء فى العديد من مناطق العالم لارتفاع تكلفة الإنتاج فى هذه المناطق ونقص المياه وتدهور المناخ ونتيجة لأحد الآثار الجانبية للعولمة التى جعلت استيراد الغذاء فى بعض الحالات أرخص من إنتاجة محليا وبالتالى تم إهمال القطاع الزراعى والحيوانى وعدم توجيه استثمارات كافية لزيادة إنتاج هذه القطاعات أو التصدى لمشكلات الإنتاج.

ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية التى ضاعفت من الأزمة بسبب توقف صادرات البلدين من الحبوب وإغلاق موانئ البحر الأسود على خلفية العمليات العسكرية مما أدى إلى حرمان العالم من ٣٢% من صادرات القمح و١٩% من صادرات الشعير و٤% من صادرات الذرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحبوب فى البورصات العالمية إلى جانب نقص الإمدادات.

هذة النقاط هى أبرز ما جاء فى هذا التقرير الذى يرسم صورة شديدة البؤس لأوضاع الغذاء فى العالم وقد يتصور البعض أن الأزمة قد تنتهى حال توقف الحرب الروسية الأوكرانية لكن هذا الاحتمال مستبعد بنسبة كبيرة نظرا لتدمير مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية الأوكرانية مما يجعل إعادة زراعتها أعلى تكلفة بعد توقف الحرب ومن ثم بقاء الأسعار عند مستوياتها المرتفعة الراهنة لفترة طويلة قادمة.

هذا التقرير يعيد العالم إلى الحقائق البديهية الأولى التى غابت عن صناع السياسات فى كثير من دول العالم خاصة الدول النامية فى السنوات الأخيرة وفى مقدمتها حقيقة أهمية السيطرة على إنتاج الغذاء محليا وأن دعم المزارع المحلى ومساعدته على الصمود كمنتج أهم بكثير من استيراد غذاء رخيص من دول قد تكون هى ذاتها تدعم مزارعيها علما بأن دعم المزارع المحلى سيدعم قدرته الإنتاجية بمرور الوقت مع إدخال تقنيات زراعية حديثة الأمر الذى سيجعل هناك إمكانية لوقف هذا الدعم مستقبلا أى أننا نتحدث عن دعم مؤقت ولسنوات محدودة حتى تستعيد القطاعات الزراعية المحلية حيويتها وقدرتها الإنتاجية.

أما الحقيقة الثانية فهى أن فكرة العولمة وحرية التجارة التى ستحقق منافع للجميع ثبت فشلها وأنها لم تكن سوى أكذوبة إعلامية غربية تم الترويج لها لتحقيق مصالح الدول الكبرى وتصريف فائض إنتاجها على حساب فقراء وبؤساء العالم الذين لم يدركوا أن إنتاجهم لغذائهم بأيديهم من شأنه أن يجنبهم الكثير من الكوارث الظاهرة والمستترة.

لذلك آن الأوان لإصلاح هذه الأوضاع المختلة وإعادة النظر فى مجمل السياسات الاقتصادية فى كثير من الدول ومن بينها مصر بهدف إعادة التركيز على القطاعات الإنتاجية ليس لأنها صمام الأمان لتجنب أزمات الجوع القادمة بل لأنها الطريق الصحيح للتشغيل وزيادة الدخول وتحسين أوضاع الناس ومن ثم سيكون لها مردود ايجابى على الصعيدين السياسى والاجتماعى.

بالتأكيد سوف تتراجع الضغوط الاقتصادية وتهدأ اختناقات الأسواق وتنخفض وتيرة العنف الذى نراه بل وهذا هو الأهم عودة أسعار السلع إلى مستويات طبيعية ومنطقية لانخفاض تكلفة سلاسل النقل والإمداد والتوريد وسيتم استهلاك جزء كبير من الإنتاج الزراعى فى نفس مناطق الإنتاج بدلا من انتظار الثوم القادم من الصين والموز القادم من المغرب.

الحقائق واضحة وضوح الشمس.. فهل من مستجيب؟

 

[email protected]