عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

قد يندهش البعض من هذا السؤال لا لشىء، إلا لأن كلا منا يتصور أنه لايحتاج لتعريف للفن، حيث إن لديه تصوره الخاص للفن، وهذا التصور قد تشكل عبر خبرات طويلة من تذوقه للفنون المختلفة؛ فهو يفضل نوعا معينا من الموسيقى والغناء ويحب لونا معينا من المسرح والسينما فى الوقت الذي قد يتذوق فيه أو يفهم رسما معينا أو يقبل على شراء لوحة معينة..الخ...

والحقيقة التى أود أن الفت انتباهك إليها أيها القارئ العزيز، أن تذوقك لهذا الفن أو ذاك إنما يرجع إلى طبيعتك الانسانية المفطورة على التلقى عبر الحواس الخمس، كما يستلهم صورة الفنون السائدة فى عصرك وفى مجتمعك  ثانيا.  وهذه الأنماط الفنية المختلفة فى وسائطها إنما يبدعها الفنانون المتخصصون فى ابداع هذا اللون من الفنون أو ذاك، ونتيجة إبداعاتهم تتلقاها أنت متذوقا! فإذا كانت إبداعاتهم هادفة وراقية ارتقى تذوقك الفنى ورهف احساسك ورقت مشاعرك، واذا كانت قدراتهم الابداعية ضحلة وغير قادرة على استلهام جوهر الفن ورسالته السامية، جاء نتاجهم ضحلا وتافها وصادما للأفهام والأذواق! ومن ثم يجتاحك أيها المتلقى مشاعر سلبية تجاه هذه الضحالة فى البداية، ثم تضطر تحت الالحاح وتكرار الاستماع أو المشاهدة أن تتفاعل مع هذه الفنون التى ليست فى واقع الحال فنا ولا ابداعا، فيضيع منك رهافة الاحساس ويفسد تذوقك للفنون الراقية وتستسلم لما هو سائد، وتكون النتيجة هى تدنى الفنون وتدنى تذوقها فى آن معا!!

ولا شك أننا نعيش هذه الحالة من الضحالة الفنية ابداعا وتذوقا فى الفترة الراهنة ، وأصبحنا مجتمعا غير قادر على الابداع الفنى الحقيقى ولا على تذوق الفنون الراقية!! ولعل هذه الحالة من الخواء الفنى ابداعا وتذوقا هى ما يدعونا إلى طرح السؤال عن معنى الفن من جديد، وبعيدا عن كل النظريات الفلسفية والنقدية المتخصصة فى الاجابة عن هذا السؤال، فليسمح لى المتخصصون بالقول إن المعنى الاصطلاحى للفن يستند إلى المعنى اللغوى والاشتقاقى له؛ حيث يعود المعنيان إلى لفظة يونانية قديمة تعنى «المهارة فى الصنعة»؛ فأى ماهر فى صنعته حتى لو كانت حرفة يدوية بسيطة نطلق عليه اللفظة وندعوه  «فنانا»! والأمر فى الفنون الجميلة لا يختلف ولا ينبغى أن يختلف عن ذلك، والسؤال الآن هو: هل ما نسمعه الآن من موسيقى وأغانٍ وما نشاهده من أفلام ومسلسلات يمكن أن نلمس فيه مهارة فى الصنعة بها يرقى الذوق وترهف الإحساسات والمشاعر؟!  هل ثمة رسالة فنية جميلة أوقيمة أخلاقية سامية يحملها؟!

إن كل من يسمى نفسه فنانا الآن ينبغى أن يتساءل عن القيمة الجمالية التى يحملها ما يقدمه، فالفن صنعة الجمال وصنيعته، واذا لم يكن يحمل قيمة جمالية أو أخلاقية  ترتقى بحس الانسان فهو ليس فنا!

وبالطبع فالخطأ والخطيئة التى نعيش فيها الآن ليست مسئولية من يسمون أنفسهم فنانين ومبدعين فقط، بل هى أيضا خطيئة نقاد سوغوا لهذا السيل من «التفاهة والهطل» تحت مسميات عديدة فهذا فن شعبى! وهذه أغانى مهرجانات! وذلك مسلسل  كوميدى للاضحاك! وتلك تمثيلية درامية  أو فيلم درامى يعبر عن  واقع العنف فى المجتمع! الخ...

إننا نحتاج ثورة ثقافية تعيد قيم المجتمع الحقيقية الأصيلة إلى الواجهة، وتعيد للفن قيمته وللإبداع الحقيقى دوره، ونحتاج ثورة اعلامية واعية بالدور الحقيقى للإعلام، فلا نجعل الغرابة والمغتربين هم القدوة.. هذا هو طريقنا الفعلى  إلى جمهورية جديدة تحتفى بالإبداع الحقيقى والفنون الراقية.