عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

قلنا فى التأمل السابق بأن الحضارة تبنى على العلم والعمل ونود أن نضيف إليهما هنا القيمة الأخلاقية التى إن غابت عنهما أصبحا فارغين من المعنى ألا وهى قيمة الصدق ؛ فإن غاب الصدق عن العلم صار ظنا وافتقد البرهان « قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين « ( البقرة – 111)، وإن غاب عن العمل صار عملا فاسدا لا إخلاص فيه ولا إتقان.

 وقد وردت قيمة الصدق فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة وبمعان ودلالات عديدة كلها تؤكد أن الصدق هو أولا سمة من سمات الألوهية والنبوة : ومن أصدق من الله حديثا « (النساء- 87 «) واذكر فى الكتاب ابراهيم إنه كان صديقا نبيا « (مريم - 41)» واذكر فى الكتاب ادريس إنه كان صديقا نبيا « (مريم – 56 )، وهو ثانيا السمة الأساسية التى تميز المؤمنين المتقين « والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون « ( الزمر- 33) ؛ وفى الحديث الشريف « إن الصدق يهدى إلى البر والبر يهدى إلى الجنة «. وعلى نفس المنوال عشرات الآيات والأحاديث تؤكد على قيمة الصدق وأنه أساس السعادة فى الدنيا والآخرة ؛ فالحياة السعيدة اجتماعيا واقتصاديا فى الدنيا شرطها الأساسى هو الصدق فى القول والعمل داخل المجتمع، وحينما يتوافر ذلك تنمو الحياة وتزدهر الأمة وترقى حضارتها وتسود، وحينما تختفى قيمة الصدق عن القول والفعل تنهار الأمة ويسود الجهل والجمود والتخلف.

ولكى نعرف حقا قيمة الصدق فى البناء الحضارى للأفراد والشعوب فلنعود معا إلى أول وأقدم الحضارات الانسانية فى مصر القديمة ولنتأمل هذا النص البديع لأحد كبار وزرائها وهو الوزير بتاح حوتب وقد كان يعمل كبيرا للوزراء فى عصر الملك اسياسى من ملوك الاسرة الخامسة حيث ينصح ابنه ليؤهله للمناصب الكبرى من بعده قائلا :» إذا كنت قائدا وتصدر الأوامر للجمع الغفير فاسع وراء كل كمال حتى لا يكون نقص فى طبيعتك.إن الصدق جميل وقيمته خالدة وأنه لم يتزحزح منذ يوم خلقه والذى يتخطى نواميسه يعاقب، وهو أمام الضال كالطريق المستقيم، إن الخطأ لم يقد مقترفه إلى الشاطئ، حقيقة أن الشر يكسب الثروة ولكن قوة الصدق فى أنه يمكث والرجل المستقيم يقول أنه متاع والدى «.

وهنا نعود إلى الآية التى يشير إليها عنوان المقال :» وعد الصدق الذى كانوا يوعدون « ( الأحقاف – الآية 16) ؛ ففى اعتقادى أن هذا الوعد وعدان، وعد فى الدنيا ؛ فحينما يتحلى علم و عمل المؤمنين بالصدق والإخلاص يكون علو شأنهم فى الدنيا ويحققون بفضله تقدمهم وريادتهم الحضارية، ووعد فى الآخرة حيث أن الصدق مع الله هو منجاة لهم يوم القيامة، فالصدق هو أخص صفات المؤمنين من أهل الجنه « قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا « (المائدة – 119)، ففى يوم الحساب سيكون هذا هو جزاء الصادقين قولا وعملا، تلك الجنة التى وعدوا بها من قبل الله تعالى حيث حياة النعيم المقيم و الخلود الدائم. فلنكن صادقين فى القول والعلم والعمل حتى ننعم بخير الدارين وتكون حياتنا الدنيا هى بحق طريق العبور الآمن إلى الحياة الآخرة بما فيها من استقرار لايخالطه قلق، وطمأنينة دائمة لايهددها انقطاع، وسعادة خالصة لايتخللها الألم.