رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

 

 

 

 

 

رحل «ريان» بعد أن وحد كلمة العرب، وأزال أكوام التراب التى كانت تخفى الإنسانية، وجعل العالم يقف على أطراف أصابعه فى انتظار لحظة إخراجه من البئر بعد قضائه خمسة أيام على عمق 32 مترًا.

تفطرت القلوب تضامنًا مع الطفل الصغير ابن قرية «أغراب» فى إقليم «شفشاون» شمالى المغرب، وفرت الدولة الشقيقة المغرب كافة أنواع القوى البشرية والمساعدات لإنقاذ الطفل، لكن إرادة الله نفذت ومات طفل العرب والمغرب.. نفذت إرادة الله ومات «ريان» خوفًا ومات جوعًا وعطشًا، ومات بردًا وألمًا

وهو وحيد فى غيابة الجب، وبكته كل العيون، وترحمت عليه كل القلوب وتضرع إلى الله الملايين الذين تابعوا محاولات إخراجه حيًا، بأن يعوض طفولته فى الجنة، ويدخله من باب «الريان» تيمنًا باسمه، وأن يصبر أهله، ويربط على قلب والديه، ويجعله شفيعًا لهما يوم القيامة.

تجمعت أسباب الهلاك للطفل الصغير فى البئر العميقة، وحبس العالم أنفاسه خلال متابعة أخباره من «السوشيال ميديا»، وأثبت «ريان» للعالم أن الله يقول للبشرية: إذا جاء الموت لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون، ولن يستطيع أحد أن يزيد فى عمره ثانية واحدة، كما أثبت «ريان» أن الأطفال يموتون والشباب يموتون والأصحاء يموتون، والمرضى يموتون ولكل أجل كتاب «وما تدرى نفس ماذا تكسب غدًا وما تدرى نفس بأى أرض تموت».

لقد أثبتت قضية «ريان» أن الرحمة والشفقة والإنسانية موجودة فى القلوب، وأنها تتحرك فى الوقت المناسب، إن هذا الطفل علّم البشرية معنى الانتفاض لإنقاذ طفل برىء يتألم، فما أكثر الأطفال المتألمين فى مناطق الصراعات من الذين أجبرتهم الظروف على أن يعيشوا زمهرير الشتاء وحر الصيف فى مخيمات داخل صحارى جرداء جدباء، لا غذاء فيها ولا ماء، أطفال فى دول شقيقة ودول صديقة فى سوريا، و«الروهينجا» واليمن والصومال والسودان ولبنان، هؤلاء الأطفال يموتون كل يوم، يحتاجون إلى مخازن الإنسانية التى فتحت أبوابها لإنقاذ «ريان» لتمد يد الرحمة والإنسانية لهم، وأن تكون هناك دعوة إلى دول العالم والمجتمع الدولى الذى تابع أزمة «ريان» لأن تعمل على إنقاذ أطفال الصراعات التى نشأت نتيجة التدخل الخارجى فى شئون الدول الذى حول الاستقرار داخلها إلى مواجهة ودمار، وتشريد أطفال وعجائز انتهت بهم الأحوال والأهوال إلى أن يموتوا جوعى وعطشى وعرايا، وحفاة.

إن الاهتمام بقضية الطفل العربى والأفريقى هو دين فى رقاب كافة المسئولين لإنقاذ الطفولة البريئة التى ليس لها ذنب فيما جناه المتصارعون على السلطة، والذين سمحوا بالتدخلات الأجنبية تحت ستار ركوب السلطة، وكانت النتيجة هتك الأعراض، وتشريد الضعفاء وتخريب اقتصاد هذه الدول.

إن الدرس الذى نتعلمه من حادث الطفل «ريان عبدالهادى التمرادى»، الذى تم تشييع جثمانه فى جنازة شاهدها الملايين وسار خلفه شعب المغرب الشقيق إلى مثواه الأخير، هو إماطة الأذى عن الطريق، حتى ولو كان حجرًا يتعثر فيه شيخ كبير أو طفل صغير، والأذى فى الطرق كثير مثل البالوعات المفتوحة التى تنتظر ضحاياها، وأعمدة الكهرباء المكشوفة والآبار فاغرة الأفواه فى الأرياف ومزلقانات الموت والمعديات المتهالكة، أطفالنا فى جميع أوطان العروبة فى حاجة إلى رعاية لأنهم ثروتنا البشرية فى المستقبل، إننى أتخيل أن «ريان» وهو فى جنة النعيم يطالبنا نحن العرب أن تكون هبتنا نحن العرب لمحاولة إنقاذه، مستمرة لإنقاذ باقى أطفال العرب الذين يمدون أيديهم طلًبا للإنقاذ ويتمنون ألا نغض الطرف عنهم.