عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
سامي ابو العز

حكاية وطن

قررت الحكومة فتح ملف الإنجازات القديمة بالاتفاق مع مجلس النواب والمجتمعه المدنى من خلال حوار كمجتمعى واسع لإعادة التوازن بين الملاك والمستأجرين من خلال وضع قانون شامل تندرج تحته الأماكن السكنية أو غير السكنية والأشخاص الطبيعية والأشخاص الاعتبارية اقتحام الحكومة لهذه القضية الشائكة يبعث التفاؤل عند ملاك العقارات أو الشقق والمستأجرين لرغبة الطرفين فى إنهاء الصراع التاريخى الذى يمتد إلى قرابة قرن من الزمان منذ صدور قانون الإيجار القديم فى عام 1947 الذى نص على عدم جواز طلب المالك من المستأجر إخلاء العين المؤجرة وكان يسمح القانون بإخلائها فى حالة أن العقار آيل للسقوط، أو الرغبة فى بنائه بشكل أوسع، أو امتناع المستأجر عن دفع القيمة الإيجارية ورغم ذلك كان المستأجرون يرفضون إخلاء العقار، وتفتق ذهن المحليات عند معاينة العقار إلى مطالبة السكان بكتابة تعهد بالإقامة على مسئوليتهم، ووقعت انهيارات لبعض المساكن راح ضحيتها العديد من المواطنين!!

تم إجراء عدة تعديلات على هذا القانون الذى صدر فى عهد الملك عندما كان حامد جودة باشا رئيساً لمجلس النواب، وعدَّله نظام عبدالناصر عقب ثورة يوليو وتم إلزام المالك بخفض الإيجار ليواكب سياسة الدولة فى تلك الحقبة التاريخية. ثم انتقل القانون إلى حقبة جديدة تغيرت فيها التعاملات القانونية ما استوجب فى عام 1981 إضافة عدة ضوابط تضمن تحديد قيمة الإيجار السنوى للعقارات بنسبة 7& من قيمة الأرض والمبانى وعدم تطبيق ذلك على الأماكن الفاخرة، واشتراك المستأجر مع المالك فى ترميم المبنى، ووضع حد أقصى للتمليك. ثم واكب هذه التعديلات قرار من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون عام 1981 التى تتضمن تأجير وبيع الأماكن بنص لا يجوز معه للمالك أن يطلب إخلاء المكان المؤجر لاستعماله فى أغراض غير سكنية.

فى ظل هذا القانون ساءت العلاقة بين الملاك والمستأجرين بسبب تدنى القيمة الإيجارية الثابتة وعدم مواكبتها لتطورات السوق فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتغيرة، وتوالت مطالبات الملاك بإلغاء القانون القديم، وتحرير عقود الإيجار، أو زيادة القيمة الإيجارية لتتوافق مع الأسعار الحالية، وفى المقابل يتمسك معظم المستأجرين بالعين المؤجرة استناداً إلى عدم قدرتهم على الحصول على سكن بديل فى ظل ارتفاع أسعار الشقق سواء للإيجار أو التملك، ويتمسكون بالبعد الاجتماعى، ولكن الطرفين لا يمانعان فى التوصل إلى حل.

بالتأكيد قضية الإيجارات القديمة هى قضية رأى عام وليست قضية الحكومة الحالية، بل هى أحد مكونات الميراث الثقيل الذى ورثه النظام الحالى من العهود السابقة مثل العشوائيات والدعم والإصلاح الاقتصادى والوضع الصحى والتعليم، ما يؤكد أن دولة 30 يونيه تسلمت شبه دولة من الأنظمة المتعاقبة، وتولى الرئيس السيسى عملية وضع العلاج للقضايا المعقدة منذ تحمله المسئولية.

وأخيراً تقوم الحكومة بالتصدى لقضية اجتماعية خطيرة حفاظاً على حقوق ملايين الملاك والمستـأجرين للمساكن.

وتدور خطة الحكومة حول الاستماع إلى آراء الخبراء والمتخصصين للوصول إلى صيغة عادلة تراعى البعد الاجتماعى، والشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجاً من خلال مشروع قانون يعالج هذه القضية من جذورها ويحدد فترة انتقالية لتوفيق الأوضاع، ودراسة المعايير الجديدة التى ستتم على أساسها إعادة التوازن بين طرفى العلاقة.

هذا القانون المنتظر يعتبر أهم قانون يصدر فى هذه المرحلة لعلاج قضية فشلت الأنظمة السابقة فى التصدى لها، ورحّلتها كما رحّلت العديد من القضايا غيرها لتكون من نصيب الحكومة الحالية، ولكن هناك ثقة بقدرة الحكومة ومجلس النواب والخبراء ورجال المجتمع المدنى على التوفيق بين الملاك والمستأجرين دون تعرض أى طرق للضرر خاصة المستأجرين محدودى الدخل، سيكون هناك قانون يرضى كل الأطراف بحيث يحصل المالك على عائد مناسب من وراء عقاره أو شقته، ويستقر المستأجر فى مكانه أو يحصل على مكان آخر فى حدود إمكاناته، سيكون الجميع على وفاق فى دولة لا تصدر قوانين أو قرارات إلا بعد دراسة متأنية لكل جوانب الموضوع المطروح بحيث لا يتعرض أحد لأى ظلم، وهذه هى طبيعة الدولة فى الوقت الحالى القائمة على القانون وجميع المواطنين فيها يتمتعون بحقوقهم وواجباتهم على قدم المساواة فلن يظلم أحد ولن يضار أحد فى دولة تعرضت لأخطر القضايا وخرجت منها بأفضل الحلول.