رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجمهورية الجديدة

جهود مضنية تبذلها الدولة المصرية لضبط الأسواق، ومحاربة الغلاء، ومنع احتكار السلع والخدمات، وتعزيز المنافسة العادلة التى تُعد الضمانة الحقيقية للسوق الحر بين كافة الأطراف الاقتصادية، واتخذت الحكومة فى سبيل ذلك العديد من الإجراءات الصارمة والحاسمة للقضاء على الممارسات غير القانونية فى مختلف القطاعات.

ويأتى فى مقدمة هذه الإجراءات التى تم اتخاذها لمواجهة بعض هذه الظواهر السلبية، قرارات جهاز حماية المستهلك الأخيرة، للحد من انتشار عدة مشكلات بسوق السيارات، من بينها ظاهرة «الأوفر برايس»، وتأخر التوكيلات فى تسليم السيارات للعملاء الذين قاموا بالحجز المُسبق.

القرارات الجديدة التى دخلت حيز التنفيذ رسمياً بدايةً من منتصف «نوفمبر» الماضى، تتضمن إلزام صالات العرض والتوكيلات بوضع ملصق على جميع السيارات، مدون عليه جميع التجهيزات الداخلية والخارجية، والمواصفات الفنية، ووسائل الأمان، بالإضافة إلى سعر البيع الذى سيتم كتابته بفاتورة البيع، وتعنى هذه الجزئية تحديداً الخاصة بسعر البيع، أنه حتى إذا قام أى تاجر أو موزع للسيارات بوضع «أوفر برايس» على سياراته فيجب وضع سعر السيارة مضاف إليه «الأوفر برايس» على ملصق المواصفات، وإثبات ذلك بفاتورة البيع التى يتسلمها المشترى، وذلك لتفادى العقوبة التى تصل إلى غرامة تقدر بمليونى جنيه، أو ضعف قيمة السيارة.

وهنا يأتى السؤال الأهم: «هل نجحت التدابير الأخيرة فى القضاء على الأوفر برايس»؟.. قولاً واحداً الإجابة «لا».. فرغم الحملات اليومية والرقابة المستمرة خلال الأيام الماضية، فإن الزيادات السعرية غير الرسمية التى يفرضها التجار والموزعون على أسعار السيارات مقابل التسليم الفورى بدلاً من الانتظار فى القوائم الخاصة بالوكلاء والتى قد تمتد لعدة أشهر أو ما يعرف بـ«الأوفر برايس» ما زالت مستمرة، ووصلت إلى أرقام خيالية تخطت الـ 100 ألف جنيه على بعض الطرازات.

قبل الحديث عن السر فى استمرار ظاهرة «الأوفر برايس» رغم العقوبات الرادعة، والرقابة المُشددة، دعونا نستعرض سريعاً السبب الرئيسى فى الانتشار الجنونى لهذه الظاهرة.. فمع بداية جائحة كورونا واتخاذ الحكومات العديد من التدابير والإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الوباء، وبقاء المواطنين فى المنازل، تزايد الطلب على شراء الأجهزة الإلكترونية، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «البلاى ستيشن، والموبايل، والكمبيوتر...»، ما تسبب فى نقص حاد بأشباه الموصلات أو ما يعرف بـ«الرقائق الإلكترونية»، والتى تعد مكوناً أساسياً فى صناعة الإلكترونيات والسيارات، الأمر الذى دفع بعض مصانع السيارات إلى تعليق العمل وتخفيض الإنتاج، ما أثر على الحصص المخصصة للوكلاء المحليين، ومن ثم نقص المعروض من مختلف الموديلات، ما دفع البعض إلى استغلال الأزمة وفرض زيادات سعرية بالمخالفة لقوائم التسعير الخاصة بوكلاء العلامات التجارية.

وبالعودة للحديث عن سبب استمرار «الأوفر برايس» رغم محاربة «حماية المستهلك» والأجهزة المعنية، نجد أن القرارات الأخيرة لم تمنع الظاهرة، بل قننتها، وأضفت عليها الشرعية من وجهة نظرى المتواضعة، وجعلتها حقاً مكتسباً للتاجر أو الموزع، فتدوين قيمة «الأوفر برايس» على الملصق، وإثباته فى فاتورة البيع، يمنع فقط إهدار الضرائب المستحقة للدولة، لكن يبقى القضاء على الظاهرة نفسها مرهوناً بعدة نقاط، أبرزها على الإطلاق ضبط السلوك الشرائى للمستهلك، حيث إن المستهلك هو رمانة الميزان فإذا رفض دفع الزيادة سوف يتراجع التاجر عنها، خاصةً أنه لا يمكن فرض تسعيرة رسمية على السيارات، لأنها ليست ضمن السلع الأساسية، وتخضع لقوانين العرض والطلب.

استمرار الظواهر السلبية أصبح لا يليق بنا ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة، فهذه الممارسات غير الشريفة هى العدو الأول للتنمية، وأعتقد أننا سئمنا نغمة «السوق الحر» التى يتغنى بها دائماً أصحاب المصالح والمنتفعون، دون أى إدراك حقيقى لأبسط قواعد أو سياسات وآليات هذه السوق.