رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

رغم الصعوبات التى لا تزال تحيط بها، تعيش مصر للمرة الأولى بدون حالة طورائ، ظلت تُحكم بها معظم سنوات العهد الجمهورى، وهو مَعلم آخر مضىء من عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، لكن ما لبثت  الطوارئ تطاردنا، لا يريد ظلها أن يتوارى، فقبل أيام أصدرت محكمة جنح النزهة أمن الدولة طوارئ، حكما بالحبس خمس سنوات  للكاتب والباحث فى الشأن الإسلامى «أحمد عبده ماهر»، أما التهمة فهى أن كتابه «ضلال الأمة بفقه الأئمة»، بجانب أحاديثه فى القنوات الفضائية، يشكلان تطاولا على الدين الإسلامى وازدراء به، واعتداء على السلم الاجتماعى!

وكانت قضايا الحسبة، هى التى كسبت فى الجولة الأولى قضية منع عرض فيلم «المهاجر» ليوسف شاهين، وهى نفسها من فرقت بين الدكتور نصر حامد أبوزيد وزوجته ودفعته للهجرة والعمل  خارج البلاد ،بنفس التهمة المطاطة غير المحددة المعالم: ازدراء الأديان، وكان الأستاذ الجامعى والداعية الدكتور «عبد الصبور شاهين» قد حرض آخرين على رفع تلك الدعوى، بعد أن وصف فى أحاديثه وخطبه فى المساجد الدكتور نصر بأنه مرتد.

ومن المفارقات  أن الدكتور شاهين شرب من نفس الكأس التى أذاقها لغيره، فقد لاحقه الشيخ يوسف البدرى بدعوى حسبة تم رفضها، ضد كتابه «أبى آدم.. قصة الخلق بين الخيال والحقيقة»، متهما إياه بالشذوذ الفكرى وازدراء الإسلام.

االمثير للدهشة  فى قضية «ماهر» أن النيابة العامة هى التى حركت البلاغ الذى تلقته ضده، ومن المهم هنا التذكير  بالتعديلات التى أُدخلت على  القانون 3 لسنة 1993 المعروف بقانون الحسبة، فى عام 1996، و قضت بمنح النيابة العامة وحدها، حق رفع دعوى الحسبة، وحظرها على الأفراد، وألزمت الفرد الذى يريد رفع دعوى حسبة، بتقديم بلاغ إلى النيابة العامة، للتحقيق فى جدية الدعوى، وفضلا عن ذلك منحت النائب العام الحق فى الغاء القرار الصادر برفع الدعوى أو حفظها، ويكون قراره بذلك نهائيا.

ولأن  النيابة العامة تمتلك سلطتى التحقيق والاتهام نيابة عن المجتمع، بهدف الدفاع عن مصالح عامة، فالسؤال المنطقى: ما هى يا ترى مصلحة المجتمع، فى أن تحيل دعوى محام متشدد لا يعترف بحق الاجتهاد ،وتمتلك فى سجلاتها عشرات القضايا التى تصدى لإثارتها، حبا فى الدعاية لا أكثر ولا أقل، وجر الناس للانشغال بقضايا هامشية، وتحريض البسطاء المتدينين بشكل فطرى، وغير المدركين أن الفقه هو اجتهاد بشرى، يحق لعلماء وباحثين نقده وتنقيته من الأساطير والخرافات، أقول أين  المصلحة فى تحريك تلك الدعوى؟

المناخ المحافظ المتشدد ينتقل من الشارع، الذى تهيمن عليه مشايخ السلفية، إلى معظم مؤسسات الدولة. وتلك لعبة خطرة  لتشارك المصالح، تعزز غلواء هؤلاء المشايخ، وتروج لتفسيرهم الجاهل الفج للدين، وتقاوم بكافة الأسلحة أى اجتهاد جديد فى الفكر الإسلامى، لماذا؟ لأنه ببساطة يهدم على رؤوسهم منجما لا قاع له، من الفوائد والثروات، ويعيد التوازن إلى مؤسسات الدولة، الذين ساهموا فى اختلاله، حين يتم  هدم الامبراطورية التى شيدوها على حساب الشعب والوطن، بحصر دور الدين فى المجال الدعوى دون غيره.

ويا سيادة الرئيس أستحلفك بالله، لا تصدق على الحكم الصادر بحق المفكر المجتهد «احمد عبده ماهر»، لتظل الرئاسة هى ملاذنا للنجاة ممن يصرون على جر بلادنا إلى عصور الظلام السحيقة.