الجمهورية الجديدة
ما زال الحديث موصولًا عن مخططات إفساد العقول وإرهاب الفكر، حيث استعرضنا فى المقالين السابقين كيف تحولت الحروب بين الدول من ساحات القتال التى تستخدم فيها الذخائر والأسلحة، إلى الحروب اللامتماثلة التى تستخدم فيها مجموعة من الأفكار الموجهة والمدروسة، تستهدف تدمير منظومة القيم الثقافية والروحية، وانهيار الروح المعنوية، لتسهيل اختراق المجتمعات، وزعزعة الاستقرار الداخلى، ومن ثم إفشال الدول ذاتيًا، وإسقاطها، واستنزافها، وتفتيت قدراتها، وإذلالها، دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة.
واليوم نُكمل ما بدأناه حول هذا الملف الشائك، الذى بات هو الأولى بالبحث والاهتمام، فى ظل الحرب الضروس التى تتعرض لها مصر منذ ثورة ٣٠ يونيو.
ولما كانت التوعية الفكرية هى سلاحنا الأهم فى هذه المعركة، كان لزامًا علينا أن نسلط الضوء على واحدة من أهم مؤسسات الدولة التعليمية، وهى أكاديمية ناصر العسكرية العليا، التى تعد جزءًا من قواتنا المسلحة الباسلة، فى ظل ما تبذله هذه القلعة التعليمية العريقة من جهود كبيرة للتوعية بضرورة إدراك المخاطر والتحديات التى تواجه الوطن، واستعراض أنواع الحروب الحديثة، ومفاهيم وأبعاد الأمن القومى، وتسليح المجتمع بالقيم والثقافة التى تحقق له الحماية وتدعم الدولة الوطنية وتقويها، فضلًا عن التعريف بالدور المطلوب من كل قطاعات الدولة فى ظل التهديدات الراهنة، وتوسيع آفاق الدارسين.
تفتح الأكاديمية أبوابها لجميع أبناء الوطن، من مختلف المجالات والتخصصات، وبمختلف الفئات العمرية، وتضم نخبة متميزة من كبار المحاضرين والقيادات، ممن لديهم القدرة على إعداد وتأهيل أجيال واعية ومثقفة، فهيئة التدريس تتكون من قادة وخبراء عسكريين متخصصين فى الأمن القومى، وأساتذة من الجامعات المصرية.. فالدراسة لا تتوقف فقط عند الجانب التوعوى والتعريف بالأمن القومى فقط، لكن يعقب ذلك مراحل أخرى من التعليم والتدريب حول كيفية التفاوض وإدارة الأزمات، وفن صناعة القرار، وأساليب التفكير والدراسات المستقبلية، وغيرها من البرامج التى تحقق أكبر قدر من الاستفادة للدارسين، وجعلهم مؤهلين لشغل الوظائف العليا.
«الفكر.. الإيمان.. النصر».. هو الشعار الذى ترفعه أكاديمية ناصر العسكرية العليا، فالنصر لا يتحقق إلا بالفكر والإيمان، لذلك أخذت الأكاديمية على عاتقها مسئولية تنظيم هذه الدورات التثقيفية المتنوعة التى تغطى الأبعاد المختلفة للأمن القومى المصرى، فى هذه المرحلة المهمة، لتمثل درعًا مهمًا من دروع الوطن، ضد حروب الإرهاب الفكري.
حفظ الله مصر