رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

إذا كان المثل الشعبى الدارج يقول: «التالتة تابتة» فإن منطق الأحداث يشير إلى أن هذا المثل ربما لا ينطبق على أزمة سد النهضة، فكل الشواهد، حتى الآن، تشير إلى أن عملية الملء الثالث التى تطمح إليها إثيوبيا فى الصيف المقبل ربما لن تمر مرور الكرام مثل سابقتيها من ملء أول وثان. أقول ذلك رغم المؤشرات المعاكسة التى ربما تدفع البعض لحالة من اليأس بأنه لا جديد تحت الشمس أو أنه لن يكون هناك جديد فى المستقبل القريب. وعلى ذلك يمكن القول بأن هناك اتجاهين يتنازعان الأزمة الأول يسعى لإحيائها وإبقائها ملء السمع والبصر العالمى، والثانى يدفع بها فى اتجاه النسيان!

يتمثل الأول فيما تعبر عنه السياسة المصرية وعلى رأسها مواقف الرئيس السيسى، بشكل فرض واقع جديد بشأن الأزمة يختلف عن الطابع الموسمى الذى كانت عليه من قبل بتراجعها من أجندة السياسة الدولية أو سياسات أطرافها بمجرد انتهاء عملية الملء. والمتابع لتصريحات الرئيس السيسى يسهل عليه أن يلحظ أن الإشارة إلى قضية السد أصبحت مكونًا أساسيًا فيها وبشكل خاص خلال لقاءاته مع أى مسئول خارجى مهما كان حجم منصبه، وإلى حد يمكن معه القول إن هناك ما يمكن وصفه بـ«تيمة» ثابتة فى هذه التصريحات هى التأكيد على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى وملزم بشأن أزمة السد.

وإذا كانت السياسة وقضاياها بطبيعتها موضع خلاف واختلاف وجدل، وهو الأمر الذى ربما يصدق على هذه الحالة مثل غيرها، إلا أنه لا يمكن إنكار طبيعة تأثير هذا النهج فى إبقائه على القضية حية فى دهاليز السياسة الدولية. صحيح أنه ربما يكون هناك اقترابات أخرى، قد يرى البعض أنها ذات تأثير وفعالية أكبر، لكن لا يمكن إنكار أن أجواء الأزمة خاصة بعد ما يمكن اعتباره تجاوزًا فشل الملء الثانى تفرض لغة تبقى على القضية حية دون تصعيد. يعزز هذه الحالة النبرة التى يشعر المتلقى أنها تنطلق من ثقة كبيرة بأن الأزمة فى متناول اليد على صعيد إدارة مقدراتها تأكيد الرئيس ذاته ومن بعده وزير الرى بشكل أساسى بأن حصة مصر لن تنقص كوب مياه.. لاحظ «كوب» وليس مليار متر أو نصف مليار، فى سياق يبدو معه وكأن الأمر محسوم سلفًا، بمعنى أن مصر لن تسمح بذلك مهما كانت النتائج.

أما الاتجاه الثانى الذى يجذب الأزمة بعيدًا عن الأضواء فيتمثل فى الحرب فى التيجراى التى تفرض على إثيوبيا مشاغل أخرى، وإلى جانبها تطورات الوضع فى السودان، ما يجعل أزمة السد تحتل مرتبة ثانية لدى الدولتين ويستدعى بالطبيعة تأجيل أى عملية تفاوض بشأن سد النهضة. ولعله من هنا يأتى الموقف المصرى الحريص على التأكيد على عدم ترك باب إلا وتم طرقه من أجل تأكيد سعيها وجديتها فى التوصل إلى حل. وفى هذا السياق أيضًا يمكن استيعاب إشارة الرئيس ضرورة التعامل مع الأزمة على أساس البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن بخصوص أزمة السد.

فى تقديرى أن السياسة المصرية تنطلق من أنها أمام واقع جديد يتمثل فى سد قائم على منابع النيل فى إثيوبيا وليس مشروع سد.. وهناك فرق فى الحالتين، وإذا أضفنا إلى ذلك سياسة التمنع الإثيوبية أو المراوغة بمعنى أصح، لأمكن لنا تصور أن مصر توجه رسالة للعالم بأنها قامت بما يجب القيام به وزيادة، وهو موقف قد يعنى أن السياسة المصرية ربما تسعى لاجتذاب تأييد خصومها فى التعامل مع الأزمة والذين علا صوتهم خلال مناقشات مجلس الأمن الأخيرة، قبل أنصارها. وكما بدأنا بمثل شعبى نختم بآخر لنشير إلى أن القاهرة ربما تهدف إلى الحصول على رسالة دولية فى أى تطور مستقبلى يتعلق بالتعامل مع أزمة السد مفادها.. «عداك العيب».. يا مصر!

[email protected]