رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

القانون مجموعة من القواعد التى تضعها السلطة التشريعية لتنظيم علاقات أفراد المجتمع بعضهم ببعض. والمجتمع الخالى من القوانين ما هو إلا بمثابة غابة يأكل فيها القوى الضعيف، ويطغى عليه الاضطراب، وتعم الفوضى وعدم التوازن فيه. وسيادة القانون فى مجتمع معين تضفى عليه صفة الاستقرار والهدوء. ما تقدم يجعلنى أتفق من حيث المبدأ مع النائبة أمل سلامة، عضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، فى تقدمها باقتراح مشروع قانون، وحقها فى تحويله إلى مشروع قانون عن طريق جمع توقيعات عُشر أعضاء المجلس لتيسير مناقشته فى لجنة الموضوع مباشرة بعد إحالته من مجلس النواب.

لكن أختلف مع النائبة أمل سلامة حول القضية التى جعلتها موضوعاً لمشروع القانون، وهى قضية ضرب الزوجات، فأنا ضد ضرب الزوجات، وأعتبر لجوء الزوج إليه نوعاً من التخلف يتنافى مع المودة والرحمة، واعتداء على إنسانية وكرامة الزوجة، رغم أن هناك إحصائيات أيضاً تشير إلى تعرض بعض الأزواج للضرب من الزوجات!! فالأمر ليس منافسة فى عش الزوجية، ويكون البقاء للأقوى، ولكن أنا أرى أن حل هذه القضية- قضية الضرب- لا يكون بالقانون عن طريق محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة وأحكام القضاء، ولكن حلها يكون داخل بيت الزوجية عن طريق الحوار، أو داخل الأسرة، أو العائلة، عائلة الزوج، وعائلة الزوجة، وبعيداً عن تدخل أصدقاء الطرفين!!

النائبة أمل سلامة التى أصبحت حديث السوشيال ميديا، وطبعاً هى لم تسعَ للشو الإعلامى، وهدفها نبيل وهو التصدى لضرب الزوجات، لم تأتِ بقانون جديد، ولم تطلق على مشروعها اسم قانون ضرب الزوجات فهو من صنع الإعلام، النائبة تقدمت باقتراح لإجراء تعديل فى قانون العقوبات، لتغليظ عقوبة ضرب الزوجات من السجن مدة لا تزيد على سنة أو غرامة عشر جنيهات ولا تزيد على 200 جنيه إلى السجن من 3 إلى 5 سنوات فى حالة الضرب المبرح الذى يهينها جسمانياً خاصة أمام الأطفال ما يسبب إيذاء للأسرة. اقتراح النائبة فى حالة الموافقة عليه من مجلس النواب يحتاج إلى إثبات، فالضرب المبرح يتطلب تقريراً من الطب الشرعى لإثباته أو نفيه، والضرب أمام الأطفال الذى يؤذى مشاعر الأسرة ويؤثر على سلوك ونفسية الأطفال ويصيبهم بالإحباط والخوف والمرض يحتاج إلى شهادة الأطفال على أبيهم بأنه ضرب أمهم ضرباً مبرحاً أمامهم.

أى الانهيار للأسرة ممكن أن يحدث بعد ذلك، الأب يدخل السجن، والأطفال يتشردون، والزوجة تأخذ لقب زوجة السجين وقد تلجأ إلى الطلاق، فهل تنتظر الزوجة التى سجنت زوجها أن يعود إليها بعد قضائه العقوبة، وهل يقبل الزوج الذى جرجرته الزوجة فى المحاكم وأقسام الشرطة أن يعيش معها بعد ذلك تحت سقف واحد، هل يجد الزوج الذى يضرب زوجته ضرباً مبرحاً من يقول له اتقِ الله، إن الزواج إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

قضية ضرب الزوجات تجعلنا نفتش عن الخطاب الدينى لعلاج التضارب بين رأى الشرع ورأى القانون فى هذه القضية. الأزهر قال: إن الضرب هو العلاج الثالث للنشوز، ويبدأ بالموعظة والهجر فى المضاجع والضرب التقديرى حتى لا تغرق الأسرة أو تهلك بشرط ألا يكسر عظمها، أو يؤذى عضواً كالضرب بالمسواك الذى يساوى الفرشاة فى العصر الحالى. واستند الأزهر فى رأيه إلى الآية الكريمة: «واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً». أما محكمة النقض فقالت فى أحد الطعون لا يوجد فى القانون ما يسقط عقوبة الزوج عن ضرب زوجته، إن لم يتجاوز فى ضربها حدود التأديب، وبعض الأحكام اتخذت موقفاً وسطاً بإقرارها حق التأديب بالضرب الواقع من الزوج على الزوجة بالقيود المقررة، وأباحت الضرب الذى ينتج عن الإيذاء الحقيقى.

مطلوب مراجعة الفتاوى المفخخة لمعرفة مصدرها والرد عليها، مثل حق الزوجة فى الامتناع عن خدمة زوجها وأولادها، ولها أن تطالب بأجر عند إرضاعها أولادها، بحجة أن الزوجة لم تتزوج لتصبح خادمة وإنما جاءت لمؤانسة الزوج.

واستحلف صاحب الفتوى بالله هل هذه الفتوى تشجع على الزواج للحد من زيادة نسبة العنوسة، وهل الشاب العاطل أو الذى يحصل على الحد الأدنى من المرتبات والأجور، والذى لا يعلم إلا الله كيفية تدبيره نفقات الزواج قادر على إحضار خادمة لخدمة زوجته، وهل مطلوب منه أن يدفع للزوجة أجر إرضاعها لطفلها طبيعياً!!

ألم تتعارض هذه الفتوى مع سورة البقرة التى جاء فى إحدى آياتها «الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين».

هذه الفتاوى المفخخة وراء تحويل حياة الأسرة من السكينة والمودة إلى معارك وصراعات ولكمات وسحجات، وطلاق أو خلع!

يا ناس حرام عليكم نحن مجتمع يقدر المرأة ويحترمها ويمنحها كل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومساواتها مع الرجل فى كل الحقوق والواجبات، فلا تبحثوا لهن عن طريق للشقاق والصراع.

 أنا مع النائبة أمل سلامة فى مشروعها من حيث المبدأ كحقها فى تقديم الاقتراح، وأرفضه موضوعاً لأنه أولى بها وبباقى النواب مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية المطروح أمام المجلس من الفصل التشريعى السابق لعله يقدم الحلول التى تحافظ على الأسرة، ولا تضع الزوجين أمام المحاكم بدلاً من وجودهما فى المنزل لرعاية أطفالهما. واسمحوا لى بأن أسمى قانون ضرب الزوجات بقانون خراب البيوت!!