عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

عندما تراجع تاريخ الإذاعة لا بد أن تتوقف أمام أسماء بعينها مهما مر من زمان يظل صوتها عالقًا بالآذان، صنعوا المجد من خلف الميكروفون، لم يرهم الكثيرون لكنهم يعرفونهم من نبرات صوتهم المتميز وبرامجهم التى أثرت فى الملايين، فلا تذكر الإذاعة المصرية بدونهم.

‏ýومن بين هؤلاء الإعلاميين يظل اسم الكبير حمدى الكنيسى خالدًا بتاريخه الزاخر بالكثير من الإبداع الوطنى الذى صنع اسمًا إذاعيًا ضخمًا دائم العطاء متعدد الإبداع متجدد الفكر، فلم يتول مهمة إلا وكان النجاح حليفه بفضل إصراره وموهبته الفطرية، سواء كمذيع قدم عدداً من أهم البرامج الإذاعية التى لا ينساها المستمعون مثل قصاقيص وتليفون وميكروفون و٢٠٠ مليون، والمجلة الثقافية، أو مراسلًا حربياً كان يقدم عبر الإذاعة لوحة مسموعة حول معركة الكرامة التى أرخ لها عبر برنامجه الخالد «صوت المعركة»، أو رئيساً لشبكة صوت العرب ساهم فى تغيير مفهومها ورسالتها بما يتواءم مع ظروف المرحلة والأحداث وقتها، أو رئيساً للإذاعة حفلت فترته بالعديد من خطط التطوير والبرامج المتنوعة.

والحق أن الكنيسى من القلائل الذين تقلدوا كل المناصب القيادية فى الإذاعة تقريبًا، بسبب كفاءته الإدارية ورؤيته وأفكاره المتجددة، ولم يكن إبداعه قاصرًا على عمله الإذاعى بل كان شخصية عامة متعدد القدرات يحظى باحترام الجميع، سياسيين ووزراء ومفكرين ورياضيين، لذلك لم يكن غريبًا أن نراه نائباً فى مجلس الشعب، وعضواً بمجلس إدارة نادٍ بحجم وشعبية الأهلى وعضوًا بالمجالس القومية المتخصصة، وفى منصب تقلده أو مجلس انضم لعضويته كان اسمه الأبرز وجهده الأوضح وتأثيره الأقوى.

‏ýتربطنى بالإعلامى الكبير علاقة خاصة تمتد لأكثر من 15 عاماً منذ أن التقيته وأنا أسكن حديثًا مدينة الشيخ زايد الجميلة وكانت فرصة للاقتراب من هذا العلم فكرًا وثقافة وانتماءً وحبًا لمصر ولا أخفى فرحتى بالقرب منه لدرجة أنه كان يكرمنى دائمًا ويقول لى أنت ابنى القريب لقلبى وكان سببًا لى فى الكثير من العلم والخبرة والمهام التى توليتها بترشيح منه ودعم وثقة لم يكن يخفيها بل كان دائم التأكيد عليها.

‏ýوكانت أبرز ترجمة لهذه الثقة التى شرفنى بها إصراره على ترشيحى لأكون بجانبه عضوًا فى اللجنة التأسيسية التى كلف برئاستها لتحقيق حلمه فى تأسيس نقابة الإعلاميين، كان أمام الأستاذ الآلاف من الزملاء الذين يستحقون هذا الموقع، لكنه اختارنى وشرفنى بعضوية لجنة تاريخية لا أنكر أنها كانت فارقة فى تاريخى المهنى.

‏ýوكان أول ما طلبه منى أن أعمل بكل جهد كى يرى هذا الحلم الذى ناضل من أجله كثيرًا النور، فمنذ أن كان شابًا إذاعيًا كان يعتبر النقابة حقًا لكل إعلامى لا يمكن التنازل عنه، لدرجة جعلته يرفض تكريم وزير الإعلام جمال العطيفى له عام ١٩٧٦ كواحد من أحد أشهر مراسلى مصر الحربيين للإذاعة أثناء حرب أكتوبر 1973، مناشداً إياه تحويل التكريم لنقابة إعلاميين وللأسف ترك العطيفى الوزارة قبل أن يفى بوعده.

‏ýولأن الكنيسى كما عرفته مقاتل لا يستسلمـ فقد أصر على أن يواصل جهوده من أجل الحلم حتى تحقق له عام 2016 بقرار مجلس الوزراء بتشكيل اللجنة التأسيسية برئاسته.

‏ýالأستاذ حمدى كرمنى وما زال يكرمنى حتى هذه اللحظة بمحبته ودعمه وجلساته الخاصة فى منزله العامر فى الشيخ زايد، والذى عندما تزوره فيه تجده أقرب إلى محراب علم وورشة إبداع لا يكف عن العمل فيها طوال الوقت ما بين كتابة المقالات وتسجيل المذكرات الخاصة وأجمل اللحظات عندما يكتب بخط يده الجميل أمامى، فأجد نفسى أمام لوحة فنية تتميز بجمال الخط وإبداع الكلمات التى تكشف بجانب قدراته الإذاعية موهبته الأدبية.

سيبقى الأستاذ حمدى الكنيسى كبيرًا اسمًا وقيمة ومكانة، وستبقى إبداعاته الإذاعية متفردة وملهمة للكثيرين من تلاميذه وسيبقى هو المعلم الذى يعرف قيمة جبر خواطر الناس، فدائمًا يقول لى تركت المناصب ولم يتبق لى إلا حب ودعوات الناس الذين أتمنى منهم أن يدعو لأستاذنا بأن يعود إلينا كما عهدناه شعلة نشاط لا تنطفئ أبدًا.. أطال الله فى عمره.