عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فصلِّ لربك وانحر

 

 

 

عرف العرب قبل الإسلام كثيراً من الشعائر الدينية، التى جاء بها الدين الجديد فيما بعد، ويحمل لنا القرآن الكريم آية تدل على وجود الأساطير الطقوسية عند العرب، فقد قال تعالى– سورة الأنفال– آية 35: «وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية». والمكاء هو الصفير، والتصدية هى التصفيق – وهكذا تؤكد الآية أن مرحلة الغناء والرقص المصاحب للعبادات الطقوسية قد عرفها العرب كما عرفها غيرهم، والفارق بين الحالتين أنه بينما احتفظ غيرهم بها ذابت عند العرب.

وأنا أعيد قراءة كتاب عالم الاجتماع والأستاذ الجليل فاروق خورشيد 1928 – 2005 حول اندثار الأسطورة من الأدبيات العربية المعاصرة تحديداً، انتبهت إلى حرص الغرب الأوروبى، والشرق المتقدم المتمثل فى اليابان والصين على الاستدعاء المستمر للأسطورة التى يعود بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ.. ومن يتأمل الكثير من الدمى واللوجوهات المختلفة لكبريات الشركات العابرة للقارات سيجد هذا الحرص على استدعاء الأسطورة.. الحرص على هذا الاستدعاء يحقق لهذه الأمم المتقدمة فكرة الاستمرار أو الصيرورة المكانية والزمانية.. هى أمم ببساطة لم يضطرها تقدمها المذهل إلى الاستغناء عن أساطيرها.

الغريب أننا فى منطقتنا العربية استغنينا بلا تقدم يذكر عن شذرات الأساطير المكونة للوجدان القديم وكان مفترضاً أن نستأنس بها فى كل مراحل تاريخنا من القديم للمعاصر.. رئيس الصين جين بينج قال للرئيس الأمريكى الأسبق دونالد ترامب إن الصين أقدم حضارة، وسأله ترامب: كيف والحضارة المصرية أقدم.. كان رد بينج الحاسم: نعم المصرية أقدم لكنها غير مستمرة.. حضارة الصين مستمرة بلا انقطاع منذ قرابة 3000 سنه.. المعنى هنا يرتبط باستمرار احترام الأسطورة التى تشكلت منها حضارة الصين القديمة، فى حين قتلنا نحن واحتقرنا وكفرنا أساطيرنا باسم طهر آخر الأديان، ولم ندرك أو نفهم أن الطهر الكامل موت محقق لأنه مجاف للواقع، مثله كالغسل شأن يخص الموتى.

واليوم ونحن نحتفل بعيد الأضحى المبارك، فهناك طقوس دينية مختلفة مرتبطة بحج بيت الله الحرام والنحر، ولعلنا نتساءل – ماذا كان الحال والمشهد ببيت الله الحرام قبل الإسلام، كيف كانت طقوس العرب وماذا كانت تعنى لهم الأصنام.

وهناك من الأساطير ما دونت فى السير النبوية بأسلوب أدبى قصصى بديع مثل أسطورة افتداء عبدالمطلب لابنه عبدالله بمائة من الإبل لتجنب ذبحه، وأسطورة حفر زمزم، وقرية النمل، والغراب الأعصم. هذه الأساطير وغيرها، مما أشار إليه الدكتور طه حسين فى بحثه العظيم الشعر الجاهلى يجب ألا ندفنها ونتعمد محوها من الذاكرة لأنها سبقت الإسلام. المؤكد أن تاريخ العرب ليس فقط تاريخ الإسلام.. الأديان مكون ثقافى داخل الفضاء الحضارى لأى أمة، وبلد مثل مصر فضاؤها الحضارى أقدم من التاريخ الإنسانى العالمى.

السينما العالمية استفادت من الأسطورة، إسرائيل قامت على وهم الأسطورة.. والأهم من كل ذلك أننا يجب أن نسلم بأن أعظم ابتكارات العلم فى العصر الحديث خلال قرنين مضيا انطلقت قبل ظهورها بقرون فى فضاء الأسطورة مثل الهاتف والراديو والطائرة وصولاً إلى عالم الحواسيب والإنترنت.. ولا تنسوا أن شعار شركة آبل عبارة عن تفاحة مقضومة.. إنها تصوير لقصة أو أسطورة آدم وحواء اللذين أخذتهما نشوة المعرفة والوصول للشجرة المحرمة، وكانت «القضمة» الأزلية التى دفعا ثمنها، ودفعنا نحن من بعدهما ثمناً أكبر بلا جرم مسنا، ولا نشوة أخذتنا.. وكل عام وأنتم بخير