عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

 

 

 

حاول المصريون النهوض مرات ومرات.. وحاولوا الحصول على حريتهم بأى ثمن، وفى كل مرة يواجهون انكسارات عديدة.. ومنذ ثورة 1919 لم تتوقف الانكسارات حتى وصلوا إلى أكبرها فى عام 1967.. وفى ظل فشل أنظمة الحكم والحكومات المتعاقبة فى تحقيق حياة إنسانية أفضل لهم، اضطروا إلى الهروب الجماعى إلى الدين، الإسلامى أو المسيحي.. لعلهم يجدون حياة أفضل فى الآخرة!

وأعتقد أن الحياة بين شقى رحى الفساد والإرهاب هو امتداد لكل الانكسارات والإحباطات التى عشناها، وكل المحاولات الفاشلة للنهوض.. حتى وصلنا، للأسف الشديد، إلى مرحلة ممارسة القهر على بعضنا البعض، وصرنا نحرم الحرية على بعضنا البعض.. ومشكلة تنمر سيدات بطالبة فى جامعة طنطا، لأنها ترتدى فستانًا، وكذلك مشكلة المايوه البوركينى هى مشكلة «حرية» فى الأساس وليست مشكلة فستان أو مايوه، فنحن لسنا أحرارًا.. ولا نفعل أى شيء بحرية.. وتحولنا من محرومين من الحرية إلى مرضى باللاحرية.. نعم نحن أصبنا بمرض اللاحرية.. وهو مرض عضال إذا أصاب شعبًا صار يكره الحرية ويمنعها على نفسه ويحرمها على الأخرين!

كلنا ديكتاتوريون.. فى بيوتنا وشغلنا والشارع، ومع أولادنا وزوجاتنا، وجيراننا.. واللاحرية أصبحت منهج حياتنا وعقيدتنا الوحيدة التى نؤمن بها، ونمارسها حتى ولو على أنفسنا!

والديكتاتورية.. تبدأ من السياسة وتنتهى فى الفن، وتنمو فى قصور الحكم، وترعاها دور العبادة، وتمارس فى المدارس والشوارع.. وتنتشر وتتحول إلى مرض معد إلى درجة أن من يفتقد الحرية لا ينادى بها بل يمنعها عن غيره!

أصبحنا نخاف على أنفسنا من الحرية، ونخاف من حرية الأخرين علينا.. نفكر مائة مرة قبل أن ننطق بأى شيء.. أو نفعل أى شيء.. ونعيب على أى شخص يعيش بحرية.. واستبدلنا الضمير الذى هو يوجهك للقيم الإنسانية الأساسية مثل الخير والحق والجمال برقيب يحرّم عليك كل شيء.. ويمنعك من كل شيء!

لا توجد حرية فى التفكير ولا حرية فى التعبير.. وما تحرمه على نفسك تحرمه على غيرك ولا أحد له الحق حتى فى تحديد مصيره، ولا حتى فى فيما يحبه أو يكرهه من الملابس أو الأكل.. والموضوع لا علاقة له بالدين، سواء الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.. الموضوع له علاقة بتعاملنا مع الدين بتفسيرنا للدين.. بتحكمنا على الآخرين باسم الدين.. الشيوخ والدعاة والمتطرفين كلهم يتحكمون فى عقول الناس باسم الدين.. ويحرمون ويحللون باسم الدين، ويهددون هذا بالنار وذاك بالجنة باسم الدين.. ويقتلون كل من لا يتبع تفسيرهم للدين فإذا كنا أحرارًا سيكون تعاملنا مع الدين بحرية.. أما إذا كنا عبيدًا سنتعامل مع الدين كعبيد!

الدساتير فى الغرب تعتبر حرية المواطن شيئًا مقدسًا.. وعلى فكرة دساتيرنا فى الشرق تعتبرها كذلك، الفرق أنهم يطبقون ما أقرته الدساتير بينما نحن لا نطبقه!

 إن الحرية ليست كلامًا، ولا دواءً نشربه فى كباية.. الحرية ممارسة، الحرية أفعال لا أقوال، الحرية منحة إلهية منذ أن أعطى الإنسان الحق فى الكفر أو الإيمان.. فلماذا يمنعها الإنسان على الإنسان؟!

[email protected]