رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الواقع الذي نعيشه، بكل ما فيه من أزمات وكوارث على المستويات كافة، يستعصي على الفهم والإدراك، مما يمهد لخلق حالة جديدة من تفشي الغباء والجهل، لبعض "السفهاء" من روَّاد "السلق" الفكري و"العك" السياسي.

هذه "الحالة" تختلط فيها المفاهيم كافة، خصوصًا عندما يكون الجهل جسرًا للفتن، ويصبح سلوك الجاهل تطرفًا دائمًا.. إذا أحب تطرَّف, وإن أبغض تطرَّف, وإذا نقل أمرًا يحبه كبَّره، أو رجلًا يميلُ إليه عظَّمه، أما إذا نَقل أو نُقل أمامه أمر يبغضهُ صغَّره وأهانه واستحقره!

ما أصعب الابتلاء بأولئك الذين يرددون ما يقوله لهم الناس, فيميلون مع الريح وينعقون مع كل ناعق، لأنهم لا يعرفون أن ما بين الترف الفكري والإفلاس.. والجهل والغباء، قيد شعرة، وكلاهما نتيجته واحدة.

إننا نعيش في زمان أصبح فيه الاستقطاب حادًا وعنيفًا، ما يجعل الاختيار محصورًا في أمرين فقط، أحلاهما مرٌّ، سواء أكان انحيازاً غير مقنع إلى طرف، أو عداءً لا مبرر له مع طرف آخر!

ولكن يظل التمسك بمساحة ابتعاد بين هذين الخيارين أفضل وسيلة، كي تمنح صاحبها فرصة أوسع للتفكر والتأمل والنظر إلى الوراء بهدوء وتعقل، وقراءة الواقع واستشراف المستقبل بفهم واقعي غير منحاز.

مع كل أسف، بعد أن تسرب اليأس إلى القلوب، أصبحنا نشعر أننا نعيش في زمن الجهل المركب، بعد أن كنا نعتقد أن خيطًا رفيعًا يجمع بين وثنية إلغاء الفكر وتنصيب أصنام فكرية أباحت انتهاكاتها وإساءاتها كل معلوم من الإنسانية بالضرورة!

المفارقة أنه عندما يستحكم الغباء، يكون الجهل مركبًا، خصوصًا إذا كان لهؤلاء الجهلاء والسفهاء والأغبياء، أتباع وأنصار ومعجبون ومفتونون أكثر من نظرائهم الذين عبدوا العجل أو الأصنام والحجارة، وكما يقول مالك بن نبي: "الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكارًا بل يُنَصِّبُ أصنامًا".

ربما تلوح في الأفق أجوبة كثيرة، ليس أقلها أننا أصبحنا نعيش زمانًا جاهلًا يزحف فيه المجهول على المعلوم.. زمان أصبح فيه تغيير النخبة المميزة لمصلحة غالبية جاهلة، حتى وصلنا في بعض مراحل حياتنا ـ ونحن في الألفية الثالثة ـ إلى نظرية الكواكبي في الاستبداد: "استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل"!

إن هذا الواقع الضاغط مع تجاربه المريرة يجعل الناس أسيرة لاستبداد الجهل، وأكثر ميلًا للعيش في الغوغائية والفوضى، حتى أصبحنا نرى الجهل يتحكم في مناحي الحياة كافة، وصولًا لمقولة المتنبي: "أغاية الدين أن تحفوا شواربكم.. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"!

إن "صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله"، و"لا فقر أشد من الجهل"، ولذلك نعتقد أن أكثر شيء يمثل خطورة على الأمن القومي والإنساني؛ هو الجهل.. بما يحمله من "تغييب" للوعي، و"غسيل" للأدمغة، و"دغدغة" للمشاعر، و"اللعب" على "أوتار" التعصب، وتأجيج الكراهية!