رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

 

ــ مشبعتوش غنا؟ وصلنا إلى ما نحن عليه الآن لأننا بـ«بنغنى على بعض».. بطلنا الغنا الحقيقى.. (كنا نغنى بلدى.. بلدى يابلدى – وقف الخلق.. أنا الشعب.. مداح القمر – مصر يا أمة يابهية الخ) وأصبحنا نغنى للمناسبة فقط، و«نسقف.. ونهيص ونقول هيييه».. كلام تهريج يرقص عليه شاكوش وحمو بيكا.. لا يرقى حتى لـ«السح الدح أمبو الخ».. دق طبول وزعيق ولا يبقى من هذا الزبد شيئا بعد انفضاض اللحظة وانتهاء المناسبة. لم ينتهِ الأثر بالطبع.. فبالتراكم أصبح هذا «الغنا» هو كل (وأعتذر عن التعميم) تعبيرنا عن الحياة..بقى كل مغنى -منا– يغنى على ليلاه.. فى قاعة أفراح هذا يغنى بطريقة.. وتلك بطريقة.. وفى قاعة محكمة هذا محامٍ يغنى على موكليه.. وهذا آخر يحاول الغناء بطريقة الصوت العالى.. وهذا يغنى بالشهود الزور.. وهذا يغنى بالكذب والادعاء. الزوج «بيغنى» على زوجته هربًا من سؤال الحياة والحب..وهى تغنى عليه هربًا من اكتشافه لصفحاتها الفيسبوكيه التى تفتحها بأسماء مستعارة..ربما لأنها لم تشبع عاطفيًّا من رجلها الحقيقى، فتبحث عمن يملأ هذا الفراغ الموحش داخل قلبها، والزوج نفسه لا يعدم هذه الوسيلة، فيلجأ اليها لإشباع «فراغة عينه» وبحثه عن قطعة لحم أخرى تغرد خارج إطار عش الزوجية.. ونزوة تفوت ولا حد يموت.

ــ هكذا المجتمع يغنى على بعضه.. ولما لا وهناك إعلاميون يفعلون ذلك.. فيكذبون حتى يتنفسوا كذبهم ويتوحدوا معه. نعرف الكذابين بالاسم.. فقد زاملونا للأسف يوما ما..وعرفنا طبائعهم وأكاذيبهم وسرقاتهم!

ــ ولم لا وهناك فتاوى لمشايخ يحللون الإرهاب ويعتبرونه جهادا، ويرفضون الاحتفال بأعياد المسيحيين، بل ويرفضون حتى مصافحتهم! ولم لا وهناك مناضلون اسمًا وزورًا وبهتانًا كانوا يطمعون فى مناصب وسلطة فتعاونوا مع الجماعات المتاجرة باسم الدين حتى تمنحهم جزءًا من كعكة السلطة حال ركوبهم عليها!

ــ ولم لا وهنالك ممثلون لم يعودوا يفكرون فى أن الفن أحد ضمائر المجتمع الحية.. وأنه لا بد من تقديم منتج إبداعى فى المجمل العام يضيف للوجدان وينمى الذائقة ويكشف سلبيات المجتمع، ويحرض على الإيمان بالقيم واحترام عادات المجتمع وتقاليده وثقافته وتنوعه. عندما نحينا الاهتمام بثقافة الإنسان المصرى وغرس قيم الانتماء فيه وقيم التسامح والتنوع والعمل والفضيلة حصدنا مجتمعًا كلنا يرفضه، وكتب فيه كتاب ومفكرون ومشتغلون بالفلسفة محاولين البحث فى عيوبه والوقوف على مشكلاته وتحولاته.. حتى تساءل كاتب كبير كجلال أمين يومًا: ماذا جرى للمصريين؟

ــ نكذب فنغنى.. ونخدع فنمثل.. وندعى فنكتب.. ونتكاسل فنمارس الهيصة والزمبليطة..لنخفى تكاسلنا وإهمالنا. أهملنا تحريض أطفالنا على حب العمل فانحازوا للفهلوة، واشتغلوا على التكاتك وغابت قصص النجاح والبطولة التى كنا نفرح بها على صفحات الصحف..ونكتب بالبنط العريض: المصرى المتفوق الذى صنع الإعجاز على لمبة جاز. بتنا نحرض على إعطاء حق المجتمع بالغنا..فبناء مدرسة أهلية يحتاج إلى غنا..وتبرع بالزكوات يحتاج إلى غنا..وتبرع بالأطعمة والملابس يحتاج إلى أغنيات وإلى كلمات فارغة بلا معنى!

عندما كان المجتمع يغنى أغانى الحصاد كان الشاعر من نوع أحمد شوقى.. وكان المغنى من طراز عبد الوهاب.. والملحن من طراز سيد درويش.. كل هذا تغير.. والغنا الآن أصبح مجتمعًا كله بيغنى على بعضه!