عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

7  مواد نصيب التعليم من الدستور كانت حاضرة أمام مجلس الشيوخ عندما رفض مشروع قانون تعديل قانون التعليم الذى تقدمت به الحكومة المعروف بقانون الثانوية العامة . رأى "الشيوخ" حاليا أمام لجنة التعليم بمجلس النواب بعد أن أحاله اليها رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفى جبالى. وقد تأخذ اللجنة بهذا الرأى أو تنحاز لمشروع الحكومة أو يكون لها رأى آخر، أو قد يكون هناك اتجاه لتجميد المشروع داخل اللجنة، ومهما كان خط سير لجنة النواب فى المرحلة القادمة فى مناقشة قضية تهم ملايين الأسر المصرية تعرف ببعبع الثانوية العامة وعرفها وزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقى أمام مجلس الشيوخ بصنم الثانوية العامة الذى يحاول تحطيمه، فإن مجلس الشيوخ قال كلمته، وينتظر قانونا جديدا للتعليم خال من الترقيع ويكون بلون المجتمع المصرى، ويناسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، مهم أن يكون عندنا التعليم الأمريكى والبريطانى واليابانى ولكن لا يجب أن يكون بالأمانى والتقليد فقط، دون أن نوفر البنية الأساسية لتطبيقه، فأهلاً بالامتحانات الإلكترونية إذا وفرنا متطلباتها، وتغلبنا على جميع المشاكل التى تعترضها، وأهلاً بالثانوية التراكمية إذا كانت هى الحل، بشرط أن يتقبلها المجتمع، لكن المجتمع المصرى لايريد فرض أنظمة لا تتناسب معه عند التعاطى معها لمجرد أن الدولة تريد أن تساير ما يحدث فى الدول المتقدمة، أهلاً بالتقدم إذا كان يناسب وضع التعليم عندنا، وان لم يكن فلابد أن نتعامل مع الواقع، ونبحث السلبيات التى تقف فى طريق التطوير الذى وصل إليه العالم المتقدم ونعالجها ثم نبدأ فى التطبيق، التقليد لا يحقق الأهداف ما لم تكن هناك بنية أساسية جاهزة لاستيعاب التكنولوجيا وعناصر مدربة على التعامل معها.

هذه القفزة التى نبحث عنها لا تطبق من فراغ - كما أن أى نظام جديد يتم اللجوء اليه لابد أن يخضع لحوار مجتمعى لضمان تقبل المخاطبين به كخطوة مهمة تضمن نجاح التجربة.

فالمجتمع المصرى وفى مقدمته أولياء الأمور وأسر الطلاب عندهم هاجس من الثانوية العامة، وأى تجريب فيها بعد أن تحول الطلاب على مدار سنوات طويلة الى فئران تجارب سوف يضاعف من الأزمة. فبعد أن كانت الثانوية العامة عاما واحدا هناك اتجاه لتكون ثلاثة أعوام، وهذا معناه مضاعفة الأعباء، وزيادة حجم القلق الذى يعيشه أولياء الأمور، وارتفاع التوتر عند الطلاب مضروباً فى ثلاثة بخلاف أن النظام الإلكترونى يتعب الأعصاب بعد أصبح العذر صعوبة تطبيقه هو سقوط السيستم.

مجلس الشيوخ ليس ضد مشروع وزير التعليم ولا ضد تطوير التعليم ونظام الامتحانات للقضاء على الغش والتلقين ولكنه عنده تخوف من صعوبة التطبيق وصعوبة الطلاب والمعلمين له ويريد مشروعًا متكاملاً للتعليم يقلل السلبيات ويعظم الايجابيات ويتعامل مع المستقبل عن طريق البحث والدراسة ومعرفة ما يناسب المجتمع المصرى قبل استيراده من الخارج كتكنولوجيا جاهزة.

الوزير غضب من مجلس الشيوخ، واعتبره ضد مشروعه، رغم أنه لم يلب دعوة لجنة التعليم لشرح وجهة نظره من وراء المشروع.

«الشيوخ» وهو يبدى رأيه فى مشروع التعليم أو قانون الثانوية العامة الجديد استرشد بالدستور الذى جعل التعليم حقًا لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الاستثمار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، كما جعل الدستور التعليم الزاميا حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية كما تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن  4٪ من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى لا تتفق مع المعدلات العالمية.

رأى مجلس الشيوخ الذى استند فيه للدستور هو أن التعليم ليس مناهج ومبانى، ولكن هناك معلمين، هم الركيزة الأساسية للتعليم، لابد أن تكفل الدولة تنمية كفاءتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، لضمان جودة التعليم.

«الشيوخ» كان أمامه الدستور وهو يطالب وزير التعليم بمشروع قانون كامل للتعليم يوازن بين جميع مفردات العملية التعليمية، يحافظ على هيبة وكرامة المعلم، ويمنحه قدره الذى اقترب فيه من منزلة الأنبياء، ويعيد إليه الثقة والتبجيل الذى يستحقه باعتباره معلم كل الأجيال التى تخرجت على يديه وتقلدوا أرفع المناصب، إذا عادت قيمة المعلم عادت قيمة التعليم وقضينا على التجارة وجمع المال باسم التعليم، وعاد التعليم كالماء والهواء، وعاد التلميذ يعترف بحق المعلم ويقول من علمنى حرفاً صرت له عبداً.

الخلاف بين «الشيوخ» ووزير التعليم يجب ألا يفسد للتعليم قضية، فواضح أن الوزير ومجلس الشيوخ يبحثان عن تعليم أفضل لأبناء نعدهم للمستقبل ولكن كل فى طريق مختلف، وحتى يلتقيا فإن قضية التعليم لا تحل إلا بالحوار المجتمعى وليس بفرض الأمر الواقع وهو ما أدعو لجنة التعليم بمجلس النواب للجوء اليه، الحوار الذى يطرح كافة الآراء للوصول إلى الرأى الصواب المفيد للمجتمع كفيل بتحقيق الأهداف التى نريدها والطموحات التى نصبو إليها، وهو الطريق الديمقراطى لمعالجة قضايانا، إن الرأى والرأى الآخر هما السبيل للخروج من الأزمات لأن السير فى اتجاه واحد، قد يواجه بعقبات تجعلنا نعود مرة أخرى للخلف لنبدأ من جديد ونظل فى تجارب لا تنتهى.