عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء فى آخر النفق

 

 

- استفت قلبك. هكذا كان الرسول الكريم يرد على سائليه فى شأن من شئون الدنيا لم يرد فيه نص ولم تكن له سابقة حدوث، أو لدى القوم به سابق خبرة أو معرفة. لم يقل استفت عقلك. لم يقل شيئًا عن تلك الأداة الذكية «العقل» رغم أن له وضعًا معتبرًا، إذ يعرف بأنه «صانع الحكمة» ومنبعها، وبالتالى فهو مخلص الإنسانية من كل جهل وتخلف، ومن كل الشرور والخطايا والدنايا والفساد والإفساد وكل أوجه القصور والإهمال التى عندما نراها نسأل «أين العقل»؟

لقد قال رسولنا: استفت قلبك، وما كان ذلك- فى ظنى- إلا لأن القلب «أصدق أنباء» من العقل، مع التقدير التام للشاعر المتنبى. العقل دائمًا مرتبط بالحسابات، وقد تكون خاطئة أو مغرضة، وبالترتيبات وقد تكون ملفقة، ومفتقرة إلى الصدق والنزاهة، وتقوم على تجميع المصالح الصغيرة وإعمال شتى فنون الانتهازية وصولًا إلى نتائج بعينها يرجى الوصول إليها. ومرتبط بحالة جدلية لا خير فيها، وإنما هى خبرة بـ«بالنتش»،على طريقة من كل فيلم أغنية، وأسوأ أنواع الجدال هو الذى يزهو به صاحبه.

- إذا استفتيت قلبك فى شأن امرأة أنصت إليه، فهو من يمتلك الحكمة، هو من يقودك إلى أنها المرأة التى أحبتك فعلًا، دع عنك ماضيها وأن مشاعرها سبقت إلى رجل آخر، فمشاعر المرأة مثل النهر، متجددة دائمًا، صحيح أن بعض أنهار النساء تكون آسنة.. ماجنة.. مالحة وغير معالجة وليست صالحة للارتواء، لكن النساء عمومًا فى الأصل مثل إيزيس.. يمكنك أن تشعر بأرواحهن فى الأساطير.. هن المحبات المخلصات القويات الدؤوبات اللاتى يبكين بأعينهن وهن ينزفن دمًا.. وفى نفس الوقت لديهن الجلد والصبر على البحث عن الأشلاء وترميمها وإعادة تكوينها وخلقها من جديد، ولديهن الحظوة لمخاطبة السماء، فتحيى العظام وهى رميم.

أوزوريس يشهد للنساء.. للحب.. للخلود.. لانتصار القلب النازف بكل قوة.. هى ليست مجرد أسطورة وإنما هى قلب المعنى وجوهر القصة.. قصة القلب الأقوى.. سر الحكمة الحقيقى. لاترفض نصيحة قلبك. لا تعتبرها مجرد نصيحة من مخبول أو من عاطفة لاقيمة لها، ولا تعتبر أن كل شيء هو «عين العقل».. القلب له أعين أكثر من عين العقل.. ولنجاة الصغيرة - من تأليف العظيم عبدالرحمن الأبنودى- أغنية بديعة بعنوان «عيون القلب».. وهذا قول شاعر.. والشعراء الحقيقيون أبناء عمومة «زرقاء اليمامة» ونبوءاتها الصادقة.

امنح قلبك الفرصة ليفتيك، وإن قال لك أحد بعكس ذلك فثق أنك لن تجنى سوى المر. هى مسألة تتجلى لك بعد انقشاع غمة العقل.. تعتدى على حق أخيك فى الميراث، ثم تجد قلبك يئن ودموعك تنسال حزنًا على أنك لم تتوضأ بالمحبة وتصلى بالإنسانية. تلتحق بوظيفة دون أخرى فتجدها وبالًا عليك وأنها تئد طموحك وتنهك قواك. تشترى بكل الحسابات التى ترتبها- أو تلفقها فى عقلك- شقة سكنية، فتجد أنك لم تجاور سعيدًا وإنما شيطانًا رجيمًا، وأن الفتى الذى يتصدى للقيام بأعمال الإمام فى ذلك المسجد الصغير ينكد عليك عيشتك، فهو يفح كالأفعى، ويقرفك بصوته المتحشرحج أو «المسرسع» صدئ الحنجرة.

استفت قلبك وأنت تمنح أول وعد لامرأة، وأول مصافحة باليد، تكون شراكة مع أصدقاء العمر!